تذكّرني التجاذبات التي تميّز المرحلة الانتقالية للجنة الوطنية الأولمبية بعد انتهاء مدّتها النيابية 2009 2012 وقبيل عقد جلستها العامة الانتخابية لنيابة 2013 2016 بالتجاذبات التي تطبع الحياة السياسية بكافة مكوّناتها منذ انتخاب الحكومة المؤقتة في انتظار تحديد موعد الانتخابات الرسمية التي ستحدّد مصير البلاد للسنوات الخمس القادمة. محور التجاذبات في كلتا الحالتين هو الكرسي الذي أصبحت تحاك من أجله كل الحيل ولو اقتضى الأمر الدّوس على القيم ووضع قوسين حول المصلحة العليا للوطن. ما يحزّ في نفسي بعد أن أصبح فعلا مصير الحركة الأولمبية التونسية بين أيادي منخرطيها الذين منحو لأنفسهم مهلة من الزمن من أجل تعديل أوتار دستورهم هو ألا يرتقوا الى مستوى الحدث وألا يعتبروا بمغزى الثورة التي قامت من أجل القضاء على كل مظاهر التعسف والانتهازية والانتفاع على حساب الغير.
إن العائلة الاولمبية في بلادنا على موعد مع التاريخ لأنها ولأول مرّة منذ تأسيسها أمام فرصة تقرير مصيرها بنفسها دون أيّ تدخّل من سلطة الاشراف ولا من الدائرة الضيقة لقصر قرطاج، وهو ما يجعل مسؤوليتها مضاعفة إذ لا يحق لها ألا تستغل الظرف للقطع نهائيا مع تلك الأساليب التي حادت باللجنة الأولمبية عن رسالتها النبيلة وعن هدفها الأسمى كمدرسة للحياة.
إن ما دار ويدور بعد الاعلان عن تاريخ انعقاد الجلسة العامة الخارقة للعادة لتنقيح النظام الاساسي ومنذ تكوين لجنة تفكير لهذا الغرض لا يبعث كثيرا على الاطمئنان لأن الاقتراحات المتداولة لا تمس الجوهر بقدر ما تؤسّس لنيابة جديدة تكاد تكون مطابقة لسابقاتها.
كنت أحبّذ لو أخذت لجنة التفكير متّسعا من الوقت بعد توسيع الاستشارة الى أهل الذكر لعرض مشروع نظام أساسي ثوري بأتم معنى الكلمة على الجلسة العامة الخارقة للعادة من أجل تحقيق نقلة نوعية جذرية في حياة الحركة الأولمبية التونسية، إذ انني أعتبر أن نص النظام الاساسي والقانون الداخلي هو روح اللجنة الاولمبية وضامن المنعرج الحاسم الذي نتمناه لها ولرياضتنا، فليس مهمّا أن يكون محمود الهمامي أو محرز بوصيان أو علي البنزرتي رئيسا لها وليس مهمّا أن يكون ضو الشامخ أو كريم الهلالي أو فتحي الكواش أو غيرهم ممّن أعطوا ولا يزالون للرياضة مع هذا أو ذاك، فلو كانت لي القدرة ولو لم أكن أعتبر الخيار الديمقراطي مقدّسا لجمعتهم كلّهم في قائمة واحدة من أجل المصلحة، المهمّ أن تعاد هيكلة اللجنة الأولمبية بصفة تخوّل إليها الاضطلاع بالدور الموكول لها من خلال الميثاق الأولمبي للجنة الدولية والذي لا يمكن تحقيقه بمجرّد مكتب تنفيذي يقع تجديده كل أربع سنوات.
إن اللجان الوطنية الأولمبية في سائر بلدان العالم تستمدّ قوّتها من حرفية ادارتها ومن نشاط لجانها الفرعية ومن اشعاعها على الحقل المدرسي ورياضة النخبة.
فرجاء، كونوا في مستوى الحدث واجعلونا نفتخر بلجنتنا الوطنية الأولمبية.