أرجع السيّد راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة تراجع شعبية الحركة حسب بعض عمليات سبر الآراء إلى عامل «التهرئة» الذي تفرضه ممارسة السلطة على الاحزاب السياسية عموما قائلا «معروف أن السلطة عامل تهرئة وهناك فرق بين من يبشر بالمثل ومن يمارسها». كما اعتبر الغنوشي ان الحركات الإسلامية في العديد من الدول العربية فشلت تكتيكيا رافضا استئثار الإسلاميين بالحكم على غرار التجربة السودانية مشيرا أن حركة النهضة مازالت تبحث عن موضع قدم في الواقع السياسي التونسي ومع ذلك أقر الشيخ راشد مجددا بأن الحركة ستبقى في الحكم مع شريكيها مادام الشعب راضيا عنها.حول هذه المفارقة بين التهرئة السياسية والرضاء الشعبي الذي تتمتع به الحركة سألنا السيد العجمي الوريمي عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة الذي قال «ليس هناك تراجع في شعبية الحركة كما نطالعه في بعض عمليات سبر الآراء وفي هذا الاطار يندرج تصريح الشيخ راشد كما أنه من البديهي في العلوم السياسية ان الحكم قد يهرئ الاحزاب الحاكمة كما هو الشأن في كل البلدان الديمقراطية غير أن هذا الأمر لا يكون في فترة وجيزة كما هو الحال في التجربة التونسية ذلك ان الرأي العام لا يغير موقفه بسرعة بل بعد عديد السنوات خاصة أننا أمام موجة عميقة من المتغيرات التي ستقطع مع الاستبداد والفساد والديكتاتورية والتجذر في الهوية العربية الإسلامية».
النهضة والنموذج الجديد
في نفس الاتجاه أكد الوريمي أن منسوب الرضاء على أداء الحكومة يغلب على منسوب اللوم لأن توجهات الحكومة هي توجهات المجتمع وأداؤها في تحسن مضيفا «هذا الرضاء قد يتحول الى ولاء ومساندة مما سيكسبنا شرعية أكبر كما ان عمليات سبر الآراء وقتية وظرفية وتتأثر بحادثة مباشرة ومحصورة في المكان والزمان ولا يمكن ان تكون أحكاما باتة».
وحول التأثيرات الجانبية على الأحزاب السياسية التي تمارس السلطة الحالية قال « أي حكومة لا تملك عصا سحرية لإخراج الوضع الصعب مما هو فيه لأن وضع الأسس الدائمة للانتقال من الوضعية الانتقالية يتتطلب بعض الوقت ومع ذلك فقد التزمت الحكومة الصبر على أطراف مناوئة ومعارضة أكثر مما صبر علينا بن علي ورفضنا المجابهة بالخيار الأمني رغم ان هناك من يطالبنا بالضرب بيد من حديد وهو ما نرفضه وهناك من يعتبرنا متساهلين مع السلفيين الذين يعتبروننا بدورهم نحمي العلمانيين لذلك لا بد من التأكيد أن الحكومة تفرض احترام القانون على الجميع دون نظرة فئوية أو مصلحة خاصة».
والنهضة حسب الوريمي تقدم نموذجا جديدا للمسؤول السياسي المناضل والملتزم بقضايا شعبه رغم انه اعترف بان كل حزب يمارس الحكم تتأثر شعبيته لانه يتخذ قرارات غير شعبوية ويقدم خطابا غير شعبي وتتسم خياراته بالموضوعية ويعطي فرصة للمعارضين للنقد واحيانا المزايدة.
النهضة والاخوان وتركيا
سألنا السيد العجمي الوريمي عن مدى استفادة النهضة من ممارسة الحكم فقال « النهضة استفادت من خلال زيادة اطلاعها على واقع التونسي وكسبت خبرة وتصميما على تكريس الخيار الوسطي المعتدل حتى وان لزم الامر اغضاب بعض من انتخبوها لان مصلحة البلاد فوق مصلحة الاحزاب والافراد ولن يكون للحركة حرص على البقاء في السلطة على حساب خيارات تدافع عن جميع التونسيين والنهضة هي بصدد التحول من حركة معارضة الى حركة مسؤولة بما يقتضي ذلك من مسؤولية وهي كالاخوان المسلمين في مصر بصدد التحول الى احزاب حاكمة على شاكلة حزب العدالة والتنمية في تركيا تتصالح مع قيم الحداثة وملتزمة بالقانون والمؤسسات وتؤمن بالدولة المدنية والتداول السلمي على الحكم ولا تعمل على اسلمة المجتمعات التي هي مسلمة بطبعها وهذا هو التحول المقتنعين به».
لا نبحث عن بديل لشركائنا
أما في ما يتعلق بالبحث عن حلول توافقية للمرحلة المقبلة قال محدثنا ان هناك عديد المبادرات والأفكار التي تبقى دائما في اطار الالتزام مع شركاء النهضة التي لا تبحث عن بديل عنهم ولكنها مع توسيع الائتلاف بشخصيات مستقلة او شخصيات من داخل المجلس التاسيسي نافيا اي حوار مع حركة نداء تونس رغم انه موجود في الساحة السياسية قائلا «لاشيء يعطيه امتيازا ولا شيء يمنعه من المشاركة لكنه خارج عملية التحاور معنا فهو غير ممثل في المجلس التأسيسي كما ان هويته السياسية والفكرية لم تتضح بعد وليس له برنامج اقتصادي واضح بل ان زعيمه الباجي قايد السبسي قلل من الحاجة الى برنامج اقتصادي في الوقت الحاضر عكس ما ردده البعض من تسخير خبراء اقتصاد لتحديد برنامج الحركة الاقتصادي ومع ذلك أؤكد اننا لنا أصدقاء في نداء تونس وتقييمنا ليس تقييما للأشخاص في ذواتهم بل كتموقع وكخيار سياسي».
18 أكتوبر الرمز
اعتبر العجمي الوريمي ان تاريخ 18 أكتوبر له قيمة كبيرة للمناضلين ضد الديكتاتورية وهو موعد مهم وله رمزية لذلك من الوارد ان يكون موعدا لقرارات هامة قد يحصل حولها التوافق.