القاهرة(رويترز)الفجرنيوز:يلقي كتاب عن العمل الأهلي في مصر قبل أكثر من مئة عام أضواء على تأسيس جمعية الهلال الأحمر التي سارعت لمساعدة المقاتلين الليبيين ضد الاحتلال الايطالي حيث أُقيم مزاد بهذا الشأن عرض فيه تمثال من الجرانيت لرمسيس الثالث آخر الفراعنة الأقوياء. وخصصت سلسلة (أيام مصرية) عددها الأخير عن تأسيس جمعية الهلال الأحمر المصري مُسجلة أن عام 1898 شهد تأسيس جمعية الهلال الأحمر المصري التي أُنشئت لمساعدة ضحايا الحملة العسكرية على السودان ففي عام 1896 انطلقت من القاهرة قوات مصرية-بريطانية مُشتركة بقيادة هربرت كتشنر لإخضاع السودان وإعادته الى السيادة المصرية وانتهت الحرب عام 1898 وتركت أيتاما وأرامل وجرحى. وتقول (أيام مصرية) ان باب الاكتتاب العام لمساعدة ضحايا الحرب تبنته ودعت اليه جمعية الهلال الاحمر المصري وكان من أعضائها أحمد فتحي زغلول رئيس محكمة مصر ومن غير المصريين سيدي الحاج محمد الحلو وكيل دولة المغرب الاقصى والخواجة شمعون أربيب أما رئيسها فكان الشيخ محمد عبده. ومن الوثائق التي تمت الاستعانة بها بيان أو "منشور للأمة المصرية" نُشر في الاهرام عام 1898 بتوقيع الشيخ محمد عبده يحث الناس على التبرع قائلا ان الجيش المصري مؤلف "من أفقر وأضعف سكان البلاد...لا أحق من هؤلاء المنكوبين (عائلات الضحايا) بالاعانة والاسعاف." وسلسلة (أيام مصرية) هي كتاب غير دوري يعنى بالتاريخ المصري كما سجلته الصحافة في بدايات القرن العشرين ويقع العدد الاخير في 98 صفحة كبيرة القطع مزودة بمجموعة من الصور النادرة ويشرف على تحرير السلسلة أحمد كمالي وعمرو ابراهيم. وتسجل (أيام مصرية) أن الميلاد الثاني لجمعية الهلال الاحمر المصري كان في أكتوبر تشرين الاول 1911 على يد صاحب ورئيس تحرير صحيفة (المؤيد) الشيخ علي يوسف الذي تولى رئاسة الجمعية الجديدة بهدف مساعدة الجرحى والمرضى من المقاتلين الذي يتصدون للجيش الايطالي الذي غزا ليبيا عام 1911. وتضيف أن بريطانيا التي كانت تحتل مصر آنذاك فرضت على القاهرة التزام الحياد من الحرب الدائرة على الحدود الغربية للبلاد لكن أشكال المساعدة تنوعت "بين تهريب السلاح والمؤن والذخيرة لرجال المقاومة الطرابلسية عبر الحدود المصرية." وترصد ردود فعل المصريين إزاء الدعوة للتصدي للغزو الايطالي حيث تشكل ما عرف باسم (اللجنة العليا لمساعدة الدولة العلية في الحرب الطليانية) لتنظيم عملية التبرع الذي كان مقدمة لتأسيس جمعية الهلال الاحمر المصري حيث أصبحت صحيفة (المؤيد) لسان حاله داعية "كل طبيب أو أجزجي (صيدلي) أن يكون في بعثة الهلال الاحمر" المتجهة الى ليبيا. وتضيف أن التبرعات أتت من الجميع من الباشوات والأثرياء والموظفين والتجار الى عامل التلغراف حتى ان الطبيب محمد رشدي " حكيمباشي محافظة مصر" أهدى الجمعية 25 نسخة من كتابه (الإسعافات الطبية الجراحية والباطنية) ليستعين بها الأطباء المتطوعون في ليبيا بعد انتشار مرض الكوليرا آنذاك. وتبرع صاحب مخبز عابدين بالقاهرة بتقديم الخبز اللازم للبعثة الطبية الاولى. كما ألف تلاميذ مدرسة الناصرية بالقاهرة لجنة لمساعدة جمعية الهلال الاحمر برئاسة التلميذ النجيب عبد العزيز فهمي. أما حسن بك كامل الطبيب بمدينة طنطا شمالي القاهرة فأقام حفلا لصالح الجمعية "يطرب فيه باسم الانسانية بلبل مصر المغني عبد الحي أفندي حلمي" كما قدم عبد الله عكاشة عرضا لمسرحية صلاح الدين الايوبي الذي يتقمص مهنة الطبيب ويعالج خصمه ريتشارد قلب الأسد "وقررت الجمعية أن يضع صلاح الدين في المسرحية إشارة الهلال الاحمر على صدره ويضع وزيره عماد الدين راية الهلال الاحمر على رأسه" وذهب ايراد الحفل الى الجمعية. وأُقيمت سوق خيرية أيضا عرض فيها "ساعة ذهب جميلة من محل الخواجة بنش وعدد 36 زجاجة قطرة مظلوم وعدد 36 علبة بنك مسهلة وعلبة سجاير فضة وجزمة مقاس 36 أطلس من الخواجة سيدهم أفندي تادرس وخاتم ذهب بفص فاروز و21 صندوق فيها 1900 سيجارة تبرع من رئيس شركة سجاير الزهرة و2 جوز (زوج) أساور من الذهب دولبيه من الست أمينة الصيرفية و2 ريشة تنفيض وعدد 100 من كتاب البؤساء." ومن نفائس ما عُرض في السوق الخيرية تمثال أثري أهداه جامع الآثار سعد الدين باشا مدير محافظة الغربية سابقا والتمثال الجرانيتي للملك رمسيس الثالث وطوله حوالي 60 سنتيمترا. ورمسيس الثالث الذي حكم مصر بين عامي 1198 و1166 قبل الميلاد لم يكن ابنا لرمسيس الثاني لكنه كان معجبا به واستعار اسمه وحاكاه وأصبح اخر فراعنة مصر المحاربين وتمكن من القضاء على شعوب البحر الذي كانوا يهددون الحدود الشمالية لمصر. وتسجل (أيام مصرية) أن البعثة التي ضمت أطباء وصيادلة توجهت من القاهرة الى مدينة الاسكندرية الساحلية ومنها الى بنيغازي الليبية كانت برئاسة الطبيب السوري عزت الجندي بك.