في تظاهرة فريدة بمدينة سوسة انتظم بالمركب الثقافي محمد معروف حفل توقيع كتاب جديد ببادرة من جمعية «منتدى المعرفة» وهي من الجمعيات المهتمة بالجانب المعرفي وبتفعيل الأنشطة الثقافية في مختلف أبعادها الجوهرية بإدارة الوجه الثقافي صالح نويرة. «الثقافة في أفق الفهم والإجراء» هو عنوان الكتاب المحتفى به لمؤلفته الدكتورة أسماء جمّوسي عبد الناظر وهو الكتاب الثالث في مسيرتها الأدبية والنقدية بعد أثريْ : «التفاعل السياقي بين الشعر والتراث النقدي إلى القرن الخامس هجري» و «المتصوّر والمصطلح في الإجراء والقراءة».
حفل التوقيع كان وفيا لمقاييس هذه المناسبة بتفعيل فقرات نقدية وتحليلية وحوارية نشطها نخبة من الأساتذة الجامعيين والباحثين ومن المهتمين بالشأن الأدبي والثقافي عموما كما حضر الجانب الاحتفالي بقوة مما عكس مظهرا معبرا لإعادة الاعتبار لمكانة الكاتب والكتاب في ظل حالة التهميش التي شهدها على امتداد عقود.
رسالة ردّ
«هو كتاب تأصيلي، يؤصّل ما نفهمه من الثقافة»، هكذا عرفت الدكتورة أسماء مولودها الأدبي مضيفة بالقول في لقاء خاص ب«الشروق» «وهو إجابة على بعض النقاد وعلى بعض الإشكاليات في النقد الثقافي وعلى كل من يتبنى المناهج الغربية بتفاصيلها مهملا الجانب التراثي العربي الإسلامي لذلك اقترحت منهجا في النقد وسميته المنهج العلائقي وهو منهج اصطلاحي واقترحت دربا جديدا وهو النقد الأدبي الثقافي في ظل الدعوات إلى قتل النقد وقتل التراث».
وأكدت الدكتورة أسماء جموسي «ضرورة العودة إلى التراث فقد نجد فيه بعض الثغرات أو بعض الأشياء التي لا تتماشى مع العصر ولكن لا يشرّع لنا ذلك القطع معه لأننا بذلك نقطع مع الأصل فالانخراط في منظومة العولمة أمر مطلوب ولكن لابد من توظيف مسألة التلاقح فالعولمة قدرنا ولكن لا يجب أن تجعلنا نتخلى عن خصوصيتنا العربية الإسلامية».
واعتبرت الدكتورة في مداخلتها أن «الحدث المركزي في الثقافة العربية هو القرآن الكريم» مستدلة بالشعر قائلة «عندما نزل القرآن كان هناك مخاض وصراع بين الشعر والدين فكانت قطيعة وبعدها مصالحة ثم مخاض آخر فنحن نحتاج إلى معادلة بين الأصل والانفتاح».
ثقافة «الثقافة»
وأكّدت الدكتورة البعد الجوهري للثقافة والذي يتجاوز المستوى السطحي منها والمتمثل في أشكال الفنون والأدب ليتوغل في الجوهر من حيث نسق تفكير ورؤية استراتيجية تعتمد جملة من المبادئ والثوابت وتعكسها في مرحلة لاحقة مختلف المنتوجات الثقافية تكرّس ثقافة الاختلاف التي تشكل أفقا رحبا للثقافة وتشرّع داخلها منطق الثقافات ويحركها التلاقح.
ودعت إلى ضرورة مراجعة المفاهيم في الشأن الثقافي بالتساؤل عن ماهيتي الفاعل والمفعول الثقافي.