إذا كان الجبالي قد حرص في الخطاب الذي ألقاه في الجلسة الصباحية لهذا اليوم على إعطاء تطمينات في كل الإتجاهات وحث الشركات والفاعلين الإقتصاديين ورجال الأعمال على "الاستثمار في الديمقراطية"، فإن وزير خارجيته رفيق عبد السلام تناول في لقاءات أجراها في اليوم السابق العلاقات الثنائية لبلاده مع عدد من الدول من بينها سويسرا التي شددت على استمرار دعمها المقدم في إطار المرحلة الانتقالية،مع إثارة مشكلة المهاجرين غير الشرعيين التونسيين التي أدت إلى زوبعة إعلامية في الآونة الأخيرة في بعض المناطق السويسرية. في الواقع كان لقاء وزيري الخارجية التونسي والسويسري اختبارا للرجلين في نفس الوقت لأنها المرة الأولى التي يظهر فيها ديديي بوركهالتر أيضا بصفته وزير خارجية في الحكومة الفدرالية منذ توليه هذا المنصب في أول يناير الجاري. ومن هذا المنطلق كان هناك اهتمام كبير لوسائل الإعلام برؤية الوزيرين في دورهما الجديد. فقد اجتمع الوزير السويسري بنظيره التونسي رفيق بن عبد السلام أمس في منتجع دافوس على هامش أشغال المنتدى الاقتصادي العالمي.وقد سمح هذا اللقاء مثلما أوضح الناطق باسم الخارجية جون مارك كورفوازيي للجانب السويسري ب "إعادة تأكيد الدعم الذي تقدمه سويسرا لتونس في مرحلتها الانتقالية".وهو الدعم الذي خصصت له سويسرا 12 مليون فرنك في عام 2011 وأكثر من 24 مليون فرنك سويسري للعام الجاري. في سياق متصل حرص الجانب السويسري على إثارة موضوع الهجرة غير الشرعية مع الوفد التونسي وبالأخص توافد المئات (حوالي 2500)من طالبي اللجوء التونسيين بعد سقوط نظام بن علي في تونس وانطلاق موجة ثورات الربيع العربي.ويجدر التذكير أن العديد من المناطق السويسرية عرفت في الأشهر الماضية توافدا مكثفا لفئة من المهاجرين الشباب القادمين من تونس عبر إيطاليا أثارت تصرفاتها بعض الحساسيات والامتعاض في بعض المناطق المجاورة لمراكز اللجوء والإيواء. وفي هذا الصدد، صرح وزير الخارجية السويسري ديديي بوركهالتر لوسائل إعلام سويسرا "لقد تبادلنا وجهات النظر حول هذا الموضوع وتوصلنا إلى موقف واضح وهو فتح النقاش على المستوى السياسي لتحسين التعاون" في هذا المجال.ويبدو أن الأمور لم تبق على مستوى النوايا، بل تعدتها إلى خطوات عملية حيث أعلن بوركهالتر أن "وفدا تونسيا سيزور سويسرا بعد بضعة أيام لمناقشة التفاصيل التقنية".وكان الناطق باسم الخارجية قد أوضح في وقت سابق أن الموضوع "يتعلق بالتفاوض على اتفاقية لإعادة المهاجرين" غير الشرعيين الذين ترفض السلطات طلبات اللجوء التي يتقدمون بها في سويسرا. ودائما حسب الناطق باسم الخارجية السويسرية، يبدو أن الجانب التونسي قد قبل النظر في مثل هذا الإتفاق لإعادة المهاجرين غير الشرعيين، لكن وزير الخارجية التونسي شدد على الوضع الإستثنائي الذي تعرفه تونس حيث قامت بإيواء أكثر من مليون لاجئ أثناء الحرب التي شهدتها ليبيا في العام المنقضي، والذين مازال عشرات الآلاف منهم متواجدين في الأراضي التونسية