شهدت مدينة قفصة تنظيم ندوة علمية تحسيسية حول خطورة انتشار الإدمان لدى الشباب وذلك تحت إشراف اللجنة المحلية للهلال الأحمر بالقطار وقد شارك فيها عدد من المختصين والأطباء ورجال القانون من تونس ومن ألمانيا. خلال هذه الندوة تمّ التعريف بمشروع قدّمه الدكتور «بيتر سيما لهمان» المختص في العلاج بالإبر بإحدى أكبر الجامعات الألمانية كما كان لموقف التشريع الإسلامي وحكمه حول هذا الموضوع نصيب في الندوة التي تضمّنت معرضا وثائقيا حول نشاط الجمعية.
افتتح الندوة السيد المنصف علوي رئيس اللجنة المحلية للهلال الأحمر بالقطار ثم أحال الكلمة لوالي قفصة السيد ابراهيم الحمداوي الذي شكر الجامعات الألمانية على تعاونها الوثيق ثم تطرّق إلى آفة المخدّرات وضرورة معالجتها باعتماد الجانب الزجري القانوني ومعالجة المدمن طبيّا باعتباره ضحية في الآن نفسه كما اعترف بانتشار هذه الظاهرة بعد 14 جانفي نتيجة الانفلات الأمني الذي حدث بالبلاد وشدّد على ضرورة اعتبار الظاهرة ظاهرة مجتمعية يجب التعامل معها وعدم السكوت عنها نظرا لخطورتها على المجتمع وفئة الشباب بالخصوص.
ثم تدخل الدكتور بيتر ممثل مؤسسة «نادا» الألمانية المختصة في العلاج بواسطة الوخز بالإبر الذي قضى حوالي 33 سنة في العمل على مكافحة المخدرات وأوضح أن طريقة علاج الإدمان عبر الوخز بالإبر ظهرت بإحدى الجامعات الأمريكية بنيويورك بعد ان وقع اكتشافها من طرف الدكتور الفرنسي «بول نوجيه» من خلال اكتشافه للعلاقة التي لاحظها بين أمراض العمود الفقري وكيّ الأذن التي كان يعتمدها سكّان عدد من الدول وذلك على اعتبار أن الأذن تختصر جميع أعضاء الجسم ثم وخلال الستينات من القرن الماضي اكتشف جرّاح الأعصاب «وان» من هونغ كونغ التأثيرات الايجابية لطريقة الوخز بالإبر وإنها من الممكن أن تعوّض الدواء ثم انتقلت هذه الفكرة إلى مستشفى لينكولن بنيويورك حيث يزوره يوميا حوالي 250 مدمنا لتلقي العلاج.
كما تدخل للدكتور محمد التونسي وهو طبيب مختص في الوقاية من تعاطي المخدرات بمركز الإصغاء والمساعدة بتونس حول تجربة هذا المركز والتي تعتمد بالأساس على تكريس الثقة لدى متعاطي المخدّرات بالحقن (رجال نساء) وطريقة الوصول إلى المدمنين وتوعية أكبر عدد منهم والتقصّي المجاني والسري وذلك لتشجيع المريض على المعالجة وصرّح أن الفئات العمرية التي تتعاطى هذه السّموم هي أغلبها بين ال25 و34 سنة وأنه وقع خلال سنة 2011 توزيع 39480 حقنة على المصابين.
كما تدخّل الدكتور طارق القسنطيني مدير مركز صفاقس للإصغاء والمساعدة الذي بيّن أن هذا المركز يعتبر رائدا في مجال مقاومة ظاهرة المخدرات رغم أنه تأسس سنة 2007 بتمويل أمريكي. كما تدخل عدد من المختصين مثل د. أنور بوزيان ود. معزّ بن عيسى ود. فاتن جلّول ود. سعيد النّخلي الذين شدّدوا على خطورة الظاهرة لدى جميع الفئات الشبابية والتلاميذ وقدّموا أرقاما مفزعة حول انتشار هذه الظاهرة وارتباطها فيما بعد بمرض نقص المناعة المكتسبة «السيدا» وكانت هذه الأرقام ناقوس خطر حقيقيّ يستهدف المجتمع ويهددّ باستهداف الفئات الناشطة ومستقبل البلاد (بين 18- 45 عاما) ومن الملفت للانتباه أن الإحصائيات الحديثة تشير الى أن 47% من متعاطيي المخدّرات هم من شريحة المتزوجين وهو ما يعني بالضرورة الإمكانية الكبيرة لنقل هذا المرض إلى الأبناء عبر طرق مختلفة وهو ما يزيد في خطورة هذه الآفة الاجتماعية القاتلة وتشير الأرقام ارتفاع نسبة المدمنين المستهلكين من 37% سنة 2003 إلى 75.8% في 2010.
الندوة تضمنت مداخلة للقاضي عماد الدغاري حول التشريع التونسي في قضايا المخدرات فلاحظ أن المقاربة الزجرية اقترنت بالمقاربة العلاجية حسب قانون 1992 وان المطلوب اليوم مزيد التعمق في أسباب الظاهرة ومحاولة محاصرتها بعد الازدياد الرهيب لمتعاطيي المخدّرات خاصّة بعد 14 جانفي لدى فئة الشباب وأوضح أنه تمّ في شهر مارس 2012 ضبط قرابة 11000 قرص مهرّب من نوع سيبيتاكس في مطار تونسقرطاج وبيّن انعدام وجود سياسة واضحة حول هذا الموضوع على خلاف الدول الأوروبية التي تمتاز بتكامل سياستها في هذا المجال.
الدكتور سالم لجنف ممثل الجمعية التونسية للوقاية من المخدّرات بيّن أن نسبة استهلاك المخدّرات ازدادت لدى فئة طلبة الجامعات والتلاميذ بنسبة 20% بعد الثورة وأن الشباب أصبح مهدّدا بهذه الآفة وأن ثلث المساجين بالسجون التونسية بسبب المخدرات وأشار إلى ظاهرة جديدة في هذا الموضوع وتتعلق بتفشي ظاهرة استنشاق المبيدات العضوية الأشد خطورة على الإنسان.