الصدفة وحدها جعلتني أستمع إلى إذاعة الزيتونة صباح أمس الخميس عندما كنت في سيارة تاكسي قاصدا مقر الجريدة إستمعت إلى جزء من النقاش بين المنشط الذي كان ينادي أحد ضيوفه بسيدي عبد الله
الذي تحدث عن ضرورة التنصيص على الشريعة كمصدر وحيد للدستور والذي قال إنه مطلب كل التونسيين إلا «شرذمة» هكذا سمح لنفسه بنعت من يخالفونه الرأي متجاهلا طبيعة الإذاعة التي يفترض أن تدعو إلى الرحمة والتحابب بين التونسيين وليس التباغض والفتنة التي نلاحظ أن البلاد للأسف تسير نحوها بخطى حثيثة ما لم يتم تدارك الأمر وتحكيم العقل ومنطق الوفاق.
فمطلب التنصيص على الشريعة هو مطلب لجزء من التونسيين وعلى حد علمي هناك جزء من قياديي النهضة ليسوا مع هذا التمشي للمخاوف التي يثيرها حول الوحدة الوطنية.
وبغض النظر عن موقف الضيف أو المنشط من هذه المسألة ولهما كل الحق في الدفاع عنها فإن ما يثير الانتباه والخوف هو تحويل منبر عمومي تنفق عليه المجموعة الوطنية إلى منبر دعائي لتيار فكري وسياسي ولا أقول حزب لأن حركة النهضة تؤكد إلى حد الأن عبر مراجعها الرسمية تمسكها بمدنية الدولة وقد أستمعت بأستغراب شديد للمنشط وهو يدعو بال «هداية» لزملائه في الإذاعة الوطنية حتى ينسجوا على منواله ربما ويخصصوا برامج الإذاعة إلى الدعوة إلى ما يدعو إليه.
إن وسائل الاعلام العمومية يجب أن تحتفظ بالحياد عن كل الفرقاء السياسيين طالما أن المجموعة الوطنية هي من يتولى الأنفاق عليها ولن يكون هناك انتقال ديمقراطي بدون إعلام مستقل ومحايد وعلى إذاعة الزيتونة أن تتذكر أنها إذاعة تابعة للدولة التونسية وليست ناطقة باسم تيار سياسي معين حتى وأن وصل إلى الحكم أو على الأغلبية في المجلس التأسيسي وعليها طبقا لذلك أن تدعو إلى ما يجمع بين التونسيين وإلى الاعتدال والتسامح والمحبة وهي خصوصيات الثقافة التونسية الراسخة في التربة الإسلامية منذ مئات السنين وأن الاسلام لم يصلنا بعد فلول الدعاة الذين يتوافدون على بلادنا ويروجون لأسلام غريب لم نعرفه طوال تاريخنا.