منذ أيام قليلة انطلقت التظاهرة الثقافية الدولية أيام قرطاج السينمائية وهي الدورة الأولى بعد الثورة، كيف يراها التونسي وما مدى تفاعله معها في ظل الأحداث السياسية التونسية والعربية الحالية. وهل أن الوقت مناسب لتنظيم مثل هذه التظاهرات ؟ نفوس مرهقة وعقول مشتتة وحاضر غامض ومستقبل مجهول.. التونسي اليوم يعيش في حيرة أرهقته الاستفهامات وما من مجيب، فكيف له ان يهتم بتظاهرة ثقافية وقد شارف على الجوع. يقول السيد محمد بن عمر «صحيح أننا في حاجة الى الثقافة حتى ننهض بهذه البلاد، لكن ما نعيشه اليوم من أحداث متتالية جعل منا شعبا يريد فقط العيش في سلم وأمان.. شعب يبحث عن الخبز والحليب حتى لا يجوع الأطفال.. «عن أية ثقافة تتحدثون؟!» يضيف السيد محمد «ونحن شعب يفتقد لأبسط مقوّمات الحياة الكريمة..»
نفسية التونسي المشتتة اليوم بين السياسة وغلاء الأسعار والبطالة وغياب الأمن و«البراكاجات» اليومية قادرة على استيعاب تظاهرة ثقافية سينمائية..؟! أشكّ في ذلك، تقول السيدة أحلام «لسنا في وضعية تسمح لنا بالاهتمام بالثقافة ونحن أصبحنا عاجزين حتى على ملء أقفافنا بأبسط الاحتياجات اليومية..» وبالرغم من أن تلك «الأفيشات» المعلّقة في شارع الحبيب بورقيبة استوقفت أكثر من مار الا أن البعض منهم رأى أن الوقت غير مناسب للاحتفال بالسينما أو غيره خاصة في ظل الأوضاع التي تعيشها تونس اليوم وغزة التي تنزف من جراء القصف الاسرائيلي الغاشم على حد تعبير ناظم بالغيث.
الوقت غير مناسب
ويقول السيد مجيد الذي كان يتفحص أحد «أفيشات» أيام قرطاج السينمائية، إن التونسي اليوم منشغل بأوضاع البلاد ومآلها في المستقبل خاصة في ظل الصراع القائم بين الأحزاب السياسية من أجل الظفر بغنيمة الكرسي «فكيف تحلو لنا مشاهدة شريط سينمائي، يقول مجيد ونحن لا نعلم السيناريوهات المحتملة لمستقبل هذه البلاد». ويرى السيد عبد العزيز أن أيام قرطاج السينمائية تزامنت مع أحداث غزة، ويقول: «نتأسف كثيرا عما يحدث في غزة اليوم والعرب صامتون واعتقد ان الأولوية للوقوف مع أهالي غزة لكن للثقافة أيضا مكان».
إحياء لقاعات السينما
وبالرغم من أن الخطوات المتثاقلة التي كانت تشق شارع الحبيب بورقيبة بعقول شاردة كانت تؤكد نفسية التونسي المرهقة وتفصح عن معاناة داخلية أسبابها متعددة الا أن الأجواء هناك كانت توحي باحتضان ذاك الشارع تظاهرة ثقافية سينمائية عبر اللافتات المتعلقة والتي أرادت من خلالها الجمعية التونسية للحركة من أجل السينما إعادة إحياء والتذكير بقاعات السينما القديمة التي أغلقت أبوابها على غرار «شون زيليزاي» و«الأوديون» و«سيني سوار» و«سينما الصحراء».. وغيرها من القاعات الاخرى التي تحولت بعضها الى محلات تجارية أو لقضاء شؤون أخرى.
هذه اللافتات التي توسطت شارع الحبيب بورقيبة استطاعت ان تشد المارة بل استوقفتهم أكثر من مرة وأعادت الذكريات لبعضهم. وارتحلت بهم الى ماض كان فيه للثقافة والمثقفين مكان.
هذه اللافتات التي استوقفت بعض روّاد شارع الحبيب بورقيبة ولفتت انتباههم مستحسنين فكرة إحياء السينما وقاعاتها الا ان البعض الآخر لم يعرها اهتماما بل إنهم لا يعلمون أصلا أن هناك تظاهرة ثقافية دولية في البلاد فمشاغل الحياة اليومية والوضع السياسي الراهن وغيرهما من الأحداث ألهت البعض عن الثقافة ومشتقاتها، على حد تعبير أحدهم.