التشكيلة الاساسيّة للنادي الصفاقسي …ظهور محتمل لايمن دحمان    معدل صرف الدينار يواصل صموده في مواجهة اهم العملات الاجنبية خلال التسعة اشهر الاولى من سنة 2024    إحباط تهريب حواليْ 630 ألف أورو برأس جدير: تفاصيل جديدة    رئيس الحكومة ياذن بتعزيز اليات نظام "الطالب الباعث" وتسهيل الانخراط فيه    معهد علوم وتكنولوجيا البحار: هذه أسباب نفوق يرقات و أسماك ببحيرة بوغرارة    جرجيس: إرتفاع منسوب مياه البحر    بن عروس: تفكيك شبكة مختصة في ترويج المخدرات بالأوساط التربوية    تونس: الأمطار متواصلة الى غاية الأسبوع القادم    الفيلم التونسي "الڤطرة" ضمن فعاليات الدورة الثانية من مهرجان نواكشوط السينمائي الدولي    "إسرائيل" تتهم إيران بمحاولة اغتيال نتنياهو    جلّها في الثمانينات من العمر: إرتفاع عدد الوفيات في إيطاليا    تونس وايطاليا تبحثان تعزيز التعاون الاستراتيجي في مجال الصحة    شبيبة العمران الإتحاد المنستيري: التشكيلة الأساسية للفريقين    قريبا: علاء الشابي وزوجته في ''أنا والمدام''    وزير التجارة: لدينا كميات من القهوة تكفينا الى غاية منتصف 2025    المنستير: الإطاحة بمروجي مخدرات وحجز حوالي 6 كغ من "الكوكايين" و462 صفيحة "زطلة" (فيديو)    وزيرة الأسرة: قطاع مندوبي حماية الطفولة سيتدعم، قريبا، بانتداب 40 مندوبا مساعدا    جدة تحتضن مباريات كأس السوبر الإسباني    تقرير: واشنطن أرسلت سرا جنود كوماندوز إلى إسرائيل    عاجل/ إصابة كهل بحروق من الدرجة الثانية إثر اندلاع حريق بمنزله..    البنك التونسي للتضامن يضاعف تمويلات منتجي التمور إلى 12 مليون دينار    أعلاها 147 مم بهذه الجهة: كميات الأمطار المسجلة خلال 24 ساعة..    مبادرة لتنقيح القانون الأساسي لمؤسسة الاصدار.. قراءة اولية    ابرام اتفاقيات بين جامعات تونسية وجامعة وايومنغ الأمريكية    ايران تصدر تحذيرات جديدة للاتحاد الاوروبي والامارات    الرابطة الثانية: البرنامج الكامل لمواجهات اليوم من الجولة الإفتتاحية    حاجب العيون وفاة كهف جرفت الأمطار سيارته    وحدَه كان كتيبة إسناد    اليوم الذكرى 197 لإنشاء العلم الوطني التونسي    يا يحي .. خذ القضية بقوة..    كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الأخيرة    اكتشفوا رفاهية العيش في إقامة اللؤلؤة بسهلول 4 – سوسة خلال أيام الأبواب المفتوحة    بطولة قطر - فرجاني ساسي هداف مع الغرافة امام ام صلال    كاتبة الدولة المكلّفة بالشركات الأهلية: الحكومة ماضية قُدما في مأسسة هذا الخيار الاقتصادي    اطلاق سراح 12 تونسيا موقوفا في السجون الليبية    بطولة كالغاري الكندية للتنس: عزيز دوقاز يصعد الى الدور قبل النهائي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    خامنئي: "السنوار وجه صفعة قوية للاحتلال والمقاومة ستبقى حية"    "رينو" تكشف عن سيارة كهربائية فرنسية مزودة بتقنية "تشات جي بي تي    «لارتيستو» الممثلة آمال سفطة في حوار خاص ب«الشروق» أنا مستعدة للتمثيل حتى في دور شرفي !    عائدات بقيمة 1196 مليون دينار لصادرات المنتوجات الفلاحية البيولوجية    البنك المركزي يتوقّع تحسن النمو الاقتصادي هذا العام    وزيرة الشؤون الثقافية تستقبل السفير التركي بتونس    الدورة ال28 من المهرجان الدولي للأغنية الريفية والشعر البدوي بالمزونة من 1 الى 3 نوفمبر القادم    عدد جديد من مجلة "تيتيس": كاتب ياسين ... في الذاكرة    وزارة الصحة تؤكد القضاء على الباعوض الناقل لحمى غرب النيل بنسبة 90 بعد تسجيل 9 اصابات بالفيروس في عدد من الولايات    حركات المقاومة تنعى السنوار وتؤكد استمرار النضال ضد إسرائيل    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة : برنامج مباريات الجولة السابعة    نقلته اسرائيل الى مكان سري.. ما مصير جثمان السنوار؟    11795 قطعة أثرية قرطاجية في أمريكا ... المعهد الوطني للتراث يكشف    مفتي الجمهورية في زيارة لشركة مختصّة في انتاج زيت الزيتون البكر وتعليبه    وزارة الصحة: تلقيح ''القريب '' يحميك من المرض بنسبة تصل الى 90%    وزير الصحة يبرز ضرورة تعزيز جاهزية المستشفيات العمومية لمواجهة الأمراض الفيروسية    تكريم المطرب الراحل محمد الجموسي في أولى سهرات "طربيات النجمة الزهراء"    القصرين: حجز 600 كلغ من البطاطا تعمّد أحد التجار بيعها بأسعار غير قانونية    خطبة الجمعة.. الجليس الصالح والجليس السوء    يتزعمها الفحاش والبذيء وسيء الخلق...ما حكم الإسلام في ظاهرة السب على وسائل التواصل الإجتماعي ؟    منبر الجمعة .. الصدق روح الأعمال !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على هامش إجراء أول مباراة لولوج مركزتكوين المفتشين في عهد فلسفة"التناوب والتوافق
نشر في الفجر نيوز يوم 26 - 04 - 2009


محمد سعيد الريحاني الفجرنيوز
تمهيد:
بعد إغلاق ناهز العقدين من الزمن، موسم 1995- 1996، تحقق أخيرا الأساتذة المغاربة من خبر إعادة فتح مركز تكوين المفتشين التربويين بالعاصمة الرباط وصدرت في موضوع تنظيم
"مباراة الدخول إلى مسلك تكوين المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي من الدرجة الأولى" بتاريخ 6 صفر 1340 الموافق ل 2 فبراير 2009 المذكرة الوزارية رقم 9، بناء على مقتضيات المرسوم رقم 2.08.521 الصادر في 19 من ذي الحجة 1429 الموافق ل 18 ديسمبر 2008 في شأن إعادة تنظيم مركز تكوين مفتشي التعليم وعلى قرار وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي بتحديد كيفية الدخول إلى مسلك تكوين المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي من الدرجة الأولى.
وقد قوبل إعلان إطلاق هده المباراة بهرولة غير مسبوقة من قبل رجال التعليم لاجتياز المباراة بحيث ناهز عددهم في بضعة أيام السبعة ألف مترشح قدموا لمراكز الامتحان بالعاصمة الإدارية من كل ربوع البلاد ومن كل الأجيال...
لماذا يهرول أساتذة التعليم الابتدائي لتغيير الإطار من خلال بوابة التفتيش؟
لمادا يهرول أساتذة التعليم الابتدائي لتغيير إطارهم باللجوء إلى مباراة ولوج مسلك التفتيش بينما بعضهم يعلم علم اليقين بحتمية احتفاظه بنفس الراتب والسلم الإداري الذي يشغله كمدرس في القسم وهو السلم 11؟
إن السبب لا يكمن في الهروب من القسم بل في الهروب من مهنة تشمل داخلها كل مهن قطاع التعليم. فأستاذ التعليم الابتدائي يبقى الموظف الوحيد في قطاع التعليم بالمغرب من أدناه إلى أعلاه، من التعليم الابتدائي فالتعليم الإعدادي ثم الثانوي فالجامعي، المحروم من التخصص في أدائه المهني. فبينما لا يقوم المفتش سوى بمهمة واحدة واضحة في تسطيرها وهي التأطير التربوي للمدرسين والمديرين، تبقى وظيفة أستاذ التعليم الابتدائي تجمع داخلها مهام أحد عشر موظفا في جسد موظف واحد. فالمعلم هو:
- مُعيد: حراسة التلاميذ في الساحة، تنظيم الصفوف، ضبط توقيت الدخول والخروج والاستراحة...
- وحارس عام:تعبئة النتائج في الدفاتر المدرسية وانجاز المعدلات الدراسية...
- ومقتصد: إدارة المطاعم المدرسية في المدارس الفرعية بالأرياف...
- وأستاذ لمادة الرياضيات
- وأستاذ لمادة اللغة الفرنسية
- وأستاذ لمادة اللغة العربية
- وأستاذ لمادة النشاط العلمي
- وأستاذ لمادة التربية الإسلامية
- وأستاذ لمادة الاجتماعيات
- وأستاذ لمادة الفنون التشكيلية
- وأستاذ لمادة التربية البدنية
إضافة إلى إمكانية تدريسه لفصلين دراسيين دفعة واحدة وفي قسم واحد فيما صار يتقبله العموم ويسمونه ب"التدريس المشترك" وب"الأقسام المشتركة".
مباراة ولوج مسلك تكوين المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي من الدرجة الأولى: تصريحات المسؤولين
جوابا عن سؤال "هناك سرعة قصوى بين فتح المركز، وصدور المرسوم والمذكرة والانتقاء، البعض يتهمكم بالتسرع وبإمكانية وقوع تجاوزات وبلبلة وتشويش"، أجابت السيدة مديرة مركز التفتيش في لقاء صحفي أجرته معها جريدة "التجديد" المغربية عدد 27 فبراير 2009:
"كنا ننتظر منذ أكثر من سنة أن يفتح المركز بشكل عادي على أكثر تقدير في أكتوبر المنصرم، علما أن أغلب الإجراءات الإدارية من قرارات ونصوص قانونية تنظم المباراة ونظام الدراسة والتقويم، أعدت مباشرة بعد مصادقة المجلس الوزاري على المرسوم في 20 أكتوبر 2008، وكنا ننتظر فقط اكتمال الإجراءات القانونية وتحديدا الصدور في الجريدة الرسمية. لذلك بنينا فتح المركز في هذه الفترة حتى لا نضيع السنة الدراسية 2008/2009 ونحسبها في نظام دراسة الفوج الأول، والذي سيتخرج إنشاء الله في 2010. نعم ستظهر هذه العمليات كأنها كانت سريعة وربما فيها نوع من الارتجال، ولكن في الحقيقة كانت محضرة من قبل، حتى التواريخ أطرناها وتم تعديلها في إطار التنظيم، حيث التزمنا من خلالها فتح المركز".
وجوابا عن سؤال "ما هي الضمانات حتى تمر مباراة ولوج المركز في ظروف عادية؟"، أجابت السيدة مديرة مركز التفتيش بالرباط :
"ككل المباريات هناك ضوابط قانونية لابد من الالتزام بها، وهذه الضوابط تم إرساؤها في إطار لجان تسهر على المباراة وفق القرار المنظم للمباراة، وبالتالي نحن نفتح المركز لجميع الملفات، علما أن هناك لجنة للانتقاء تعمل وفق معايير محددة، حيث ستقدم اللائحة للمترشحين لاجتياز المباراة الكتابية، أيضا هناك لجنة للحراسة، ثم لجنة للمقابلة(الشفوي)، حيث سيتم فتح إمكانات أوسع للمترشحين لإبراز تصورهم وقدراتهم قصد ولوج المركز..."
المذكرة 9 التنظيمية لمشاركة الأساتذة في الامتحان والمذكرة 17 التوضيحية للنقابات:
حددت المذكرة 9 المنظمة لامتحان ولوج مسلك تكوين المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي من الدرجة الأولى شروط الترشيح ومكونات ملف الترشيح وعنوان إيداع ملف الترشيح وتنظيم المباراة ﴿من خلال الانتقاء الأولي وتحديد توقيت الاختبارات الكتابية الاختبار الشفوي﴾ إلى عدد المقاعد المتبارى عليها هدا الموسم، فمدة التكوين ومقر التعيين بعد التخرج ثم رزنامة المباراة.
لكن العجلة والاشتغال تحت الضغط ب"معناه الواسع" كانا ظاهرين مند صدور المذكرة رقم 9 حيث سجلت وزارة التعليم أول تراجع لها عما سطرته في المذكرة التنظيمية بعد دخول ممثلي النقابات الداعية لإضراب 10-11 فبراير 2009 للاستفسار في "اليوم الثاني للإضراب" عن سبب إقصاء أساتذة السلم 11 من المباراة فبررت الوزارة الوصية الأمر ب"السهو" لحظة تحرير المذكرة وأصدرت للتو المذكرة التوضيحية رقم 17 وأول بنودها:
" فيما يخص الفقرات المتعلقة بشروط الترشيح لكل المسالك، فإن الشروط المنصوص عليها في هذه الفقرات تعتبر حدا أدنى للترشيح"، وهو ما يعني أن المباراة لا تخص أساتذة السلم 10 بل أساتذة السلم 11 أيضا.
أما شروط الترشيح الواردة في المذكرة 9:
"يتم القبول في مسلك تكوين المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي من الدرجة الأولى، على إثر انتقاء أولي بناءً على دراسة ملفات الترشيح وبعد النجاح في مباراة تفتح في وجه أساتذة التعليم الابتدائي من الدرجة الثانية المرسمين، والمتوفرين على عشر سنوات من الخدمة الفعلية في مجال التربية والتدريس، منها أربع سنوات من الخدمة بهذه الصفة".
أما عن تنظيم المباراة، فشددت المذكرة رقم 9 على "الانتقاء الأولي":
"يتم انتقاء أولي للمترشحين بناء على دراسة ملفات الترشيح التي تتضمن المعلومات اللازمة عن المترشح ومساره المهني، وتصوراته عن البحث التربوي الدي يرغب في إنجازه بالمركز. ويجتاز المترشحون الدين تم انتقاؤهم اختبارات كتابية واختبار شفوي".
كما قدمت المذكرة رقم 9 جدولة زمنية للاختبارات الكتابية التي بدت للمترشحين قبل إجراء الامتحان ووضعها على المحك، مضبوطة بحيث يمكن معرفة توقيت مواد الاختبارات الكتابية ومدة إنجازها ومُعاملُها:
التوقيت
الاختبارات الكتابية
مدة الإنجاز
يوم الخميس 26 فبراير 2009
من الساعة (9.00) صباحا
إلى الساعة (12.00) زوالا
اختبارات في المعارف المرتبطة بالتعليم الابتدائي (المعامل 3)
3 ساعات
يوم الخميس 26 فبراير 2009 من الساعة (15.00) زوالا
إلى الساعة (17.00) مساء
اختبارات في بيداغوجية التخصص (المعامل 1)

ساعتان (2)
يوم الجمعة 27 فبراير 2009
من الساعة (9.00)
إلى الساعة (11.00) صباحا
موضوع عام حول قضايا التربية والتكوين (المعامل 1)
ساعتان (2)
أما عن إيداع ملف الترشيح، فنصت المذكرة الوزارية رقم 9 على ما يلي:
* يتم الإعلان عن نتائج الانتقاء الأولي بمركز تكوين مفتشي التعليم الكائن بباب تامسنة- العكاري الرباط- ابتداء من يوم 23 فبراير 2009 ويعتبر هدا الإعلان بمثابة استدعاء رسمي للمشاركة في الشطر الكتابي من المباراة ﴿لكن: لماذا لن تُشَغّلَ الأظرفة المتنبرة والبريد الالكتروني ورقم الهاتف المودع في ملف الترشيح داخل "الظرف المشمع" المطلوب في فقرة سابقة من ذات المذكرة؟﴾
* يجري الشطر الكتابي من المباراة يومي 26 و27 فبراير 2009.
* يتم الإعلان عن نتائج الشطر الكتابي بمركز تكوين المفتشين يوم 3 مارس 2009 ويعتبر هذا الإعلان بمثابة استدعاء رسمي للمشاركة في الشطر الشفوي من المباراة ﴿مرة أخرى: لماذا لا تُشَغّلُ الأظرفة المتنبرة والبريد الالكتروني ورقم الهاتف المودع في ملف الترشيح؟﴾
* يجري الشطر الشفوي من المباراة ابتداء من يوم 6 مارس 2009
* يعلن عن النتائج النهائية يوم 9 مارس 2009
* ينطلق التكوين بالمركز ابتداء من يوم 12 مارس 2009
ولعل الاحتفاء بتدقيقات الهروب إلى الأمام تبقى هي الأسطع في الوقت الذي كان فيه من الأجدى تحديد سن المترشحين ﴿25-55 سنة، مثلا﴾ وتحديد لغة تكوينهم ﴿مُعرب أم مزدوج﴾ لإزالة اللبس الذي فجرته مديرة المركز في الحوار السابق الإحالة عليه: "مفتشي التعليم الابتدائي سَيُؤَطّرونَ مُدَرسي اللغتين العربية والفرنسية معا".
عودة إلى المذكرة التنظيمية للامتحان: المذكرات والارتجالية والغموض
الذي لا يعرف ولم يسمع ب"فشل" الميثاق الوطني للتربية والتكوين قد تبهره هذه الدقة في المواعيد وتسلسلها ولكن العقلية التي أنتجت "الفشل" في الميثاق الوطني للتربية والتكوين لا يمكنها إلا أن "تكرره" في باقي التدابير التي تكون وراءها. وبذلك، لم يتحقق شيء مما سُطّر على ورق المذكرات الوزارية التنظيمية لا المذكرة رقم 9 ولا خليفتها رقم 17.
"الشرط-المفتاح" لقراءة مستقبل الامتحان الذي صار في خبر كان:
من الأمور الطريفة الواردة في المذكرة الوزارية رقم 9 هو هذا الشرط "الغريب" الذي لحق بهذه الجدولة الزمنية "الدقيقة": "ولا يتأهل لاجتياز الامتحان الشفوي إلا المترشحون الدين حصلوا على معدل عام يساوي على الأقل 10/20 في الاختبارات الكتابية"! وهو شرط غريب ويبعث على طرح السؤال التلقائي التالي: "هل هناك امتحانات مهنية أخرى يتأهل فيها للاختبار الشفوي من لم يحصلوا على المعدل؟!"
إن هدا "الشرط"، بالإضافة إلى "شروط أخرى" التي وحدها الأيام الموالية للامتحان أثبتت فعاليتها في "التمثيل" على حوالي سبعة آلاف 7000 مترشح كانوا تحت ضغط الجلبة والعَجَلَة والعُجَالة والاسْتعْجَالية التي هيمنت على أجواء الامتحان فشوشت على تفكيرهم وأفلتت من إدراكهم. ومن هده الشروط: وضع ملف الترشيح في ظرف مشمع وانتظار الانتقاء الأولي وضرورة إرفاق الملف بالسيرة الذاتية وذكر درجة إتقان التعامل مع الحاسوب وغيرها من الشروط المعمول بها في دول نمور آسيا واسكندينافيا والاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة الأمريكية!...
ما بين الانتقاء المعلن في المذكرة التنظيمية والإقصاء الواضح للعموم:
قبل إجراء الامتحان الكتابي ب"ثمان وأربعين ساعة"، تم الإعلان على موقع وزارة التربية الوطنية على الإنترنت عن لائحة الأساتذة "المنتقين" لحضور مراكز الامتحان وعددهم يقارب السبعة آلف 7000 أستاذ منتقى! وبقراءة متأنية رغم ضيق الزمن ما بين تاريخ الإعلان وتاريخ إجراء الامتحان، تبين أنه "لم يكن هناك انتقاء" وأن كل من أرسل ملف ترشيحه وجد اسمه ضمن لائحة الأساتذة "المنتقين" لاجتياز الشق الكتابي من مباراة الدخول إلى مسلك تكوين المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي من الدرجة الأولى!
"الانتقاء الأولي"، كما أعلن عنه في المذكرة الوزارية رقم 9، بدا عند الإعلان عنه أنه كان مجرد "تخريجة" لصرف الانتباه عن "عدم قراءة ملفات المترشحين" فما كان أقرب لمصمم موقع الوزارة هو اسم المترشح ونيابته ورقم بطاقته ورقم تأجيره وما كان عليه سوى ترتيبها على الموقع إرضاءَ لخواطر الموظفين كي يهلل كل واحد من مدينته ويفرح بحَظه وسَعْده. أما مسؤولية لجان الانتقاء وعملها في فرز ملفات الترشيح فلا يمكن لأحد الاستدلال عليها في اللوائح!
أما "الانتقاء الثاني" فقد تلا الاختبارات الكتابية و"عَوّضَ" بدلك مرحلة "التصحيح" المعمول بها في كل ثقافات الأرض. وقد شمل "الانتقاء الثاني"، وهو بالمناسبة صيغة مغربية جديدة بديلة عن "تصحيح أوراق الامتحانات"، في غالبيته "صغار السن" من المترشحين! لقد كان الأمر "إقصاء" Elimination بكل المعايير ولم يكن "انتقاء" Sélection لنخبة ممن سيعهد إليهم خلال التكوين وبعده بمهام خطيرة المسؤولية.
إذا كان الهاجس المحرك لإعادة فتح مركز تكوين المفتشين هو ضغط تعويض المفتشين المرشحين للتقاعد بمفتشين جدد ب "أعمار صغيرة" يصلحون للعمل لمدة 30 عاما قادمة وبنفس راتب المدرس في القسم بدل شرط "الأهلية للمنصب، فما جدوى امتحان مهني لاختيار "أطر عليا" ستسهر على رعاية النهوض بالتعليم أو إصلاحه؟
ثم إدا كانت الامتحانات المهنية الخاصة بالترقية يتصدر لائحة "التنجيحات" فيها "النقايبية" و"الحزايبية" ضمن مسلسل "التكريم" المعروف؛ وامتحانات تغيير الإطار، بما فيها امتحان ولوج مسلك تكوين المفتشين التربوين يتصدر لائحتها "صغار السن" من الموظفين... فمتى يحن دور الامتحانات الحقيقية التي ستفرز الكفاءات الحقيقية للإقلاع الحقيقي بالتعليم الحقيقي؟!...
"الغموض" كعائق ولعنة و"الغموض" كاختيار وتكتيك:
"الغموض" الذي لازم مجريات امتحان ولوج مسلك المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي، تماما كما يلازم مجريات باقي الامتحانات المهنية في مغرب "التناوب والتوافق والت..."، لا يمكنه أن يكون إلا أحد اثنين:
* فإما أن يكون "الغموض" عائقا مفروضا ولعنة خارجية؛
* وإما أن يكون "الغموض" اختيارا إراديا وتكتيكا واعيا.
ولكن مادامت السيدة مديرة مركز التفتيش في لقائها الصحفي السابق الإشارة إليه تؤكد:
"كنا ننتظر منذ أكثر من سنة أن يفتح المركز بشكل عادي على أكثر تقدير في أكتوبر المنصرم، علما أن أغلب الإجراءات الإدارية من قرارات ونصوص قانونية تنظم المباراة ونظام الدراسة والتقويم، أعدت مباشرة بعد مصادقة المجلس الوزاري على المرسوم في 20 أكتوبر 2008 ﴿...﴾ نعم ستظهر هذه العمليات كأنها كانت سريعة وربما فيها نوع من الارتجال، ولكن في الحقيقة كانت محضرة من قبل، حتى التواريخ أطرناها وتم تعديلها في إطار التنظيم، حيث التزمنا من خلالها فتح المركز".
وما دام كل شيء تحت السيطرة، يبقى"الغموض" الذي هيمن على أجواء إعلان فتح مركز تكوين المفتشين وساد أجواء الامتحانات الكتابية والشفوية "غموضا" اختياريا وتكتيكيا واعيا لتحقيق أهداف مسطرة!
"الغموض" وأساليب التدبير الفرجوية لأول امتحان ولوج مركز المفتشين 2009 في عهد "التناوب والتوافق والت...":
إذا كانت البنود التسعة الواردة في المذكرة الوزارية رقم 9 لم تتحقق ولم يتحقق منها شيء: لا الانتقاء القبلي مادام جميع المترشحين بدون استثناء قد تم استدعاؤهم؛ ولا سلم المتباري بعدما أضيف سلم ثان هو السلم 11؛ ولا ترتيب المواد الممتحن فيها داخل قاعات الامتحان بعدما عُجّلَ بمادة "حول قضايا التربية والتكوين" التي كانت مقررة يوم الجمعة 27 فبراير 2009 على الساعة (9.00) وفُرضت على الأساتذة المترشحين في كل مراكز الامتحان بالرباط يوم الخميس 26 فبراير 2009 على الساعة (15.00) زوالا تحت مبرر "الخطأ" بينما أجلت مادة "بيداغوجية التخصص" لليوم الموالي ﴿حدث دلك دون سابق إشعار وفي عموم مراكز الامتحانات بالعاصمة لدلك اليوم وبنفس الطريقة والتقديم﴾؛ كما لم تحترم تواريخ إعلان نتائج الامتحان ولا تصحيح أوراق الامتحانات ولا احترام لإرادة المتبارين سيرا وراء التقليد الجديد في تنظيم الامتحانات المهنية "عهد التناوب والتوافق والت...".
تكتيك "الغموض" كان الهدف منه هو تدمير تركيز المترشحين وإرهاقه والتأثير على معنوياتهم لتقبل النتائج كيفما كانت:
* استدعاء المترشحين السبعة آلاف دون استثناء ودون إجراء انتقاء أولي كما هو محدد في المذكرة الوزارية.
* تسطير مواعيد بعينها واعتماد أخرى مغايرة ﴿لم ينطلق التكوين بالمركز ابتداء من يوم 12 مارس 2009 كما حُدّد دلك في المذكرة بل ترك المجال للشائعات التي تنمو وتترعرع لحد الساعة بإمكانية فتح المركز في السنة الدراسية المقبلة مع شهر شتنبر2009! ﴾..
* تقديم مواد للامتحان وتأخير أخرى ضدا على برنامج الامتحان.
* إجراء أطوار امتحان في العاصمة الإدارية في وقت يسيطر فيه على كل الفنادق مؤتمرون منضوون تحت يافطة احد الأحزاب السياسية المستعدة لانتخابات يونيو 2009 ، فارضين على الأساتذة المترشحين لاجتياز الامتحان السفر إلى مدن أخرى للبحث عن فنادق...
* اعتماد الامتحان في آخر الشهر وعدم قدرة الكثيرين على تحمل مصاريف الإقامة والتنقل قبل دخول الراتب الشهري إلى حسابهم البنكي.
* إجبارية حضور جميع المتبارين إلى العاصمة من جميع مدن الوطن الشاسع الأطراف...
فلسفة إعلان نتائج الامتحانات المهنية في عصر "التناوب والتوافق والت...":
عوض إظهار نتائج المباريات كما هو مقرر يوم الأربعاء 4 مارس 2009 ، تم التشويش على الموعد بإعلان نتائج 13 مباراة مهنية "مغايرة" جرت في 24 دجنبر من السنة الماضية، 2009، وهي خاصة بالمتصرفين والمتصرفين المساعدين وأعوان التنفيذ الممتازين والأعوان العموميين من الصنف الثاني وأعوان الخدمة الممتازون والمحللين والمحللين المنظمين والإعلاميين المختصين والمحررين والمحررين الممتازين والكُتاب والكُتاب الممتازين والتقنيين من الدرجة الأولى.
وهدا "التشويش"، إذا ما وُضع في سياقه الإداري فإنه يصبح تقليدا إداريا مغربيا خالصا يشتغل عادة في أوقات الحرج: تأخير إعلان نتائج مباراة أو تغيير عنوان مركز إجراء مباراة أو غيرها من الاختيارات الإدارية التي قد تورط الإدارة اللاقانونيةقانونيا...
ولعل أقرب مثل على ذلك هو تاريخ إعلان مباراة السلم 10 والسلم 11 في صيف السنة الماضية 2008. فقد تم إعلان النتائج يوما واحدا بعد نشر الجرائد المغربية الوازنة لبيانات الاحتجاج على نتائج الانتقاء القبلي للأساتذة المترشحين لتدريس أبناء الجالية المغربية بأوروبا الغربية لموسم 2008. فقد نشر البيان يوم 27 يوليوز 2008. ونظرا لعدم مهادنته ولكون الجريدة التي نشرته جريدة حكومية والأمين العام لحزبها هو الوزير الأول، فقد لجأت وزارة التربية والتكوين التي تعمل تحت إمرته إلى إعلان نتائج مباراة ولوج السلمين 10 و11 لأساتذة التعليم الابتدائي التي جرت قبل ثمانية أشهر من دلك التاريخ، في دجنبر 2008. وهدا إن دل على شيء فإنما يدل على أن إعلان نتائج المباريات لا يخضع للانضباط للمواعيد أو لقانون من القوانين أو لاحترام تطلعات لفئات من الموظفين تقدم نفسها ك"صانعة لأجيال الغد"، وإنما تخضع لمنطق "الهروب إلى الأمام" و"للتشويش على المآزق الإدارية المحتملة" و"شراء فرح المكلومين" من المنتظرين... لأن الموظفين اعتادوا على كون نتائج مباريات ولوج السلمين 10 و11 تُعْلَنُ دائما قبل حوالي أربعة أو ستة أسابيع من إجراء المباراة الموالية من السنة الموالية أي أن النتائج تظل مُحتَفظٌ بها في دهاليز الوزارة لمدة تناهز السنة الواحدة درْءَ لكل أشكال المباغتة والاحتجاج وكشف المستور...
خطة استعجالية للنهوض بقطاع التعليم المغربي عبر إسناد المسؤولية لصغار السن من الموظفين:
مباشرة بعد سنة 1996، عاد التعليم المغربي لاختيار "صغار السن" من حملة الشهادات "المتوسطة" في زمن بطالة حملة الشهادات الجامعية العليا وتشغيلهم كأساتذة للتعليم الابتدائي ليس لحاجة التعليم المغربي إلى أساتذة صغار السن (للعب والقفز مع الأطفال في الساحة أو الجري معهم في حصة التربية البدنية) ولا لحسابات اقتصادية (حاجة ميزانية الدولة إلى موظفين قادرين على العمل لأطول مدة ممكنة قبل الوصول إلى سن التقاعد)... وإنما لحسابات أخرى وهي في جميع الأحوال حسابات "غير مُسطرة" و"غير مُعْلنة".
وإذا كان التعليم المغربي قد عرف منذ سنة 1996 ردّةَ تجسدت في نزوعه نحو تشغيل "صغار السن" من الموظفين، فإن مركز تكوين المفتشين الذي فتح أبوابه أخيرا وبعد إغلاق دام حوالي عقدين من الزمن ركز من جانبه أيضا على "صغار السن" من المترشحين بينما الخلفية المتحكمة في فتح المركز هي "الخطة الاستعجالية لإصلاح التعليم" والإعلانات الرسمية ل"فشل ميثاق التربية والتكوين" وتصنيف التعليم المغربي في أسفل الترتيب الدولي الذي أصدره تقرير البنك الدولي للتنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لسنة 2007.
المستوى العلمي لدى الموظف في قطاع التربية والتكوين: تدقيقات في زمن الخلط
يمكن التمييز بين مستويين من مستويات التحصيل العلمي لدى الموظف في قطاع التربية والتكوين بين نوعين من "التحصيل العلمي": التحصيل العلمي لدى الموظف الذي تَكَوّنَ "فعليا" داخل مؤسسة للتكوين (جامعة...) وتفرغ للدراسة والبحث وعاين مستجدات الساحة الجامعية عن كثب؛ وبين "التحصيل العلمي" للموظف الذي تَكَوّنَ خارج أي مؤسسة للتكوين وتلقى تكوينه عن طريق "فوطوكوبي" المحاضرات والدروس من يد الطلبة الذين حضروها ولدلك يبقى هدا الموظف-المتعلم غائبا عن ساحة الجامعة إلى غاية يوم الامتحان. وهدا الصنف الثاني هو الجيل الجديد من "الموظفين-المتعلمين" الدين استفادوا من إغلاق الباب في وجه الخريجين الجامعيين وسعوا للترقي مهنيا وماليا باقتلاع الشهادات الجامعية عن طريق التكوين عن بعد ووضعها على مكاتب الإدارة التي يشتغلون بها في انتظار الترقي المالي والإداري.
"الدراسة عن بعد" و"الدراسة عن قرب":
"الدراسة عن بعد" هي شكل من أشكال "التحصيل العلمي الهاوي". إنها تكتمل وتنضج على طريقة بعيدا عن البيئة الطبيعة لشروط نضجها. لذلك، كانت "أطفال الأنابيب""الدراسة عن بعد" هي الاختيار الأخير لمن يقاوم للتثقف والتكوين لأن هدا الشكل من "التحصيل العلمي" لا يمكنه استيعاب أكثر من "منطوق الدرس".
بينما تبقى "الدراسة في فضاء الدرس والتكوين" هي الواجهة الواضحة والطبيعية ل الذي يلتقي فيه الدرس داخل المدرج بالدرس في الساحة الجامعية بالدرس في المكتبة الجامعية بالدرس في المقصف بالدرس في... لدلك، كان هدا الشكل من "التحصيل العلمي" يتجاوز في استيعابه "التحصيل العلمي الاحترافي""منطوق الدرس" إلى "محيط الدرس ومجاله" وهدا ما يغيب في "التحصيل العلمي الهاوي" الملازم ل"الدراسة عن بعد" المُميزة ل"الموظفين-المتعلمين".
ولعل في الاحتكاك الحاصل بين اختيارات وزارة التعليم وتطلعات الجامعات ما يفسر الأمر: للموظفين باستكمال دراستهم في الجامعة بينما إدارات الجامعات "ترفض" استقبال الموظفين الراغبين في ولوج وحدات فالوزارة الوصية "تسمح"الماستر لعدم انضباطهم للحصص إلا من شفعت له تدخلات سياسية أو غيرها.
الموظف حامل شهادة "التكوين عن بعد" و الموظف حامل شهادة " التكوين في فضاء الدرس":
الموظف حامل شهادة "التكوين في فضاء الدرس" هو "الطالب الخالص" الذي حصَّل على الدروس في حينها وواكب الأحداث العلمية عن كثب ورابض بالحرم الجامعي وتفرغ للعلم وللتحصيل العلمي ولم يسمح لأي عمل آخر أن يقاسمه إياه.
أما الموظف حامل شهادة "التكوين عن بعد" فهو الموظف الذي حصَّل على الدروس بعيدا عن "فضاء الدرس" مكتفيا بجمع المراجع والمطبوعات وفوتوكوبي الدروس ممن حضرها من الطلاب مع الحرص على ضرورة الحضور أيام الامتحانات الكتابية والشفوية لتحقيق الغاية الأسمى، "حصد الشواهد" في أفق "مُرَاكَمَة الترقيات".
إن هَوَسَ "حصد الشواهد" يستحوذ بشكل خاص على طلاب "التكوين عن بعد" لكونهم في غالبيتهم "موظفين". ولأ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.