مثل النقاش حول «قانون تحصين الثورة» محور ندوة نظمتها جمعية البحوث في الانتقال الديمقراطي وقد اجمع الحاضرون من خبراء وسياسيين على تعارضه مع القوانين الداخلية والدولية باستثناء ممثل حركة النهضة صاحبة المشروع. ناقش مختصون وسياسيون امس مشروع «قانون تحصين الثورة» في الندوة التي نظمتها جمعية البحوث في الانتقال الديمقراطي وقد تراوحت المداخلات بين النقد القانوني للمشروع وبين المبررات او الاعتراضات السياسية له وقد تراس الحوار الاستاذ عياض بن عاشور وحضره عدد مهم من عديد الاطراف السياسية الى جانب الطلبة والأساتذة.
وفي هذا الاطار قال الاستاذ رضا بالحاج ان مآخذ نداء تونس على القانون انه «ليس لتحصين الثورة وانما جاء لتحصين النهضة في مكانها لتواصل الحكم ولتعد انتخابات مسيرة وليست نزيهة وشفافة والاقصاء لا يمكن ان يكون الا في اطار القضاء ودولة القانون ويجب ان يتم عبر المحاسبة بالقضاء او بآليات العدالة الانتقالية التي لم تمضي فيها النهضة وحلفائها ليختصروا الطريق للبقاء في السلطة عبر استبعاد منافسيهم السياسيين سواء كانوا احزابا متقدمة في سبر الآراء او شخصيات».
مشروع النهضة
ومن جانبه قال الاستاذ الصحبي عتيق ممثل حركة النهضة ان المشروع يخص حركة النهضة وانه لا علاقة له بالترويكا «والمشروع تقدمنا به للتحصين السياسي للثورة وليس مشروعا للمحاسبة او للعدالة الانتقالية اي ليس فيه محاسبة ولا عقاب».
واوضح عتيق ان المشروع ليس بدعة وانه اتخذ انطلاقا من استشارة لجنة البندقية التي تضم خبراء دوليين مضيفا انه لن تنشر قائمات اسمية لهؤلاء احتراما لعائلاتهم وابنائهم.
وفي قراءته للمشروع قال الاستاذ امين محفوظ أن هناك تضاربا بين مشروع الدستور وهذا المشروع حيث انه في الفصل الثالث من الدستور يقول إن الشعب هو صاحب السيادة في حين ان اصدار المشروع معارض للسيادة كما انه في الفصل السادس يقول تضمن الدولة للمواطنين الحقوق الفردية والعامة وكذلك ينص الفصل 43 على ضمان الحق في الانتخاب والترشح في حين ان مشروع الاقصاء يحمل العديد من الموانع للترشح لوظائف وطنية معتبرا ان هناك تضاربا كبيرا يصدر عن نفس الهيكل وهو المجلس التاسيسي.
واشار الى ان المشروع يمثل انتهازا لفرصة عدم اكتمال الدستور وعدم وجود محكمة دستور لمراقبة دستوريته مضيفا انه هناك خلطا بين المسؤولية السياسية والمسؤولية الجزائية الى جانب تحريض المواطنين على «القوادة ببعضهم» حيث يمنحهم المشروع حيق التبلبغ عن كل من يرون انه معني بالاقصاء. واعتبر الاستاذ امين محفوظ انه لا يحق لأصحاب المشروع ان يقولوا «النظام السابق» لأنهم هم انفسهم وصلوا الى المجلس التاسيسي عن طريق المنظومة القانونية والآليات التي اسسها النظام السابق.
ومن جانبه اعتبر الاستاذ فاضل موسى ان انفراد الاغلبية باعداد المشروع متأت من عدم وجود محكمة دستورية كما انها قد تعطي الانطباع على ان الانتخابات المقبلة غير ديمقراطية «لكن في المقابل نعرف ان هذه القوانين موجودة وليست مبدئيا مخالفة او معارضة للدساتير والقوانين المعروفة والدليل على ذلك ان الاتحاد الاوروبي والمجلس الاوروبي وضع معايير مختلفة لم يقل ان هاته القوانين مرفوضة ولا يمكن العمل بها وانما قال إن هناك بعض الشروط التي يجب ان تتوفر لاحترام دولة القانون والعملية لا يمكن ان تستند على بعض السياسات السابقة حيث تم استعمال دولة القانون لإقصاء الآخرين لذا فالمنهاج يجب ان يظهر بأنه ليس هناك تشفى وهذا القانون هو اختيار لأننا نفهم ان المنتخبين في المجلس يطالبون بان المجموعة التي حكمت لعشرات السنين عليها أن ترتاح خلال عشر سنوات، وتترك الامكانية للتجديد في الفترة المقبلة ونعرف ان المجلس الاوروبي تعرض الى بعض القوانين التي صدرت في اوروبا الشرقية بعد التغييرات التي حصلت ويقول ان هذه القوانين الهدف منها تحقيق النقلة الديمقراطية.
تعارض مع القانون الدولي
ومن جانبها قالت الاستاذة سلمى السميري ان هذا المشروع يطرح العديد من الاشكاليات من وجهة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه تونس في 18 مارس 1969 «يمكن تخيصها في 3 نقاط وهي اولا المشروع يمنع الناخب من حقه في ان يشارك في ادارة الشؤون العامة عن طريق ممثلين يختارهم بحرية ومنع الناخب يعد مسا من مواطنته باعتبار انه يسلبه حقه في التعبير عن ارادته في تعارض مع المادة 25 من العهد الدولي».
واكدت السميري في المداخلة التي شارك في اعدادها الأستاذ الاستاذ سليم اللغماني ان المشروع يخرق البنود 2 و14 و15 و25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وفي مداخلته قال الأستاذ غازي الغرايري انه لديه ملاحظات من خارج النص وحول النص الاولى تتمثل في انه اثناء اعمال الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة وعند النظر في مشروع قانون انتخابات المجلس التأسيسي اثيرت مسألة الفصل 15 والتجاذبات التي حصلت حوله مع كل اللوم الذي وجه الى الفصل اتفق الجميع على انه قرار يخص انتخابات المجلس مشيرا الى ان اثارة هذه النقطة هو لسبب اخلاقي وليس قانونيا فالطبقة السياسية حسب قوله وللمرة الثانية في اقل من سنة تحنث عهدها بعد الاخلال بالالتزام بإنجاز الدستور في سنة.
وتابع «لو صوت المجلس التأسيسي على هذا المشروع تكون الطبقة السياسية اخلفت عهدها للمرة الثانية واعمال الهيئة العليا موثقة وموجودة اما الملاحظة الثانية قبل الخوض في النص لا يمكن ان ننظر اليه في داخله فقط وانما ان ننظر بالتناسق مع اعمال المجلس التأسيسي ككل بما فيها مشروع مسودة الدستور وهنا تستوقفني مسألة المعنيون بالمشروع وهناك قائمة تضم اناسا تقلدوا مناصب سياسية والصنف الثاني اناس تقلدوا مناصب اساسية ومفصلية في الحزب الحاكم السابق الى جانب مسؤولين في الادارة التونسية وهناك مشكل في هذا الثالوث فهل ان المسؤول الاداري الذي كان يلتزم بمبادئ قانونية في السابق وكل ما قام به هو من هذا المنطلق ولا اريد تنزيه احد وهناك من زلت قدمه ومآلهم المقاضاة لكن ان نأتي الى جزء من الوظيفة الادارية ونخصهم بالعقاب هذا يتعارض مع مبدإ في القانون الاداري وهو اولا شخصية العقاب وثانيا تلاؤم العقاب مع الفعل».
تضارب مع القوانين الداخلية
وختم الغرايري بإبداء استغرابه من انه «اذا صوت المجلس التأسيسي على هذا المشروع الذي يذعن الادارة الى الهيئة العليا للانتخابات في حين ان قانون الهيئة يقول عكس ذلك حيث يقول ان الادارة تمكن الهيئة من المعطيات المطلوبة قدر الامكان اي انه لا يذعن الادارة الى الهيئة وهنا يوجد تضارب». ومن جانبه قال الأستاذ أحمد المصواب القاضي بالمحكمة الادارية ان هناك لخبطة في قانون الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في مسالة الالتجاء الى المحكمة الادارية في حال امتنعت الادارة عن التعاون معها وتدخل رئيس الحكومة.
وبالنسبة لقائمة المقصيين وفي الفصل 7 يتوجه المتضرر الى المحكمة الادارية وهنا لم يشر معدو القانون الى طبيعة النزاع هل هو نزاع اصلي ام استعجالي كما يطرح اشكاليات في المسألة الاجرائية كما لم يحدد القانون آجالا للاعتراض.
وذكر الاستاذ المصواب بكيفية اسقاط القانون المماثل الذي سن في مصر من قبل المحكمة الدستورية وذلك لاحتوائه على اربعة مطاعن اولها خرق مبدإ المساواة كذلك خرق مبادئ المواطنة موضوع الحقوق الدولية ثالثا الاعتداء على صلاحيات السلطة القضائية وهو نفس الموقف الذي تبناه الاستاذ عبد الفتاح مورو في تصريح لإحدى الصحف وبالنسبة للمسألة الرابعة هي الانحراف بالسلطة التشريعية فهي تسن القوانين ولا تأخذ وظائف اخرى ثم اشار الى مسالة خامسة في القانون الدولي فالعهد الدولي يسمح لمن استنفذ طعونه داخليا ان يلتجئ الى لجنة حقوق الانسان الدولية معتبرا ان هذا المطعن هو الاخطر حيث سيدون في التقرير السنوي للجنة الدولية.
وفي رده عن سؤال ل «الشروق» حول موقفه من الطعون التي قدمها المختصون في المشروع الذي تقدمت به حركة النهضة قال الصحبي عتيق انه لم يكن هناك توازن في الحوار وانه كان وحيدا مقابل اطراف من مدرسة واحدة لكنه لم ينف انه استفاد من مداخلاتهم كما لم ينف امكانية مراجعة المشروع.