رغم مرور 15 شهرا على استشهاد زوجها بالرصاص وسط مدينة بنزرت وهويؤدي واجبه المهني العسكري ، ما تزال السيدة راوية تنتظر الكشف عن حقيقة تلك الرصاصة الغادرة التي رملتها بعد أقل من عامين عن زواجها ويتمت رضيعها يوسف قبل أن يتجاوز شهره السادس. استشهد المرحوم سفيان بن جمالة ( 36 سنة ) يوم الاحد 16 جانفي وسط مدينة بنزرت برصاصة غادرة وهويمارس واجبه المهني كوكيل في سلك الجيش الوطني . تقول زوجته أنه غادر منزل العائلة بمنزل بورقيبة يوم الاربعاء 12 جانفي على أن يؤدي عمله اليومي ببنزرت ثم يعود في المساء كما جرت العادة غير أن واجب المهنة خلال تلك الايام العصيبة التي عاشتها البلاد فرض عليه البقاء بإحدى ثكنات بنزرت طيلة 4 أيام في إطار التعزيزات العسكرية التي تم اقرارها آنذاك ولم تُكتب له العودة إلى زوجته وابنه الرضيع إلا جثة هامدة .
قنص في الرأس
تقول زوجة الشهيد ، وفق ما استقته من معلومات ، أنه في يوم الاحد 16 جانفي استنجد مواطنون من وسط مدينة بنزرت بالقوات العسكرية بعد رواج ما يفيد وجود قناصة يطلقون الرصاص من فوق أسطح بعض العمارات . توجه سفيان بتعليمات من رؤسائه في العمل إلى مكان اطلاق الرصاص رفقة ثلة من زملائه .
وتضيف المتحدثة ان شهود عيان أكدوا لها حصول تبادل لإطلاق الرصاص بينهم وبين اطراف مجهولة وهوما أدى إلى إصابته برصاصة على مستوى الرأس فجرت دماغه وأردته قتيلا على عين المكان واصابة زميل له على مستوى الكتف برصاصة أخرى.
سيارة مرسديس ..وقنص محكم
رفعت زوجة الشهيد منذ العام الماضي قضية امام المحكمة العسكرية بتونس طالبة البحث والتقصي حول ظروف وملابسات مقتل زوجها بتلك الطريقة وتمسكت رفقة محاميها بتتبع القاتل الذي تقول كل المعطيات حسب رأيهما أنه لا يمكن أن يكون غير قناص محترف .
وحسب محامي المتحدثة الاستاذ شرف الدين القليل فان سفيان كان يرتدي صدرية واقية من الرصاص وبالتالي كان هناك اصرار من القاتل على اصابته فوجّه له رصاصة على مستوى الرأس مما يؤكد أنه يُتقن عملية القنص...واكثر من ذلك يقول الاستاذ القليل أن شهود عيان أكدوا أنه قبل الحادثة بقليل شاهدوا سيارة من نوع مرسديس تحل بالمكان ونزل منها 4 أشخاص ذوي بنية جسدية قوية وكانوا يحملون بين أياديهم حقائب كبيرة ثم تسللوا إلى احدى العمارات التي وقعت منها عملية قنص الشهيد سفيان .
طال الانتظار
رغم مرور 15 شهرا على وقوع الحادثة إلا أن القضية ما تزال الآن بين أيدي قلم التحقيق العسكري ولم تقع إحالتها على المحكمة وهوما اعتبره الاستاذ شرف الدين القليل في تصريح ل«الشروق» أمرا غريبا لأن معالم الحادثة واضحة ولان أعمال التحقيق كشفت عدة حقائق حولها فضلا عن وجود ما يؤكد أن أعوان الجيش أوقفوا مباشرة بعد الحادثة في بنزرت مشتبها فيه بالمشاركة في اطلاق الرصاص على العسكريين الذين كان من ضمنهم الشهيد سفيان (يؤكد الاستاذ شرف الدين القليل أنه بالفعل قناص ) .
ويتفق الاستاذ شرف الدين القليل والسيدة راوية على أن تعطيل القضية على مستوى قلم التحقيق العسكري غير مبرر بالمرة وفيه تنكر لشهيد ليس كبقية الشهداء باعتباره دفع حياته ثمنا وهويؤدي واجبه الوطني في حماية الشعب عندما كان يتخلص من آخر بقايا النظام البائد . وأكثر من ذلك ، تقول السيدة راوية « كنت اعتقد حال حصول الوفاة أن حق زوجي لن يضيع بما أن القضية من أنظار القضاء العسكري وان المؤسسة العسكرية التي ينتمي لها زوجي ستبذل كل ما في وسعها حتى تثبت حقوق أبنائها في أسرع وقت لكن اكتشفنا أن العكس هوالذي حصل على الاقل إلى حد الآن مما زاد في معانتنا ونحن نرى الحقيقة المنتظرة تتلاشى يوما بعد يوم امام عيوننا ..كل أملي أن يعجل التحقيق العسكري بإنهاء البحث في القضية في القريب العاجل وأن يحيلها على المحكمة لتنظر فيها ولتكشف الحقيقة المرجوة وتعاقب قاتل زوجي العقاب المستحق عسى ذلك يساعدنا على التخلص من الالم الذي يحرق قلوبنا منذ 15 شهرا ».