برز في الساعات الماضية مؤشران هامان على دخول الأزمة السورية في منعرج للتهدئة قد يفضي إلى انفراج حقيقي للأزمة واتجاهها نهائيا نحو مربّع تسوية سياسية بين النظام والمعارضة تستند إلى منطق الحوار البنّاء. المؤشر الأول تمثل في وصول السيد كوفي عنان المبعوث الأممي إلى سوريا ولقائه في مناسبتين مع الرئيس السوري بشار الأسد. وقد أرسل وصول عنان رسالتي طمأنة تمثلت الأولى في لقائه الصريح مع القيادة السورية والذي مكن من طرح كل الإشكالات القائمة بحثا عن أرضية لقاء يمكن البناء عليها لتحقيق التهدئة الكاملة وتمثلت الرسالة الثانية في تأكيد السيد عنان أنه سيمارس مهمته في إطار كامل من الحياد والنزاهة والاستقلالية وهو ما من شأنه طمأنة القيادة السورية والشعب السوري بأنه لن يكون كما كانت الأممالمتحدة في عديد الأزمات مجرد أداةإدانة تمهد الأرضية للآلة العربية الأمريكية والأطلسية. أما المؤشر الثاني فقد جاء من القاهرة وتبع لقاء وزير الخارجية الروسي مع جمع من نظرائه في دول عربية وتمثل في استبعاد التدخل الأجنبي والتحرك نحو إيجاد حلول ترضي جميع الفرقاء على الساحة السورية. ومع أن موازين القوى التي فرضها الجيش السوري على الميدان والانتصارات التي حققها على الجماعات المسلحة المتسللة من دول الجوار والتي دفعتها إلى التقهقر والرجوع من حيث أتت هي التي مهّدت الأرضية للسير في نهج التهدئة فإنه لا بد من التوقف أولا عند تماسك الجبهة الداخلية السورية من جهة وهو تماسك أجهض كل المراهنات على رؤية السيناريو الليبي يتكرر في سوريا وثانيا عند صلابة الموقف الروسي المستند إلى قراءة دقيقة لكامل فصول الأزمة وخفاياها وخلفياتها وهو موقف يفترض أن تتوقف عنده الكثير من الدبلوماسيات العربية إن صحت عليها التسمية والتي هرولت إلى صب الزيت على النار معلنة انحيازها إلى الجماعات المسلحة والحال أن المجال كان متاحا أمامها لو أمسكت بالعصا من الوسط أن تتوصل إلى حل عربي يحقن الدماء السورية ويقطع الطريق أمام التدويل مع ما يتبعه من دمارات أوقفتها لحد الآن صلابة الموقف الروسي. وهذا درس آخر على الجميع استيعابه والإحجام عن المواقف المتشنجة والمتسرعة والتي لا تخدم في نهاية المطاف المصلحة العربية في شيء.