مع منتصف النهار والنصف من يوم أمس، انسحبت عدد من سيارات البوليس التي كانت متوقفة أمام المسرح البلدي بعد أن تجمع عدد من الناشطين السياسيين والحقوقيين، وانطلقت الوقفة الاحتجاجية المساندة لحرية الاعلام.
تجمع مئات من الناشطين السياسيين والحقوقيين والاعلاميين اضافة الى بعض المثقفين أمام المسرح البلدي بالعاصمة، لسويعات، في تحرك مناصر لحرية الاعلام واستقلاليته، رافعين شعارات «سلطة رابعة، سلطة رابعة» و«الشعب يريد اعلاما مستقلا».
هذا التحرك انطلق مع منتصف النهار والنصف تقريبا، حينما تجمهر عشرات من السياسيين والمثقفين، أمام المسرح، المكان المقرر للقيام بوقفة احتجاجية، وما ان هتف هؤلاء حتى تحركت وحدات من قوات الأمن كانت متمركزة أمام المسرح، وانسحب البوليس تاركا للمحتجين المكان، ليتحول هذا الجمع الى مئات في دقائق قليلة. ودعا الى هذا التحرك كل من الحزب الجمهوري، الذي تتولى مية الجريبي أمانته العامة والمسار الديمقراطي الاجتماعي الذي يتزعمه أحمد ابراهيم احتجاجا على ما اعتبرته كل من الحركتين اعتداء صارخا على الإعلاميين في مناسبات عديدة ومن ذلك استفزازهم المستمر أمام مؤسسة التلفزة والتهديد بخوصصة الإعلام العمومي.
قيادات سياسية
هذا التحرك حضره كل من أحمد ابراهيم وعدد من قيادات المسار الديمقراطي الاجتماعي كما حضره كل من مية الجريبي وعصام الشابي واياد الدهماني أعضاء المجلس الوطني التأسيسي، ولم يقتصر الحضور على كلا الحركتين الداعيتين للتحرك، وانما حضره عدد من الوجوه السياسية البارزة، مثل خميس كسيلة عضو المجلس الوطني التأسيسي، وعبد الرزاق الهمامي رئيس حزب العمل الوطني الديمقراطي وشكري بلعيد أمين عام حركة «الوطنيون الديمقراطيون» والدكتور فتحي التوزري... و سجل عدد من مناضلي نقابة الثقافة والاعلام، اضافة الى نجيبة الحمروني نقيبة الصحفيين وبعض أعضاء المكتب التنفيذي بالنقابة حضورهم في هذه الوقفة الاحتجاجية، كما كان الحضور الشبابي كثيفا مساندة لحرية الاعلام.
شعارات ولافتات
الحاضرون رفعوا عديد الشعارات، المساندة لحرية الاعلام واستقلاليته، كما نددوا بالتصريحات التي خرجت عن بعض قياديي حركة النهضة الذين نادوا بخوصصة مؤسسة التلفزة التونسية. وعبر الحضور عن استنكارهم لتعيين مدير عام لمؤسسة الاذاعة الوطنية دون استشارة أحد.
كما حمل عدد من الشباب لافتات، مدعمة للاعلاميين، و منددة بالتدخل في الشأن الاعلامي ومحاولات تدجينه، وحمل أحد الشباب لافتة كتب عليها «التلفزة وطنية لا حكومية ولا حزبية» ورفع اخر لافتة كتب عليها «محتجون لحماية الصحافيين والحقوقيين».
عمل
عدد كبير من الزملاء الصحفيين والمصورين الصحفيين حضروا هذا التحرك، الا أن أغلبهم التزم الحياد، وجاء لتغطية حدث كبقية الأحداث الأخرى رغم أن هذه الوقفة الاحتجاجية تهدف الى مساندة حرية الاعلام والصحافة. ورغم أن الهتافات كانت تنادي بحرية الاعلام وتعبر عن مساندة الصحفيين، غير أن عشرات الصحفيين الذين حضروا هذه الوقفة، التزموا بأداء عملهم لا غير.
كما كانت الصحافة الأجنبية حاضرة بكثافة، في هذه الوقفة الاحتجاجية بهدف تغطيتها اعلاميا، بعد أن تعالت الأصوات في المدة الأخيرة محذرة من محاولات تدجين الاعلام والتأثير عليه.
تنظيم
قوات الأمن كانت حاضرة بكثافة، وتمركز عدد هائل من هذه القوات بالزي النظامي في حافلات نشرت في منتصف شارع الحبيب بورقيبة، قرب المسرح البلدي. وكان زملاؤهم من المرور واقفين بصرامة، أمام المسرح مسهلين عملية المرور، كما تجند عدد من الضباط لحماية التحرك وطوقت عناصر منهم الاحتجاج بهدوء حتى لا تحصل انفلاتات.
أحد المارين، كان غاضبا وأراد الوصول الى المحتجين، فما كان من أحد الضباط الا نهيه عن ذلك، وأمره بمواصلة الطريق، «فهم يعبرون عن رأيهم» كما صدر عن هذا الضابط مخاطبا المار.
الجهة الأخرى
في المقابل، وقف العشرات في الجانب الاخر من شارع الحبيب بورقيبة، عاينوا المشهد، وتوقفوا لدقائق فضولا، ومحاولة لفهم ما يحدث. وتكونت حلقات نقاش صغيرة، حيث أكد أحد الواقفين أنه «بعينه، رأى مسلحين بالسكاكين والهراوات من أبناء التلفزة الوطنية ينهالون على معتصمي التلفزة المساكين»، وهو ما أثار استغراب عدد من الحضور، وصدقه اخرون.. في حين أكد اخر وهو في نقاش مع امرأة متحجبة ورجل اخر، أن البلاد تعيش فوضى «ذاكرا خطاب المرزوقي الأخير في الدوحة» وناقدا له بشدة.
من جانب اخر، صاح كهل «نحن مساكين، لا تهمنا الحريات ولا الديمقراطية، ان غلاء المعيشة يفتك بنا، نحن في حاجة الى الخبز»، مضيفا «لا تهمني أي حكومة، فما يهمني هو أن أعيش، وأتمكن من توفير لقمة عيش أبنائي».