أطلق الباحثون العقاريون بولاية سوسة صيحة فزع ودعوا إلى حلّ سياسي عاجل لمعضلة المشاريع العقارية المعطّلة والتي خلّفت تداعيات كارثية على الاستثمار وصارت تهدّد الاقتصاد الوطني بالانهيار. الغرفة النقابية للباعثين العقاريين نظمت أمس الأول يوما تحسيسيا حول أزمة قطاع البعث العقاري والاستثمار بسوسة بحضور عدد كبير من الباعثين وممثلين عن عمادة المهندسين المعماريين والخبراء المحاسبين والنائبين بالمجلس التأسيسي عن دائرة سوسة صالح شعيب والطاهر هميلة.
الآن... وليس غدا
وأوضح رئيس الغرفة الجهوية لنقابة الباعثين العقاريين بسوسة منصف قلولو أنّ الشكاوى كثرت بعد الثورة من جانب الباعثين العقاريين الذين أنهوا بناء مشاريعهم المعدّة للسكنى أو لفتح مكاتب ولم يتم تزويدهم بالمرافق الأساسية من ماء صالح للشراب وكهرباء وغاز مشيرا إلى أنّ أكثر من 60 ملفّا معلقا بسبب رفض البلدية تقديم ترخيص في الغرض باعتبار أنّ هؤلاء الباعثين مخالفون لمثال التهيئة المتفق عليه مسبقا.
وأضاف قلولو أنّ قيمة هذه المشاريع تقدّر ب 460 مليارا وأنّ هؤلاء الباعثين «مورطون» بقروض تقدّر ب 200 مليون وبالتالي قد تضطرّ البنوك إلى وضع يدها على المشاريع وسيكون الجميع خاسرين».
ودعا قلولو إلى حلّ عملي ممكن يتمثل في أن يدفع المخالفون خطايا مالية تعود بالنفع على البلديات وقباضات المالية وبالتالي يكون في وسع الباعثين تنفيذ مشاريع جديدة ممّا يوفر مواطن شغل وعندها تدور عجلة الاقتصاد وتنتهي الضغينة بين الإدارة ورجال الأعمال».
الباعثون العقاريون الذين تدخلوا للتعبير عن مشاغلهم وتصوراتهم للمخارج الممكنة من هذا المأزق اتفقوا على توصيف الأزمة بأنها خطيرة جدّا بل كارثية معتبرين أنّ الحكومة مدعوّة إلى التحرّك العاجل لإنهاء معاناتهم ووضع حدّ لخسائرهم، حيث يضطر الباعثون إلى دفع عشرات الملايين شهريا كفوائد للبنوك مما أثقل كواهلهم، فضلا عن أنّ مثل هذه الإشكالات صارت تضرّ كثيرا بالاقتصاد الوطني بما أنّ التونسيين المقيمين بالخارج وكذلك الأجانب صاروا بسبب هذه الإشكالات يعزفون عن شراء هذه العقارات التي تدرّ أموالا وفيرة لخزينة الدولة.
وقد طرح النائب بالمجلس التأسيسي صالح شعيب تصورا للحل باتباع الجوانب الإجرائية القانونية متمثلة في مساءلة وزير التجهيز قائلا إنه بادر بتوجيه سؤال كتابي إلى الوزير منذ شهر وإنه من المنتظر ان يتلقى الإجابة قريبا خلال جلسة عامة للمجلس التأسيسي، كما طلب شعيب من الغرفة النقابية للباعثين العقاريين بسوسة تقديم مشروع قانون لتسوية هذا الإشكال على أن يتولى هو والنائب الطاهر هميلة تبني المشروع والحصول على دعم من 8 نواب آخرين على الأقل لعرضه على المجلس التأسيسي بما أنّ أي مشروع قانون يجب أن يقدمه 10 نواب على الأقل.
المطلوب حلّ سياسي
من جانبه قال النائب الطاهر هميلة إنّ «المسألة أخذت حظها من الانتظار والحوار وبما أن هذا المشكل وقع حله في ولايات أخرى فيجب أن يُحلّ في سوسة» معتبرا أن الطريقة الإجرائية التي طرحها شعيب تتطلب شيئا من الوقت قد يصل إلى أشهر وربما إلى عام.
واقترح هميلة أن تقدم الغرفة النقابية للباعثين العقاريين عريضة وتطالب فيها بتوضيح أسباب تجميد هذه القضية في سوسة ثم يجري لقاء مع رئيس الحكومة ونطرح عليه سؤالا بوضوح «ما مشكلتك مع سوسة؟» أما أن يبقى صامتا ونحن في مأزق فهذا ما لا نرضاه ولا ترضاه الثورة».
وأكد هميلة أنّ «المطلوب اليوم قرار سياسي لأن القضية قضية سياسية ويمكن حلها في 24 ساعة».
وقد أجمع متدخلون على أنّ القضية يمكن حلها فعلا في يوم واحد خاصة أن الباعثين العقاريين يبنون البلاد ويوفرون مواطن الشغل والمداخيل المالية للدولة في وقت يقوم آخرون بحرقها وتدميرها وطالب البعض بضرورة تغيير قانون البناء لأنه لا يتماشى مع هذا العصر حيث أن التوجه العام هو نحو البناء العمودي، فما ضرّ لو يتم السماح للباعثين العقاريين ب «تجاوز» امثلة التهيئة ببناء طوابق إضافية حتى إذا ثبتت مخالفتهم يتم معاقبتهم بدفع خطايا مالية تعود بالنفع على ميزانية الدولة.
وتحدث نائب رئيس بلدية سوسة جلال تفيفحة بصفته الشخصية لا بصفته ممثلا عن البلدية عن أن المخالفات وجودة فعلا لكن المخالفة لا تبيح الانتقام ضاربا مثالا على ذلك بالقول «إذا تم إيقاف سائق سيارة بسبب مخالفته الإشارة الضوئية هل يعقل أن يتم إحراق سيارته وتهشيمها؟ فالأصوب أن يتم تخطئته».
وأضاف تفيفحة أنّ «ما يهم الدولة هو أن يكون البناء سليما واعتمادا على وثائق مهندسين مختصين فإذا كان البناء سليما ولا يضر أحدا وإذا كان سيوفر مساكن ومكاتب وسيوفر مواطن شغل وستنجرّ عنه مداخيل لفائدة البلدية وقباضة المالية لماذا التعطيل؟»
وتساءل تفيفحة «كيف تجلس الحكومة مرتين لبحث الموضوع دون التوصل إلى حل فهذا عار على الحكومة» مضيفا أنّ «من عجز عن إيجاد حل عليه أن يترك المجال لغيره، وعلى رئيس الحكومة اليوم أن يتخذ قرارا فوريا فإن لم يستطع اتخاذ القرار فليخرج».