يمكن اعتبار مسألة انتشار الأكواخ بالمناطق الريفية بجهة جندوبة من المسائل المسيطرة على المشهد الاجتماعي والتنموي وانعكس سلبا على البنية التحتية المتواضعة وعجل بتنامي الأخطار، والسؤال هو متى تنتهي مظاهر البؤس هذه وتشرق شمس التنمية بهذه الربوع؟ يعتبر عدد الأكواخ المنتشرة بأرياف جهة جندوبة رقما صعبا ولا يمكن حصرها نظرا لصعوبة الوصول لبعضها حينا وجهل حتى المسؤولين بوجود معاناة خلف الجبال وبين التضاريس الصعبة وهي نتاج للتهميش الذي ميز السنوات الماضية ناهيك و أن برامج إزالة الأكواخ وما رصدت لها من اعتمادات تقدر بالمليارات كفيلة بالقضاء عليها لكن الحقيقة التي اكتشفها الجميع بعد الثورة تؤكد أن آلاف العائلات مازالت تعيش تحت الأكواخ وجهة جندوبة في مقدمة الجهات التي تصدرت الرقم المهول في انتشار الأكواخ.
الأكواخ المنتشرة بجهة جندوبة وفي أغلب معتمدياتها دون استثناء وخاصة غار الدماءوفرنانةوعين دراهم وهي بالآلاف تنعدم بها مقومات العيش السليم والصحي ذلك أنها قدت من قش وطين لتكون عرضة للفح البرد القارس ووهج الشمس الحارقة وعنفوان الطبيعة التي تهددها بالسقوط حينا والانزلاق أحيانا هذا بالإضافة لتواضعها حيث يستعمل الكوخ لجميع الأغراض من النوم والاستقبال والأكل ويتقاسمه الحيوان والإنسان وفي هذا وذاك تغييب لظروف الصحة المناسبة وكم من ساكن تعرض لعدوى من حيوان قاسمه الأكل والشرب والنوم.
في إطار القرى النموذجية التي تم إقرارها نالت جهة جندوبة مشاريع ستشمل بناء قرابة ألفي مسكن للعائلات المعوزة والتي عانت من النسيان وعصفت بأكواخها الرياح والانزلاقات الأرضية والثلوج ولكن هذا المشروع لم ينطلق بعد مما جعل الوضع يبقى على ما هو عليه وهو ما عجل بتنامي التساؤل حول مصير من سقطت منازلهم وظلوا لسنة بالملاجئ والخيام (عين دراهم) لذا تعالت النداءات بالتعجيل بتفعيل هذا المشروع حتى تطمئن القلوب وتطمئن لقادم أفضل.
رغم أهمية المشروع الذي سيخلص إن آجلا أو عاجلا آلاف العائلات من الفاقة وسوء الحال السكني فإن ضرورة إعادة جرد الأكواخ وقائمة المنتفعين أصبح مطلبا ملحا خاصة وبين الفيافي وخلف الجبال البعيدة سواء بغار الدماءفرنانةعين دراهم بلطة بوعوان هناك آلاف العائلات تسكن الأكواخ البدائية ولم يصلها لا الماء ولا الكهرباء ويجهل الكثير وجودها بالخارطة أصلا وهنا لا بد من تنقلات للمسؤولين ولفرق الشؤون الإجتماعية وكل من يهمه الأمر لاكتشاف المعاناة التي تدمي القلوب والتي تؤكد حاجة سكان المناطق النائية التي مازال لا يفقه أغلبهم ما يدور بالبلاد وحتى تاريخ استقلالها ومن ترأس ويترأس البلاد لأن بينهم وبين الحضارة سنوات جراء الإهمال والتهميش ولكل من يشك ذرة في المسألة فليأت إلى الغرة التباينية بوحلاب حليمة جنتورة.. فخلف الجبال وبين ثنايا الغابة سيكتشف المعاناة وربما يلعن هول الاكتشاف.
إذا كان مجرد التفكير في إحداث قرى سكنية نموذجية هو عمل نبيل في حد ذاته يقود إلى نوع من العدالة الاجتماعية فإن أهمية أن يجرد البرنامج كل شبر من تراب الجهة هو أمانة المحتاجين والفقراء والمحرومين.