بعد النتائج المفاجأة التي شهدتها انتخابات جمعية المحامين الشبان، بدأت ملامح الحملة الانتخابية للهياكل الرسمية للمحاماة تتشكل على وقع تلك النتائج. وبأسلوب قد يختلف عن الأساليب المتوخاة في السابق. المشهد الأول هو بداية النقاش الذي يشبه إلى حدّ ما التفاوض، حول أسماء بعينها يمكن ترشيحها للفروع ولمجلس الهيئة الوطنية وتستأثر العمادة ورئاسة فرع تونس بالنصيب الأهم من هذه النقاشات، التي تجري خلال هذه الأيام سواء في نادي المحامين بسكرة أو بفضاء قصر العدالة بتونس، ومن المنتظر أن تتوضح الصورة بأكثر جلاء أثناء الندوة التي ستعقدها الهيئة الوطنية بمدينة الحمامات قريبا. أصحاب القائمات غير المنتصرة في انتخابات الجمعية هم المعنيون حاليا بهذه النقاشات فيما اختار المحامون التجمعيون خوض «معاركهم» بصمت خلافا للعادة. ويبدو ان هذه النقاشات أفرزت روابط ثنائية للترشحات بمعنى الربط بين العميد ورئيس فرع تونس، ثم في مرحلة ثانية اختيار أسماء لعضوية مجلس الهيئة. ويعتمد هذا الأسلوب لدى أنصار العميد الحالي الذين يطالبون باختيار مرشحهم مقابل المساندة لمن يتحالف معهم في التصويت على رئاسة الفرع، فيما حسم اليساريون أمرهم باختيار الأستاذ عبد الستار بن موسى كمرشح للعمادة والأستاذ محمد الهادفي لرئاسة فرع تونس. أنصار التيار غير الوضعي مستعدون للاتفاق مع قائمة العميد الحالي على أن يحافظ هو على منصبه مقابل مساندتهم في ترشيح الأستاذ عبد الرزاق الكيلاني لرئاسة الفرع، هذا إذا عبّر عن رغبته في ذلك. إلا أن هناك أصواتا من داخل هذه الأطراف التي تدعو إلى ترشيح الأستاذ محمد المكشر لعلاقاته الجيدة معها جميعا، فيما يبقى ما يشبه الاجماع حول ضرورة ترشيح اسم لمنصب العمادة يعرف بالاعتدال والقدرة على مفاوضة سلطة الاشراف بعيدا عن الرؤى التصعيدية التي أصبحت توصف اليوم في صفوف رجال الدفاع بالمغامراتية الفوضوية، على أن يتم الاتفاق حول أعضاء مجلس هيئة يتسمون بالاستقلالية لخلق حالة توازن بين المجلس والعمادة. ما يمكن قوله، انه فعلا كانت انتخابات جمعية المحامين الشبان محرارا لقياس موازين القوى داخل المهنة، إلا أنه ما لم يكن متوقعا هو تحول نتائج تلك الانتخابات إلى نقطة استقطاب ساهمت بشكل واضح في إعادة الحسابات، بعدما أكدت يقينا، سقوط بعض «البارونات» لتترك المجال للأقدر على ملئ الفراغ الحاصل.