تعالت خلال الفترة الاخيرة عديد الانتقادات لأداء الإعلام الوطني مابعد الثورة الذي وجهت اليه اصابع الاتهام من كل جهةوبقي حد الساعة حبيس وصف «الإعلام البنفسجي» الذي يسعى لخدمة طرف معين على حساب طرف آخر. «الشروق» فتحت الملف ورصدت عبر هذا التحقيق طبيعة تقييم أهالي جهة بنزرت لأداء الإعلام الوطني والانتظارات منه إضافة الى رؤية عدد من مثقفيها بخصوص افق التطوير التي ذهبت الى مراجعات قانونية ترسي قانونا للصحافة يجعل منها بالفعل سلطة رابعة بعيدا عن منطق التجاذبات والوضعية الحالية التي تم وصفها بالحرجة والتخبط من ثمة بين الرهان المرتقب في مصداقية التعاطي مع الحقائق وخطر الانحياز مرة اخرى لأطراف سياسية بعينها. «في الحقيقة رغم التغييرات التي طرأت على مستوى التعاطي مع الخبر والملفات المطروحة في الفترة الحالية التي تعيش على وقعها تونس إلا ان أداء الإعلام الوطني لازال متأخرا خطوات عما هومنتظر منه في ما يتعلق بدقة المعلومة والبرامج الراقية وتغطيات حرفية للأحداث. وهذا الامر يبرز خاصة في مستوى النقل المرئي وهنا من الاكيد الالتزام بأخلاقيات المهنة وتفعيل اكبر لعملية تكوين الصحفيين خدمة لجودة ما يقدم للمستهلك المحلي». هكذا أراد ان يعبر عن موقفه الشاب «علاء معزاوي» طالب الهندسة وغير بعيد عنه ذهب الشاب «محمد شاكر» تاجر انه «رغم التحسينات التي شهدها قطاع الإعلام في تونس في مستوى الإخبار بصفة عامة الا ان الإصلاحات الطارئة ماتزال دون رهانات الثورة العظيمة التي عاش على نبضها الشعب والشارع التونسي الذي هومتعطش لإعلام بحق مستقل وموضوعي ويعتمد فقط في نقله الحقائق على المصداقية والحياد لكن ما نلاحظه.للأسف الشديد ركوب ملحوظ من بعض الأطراف على الثورة. وفي جانب اخر من المسالة ومقارنة بالإعلام النوفمبري اعتبر عدد ممن تحدث إلينا انه رغم الانتقادات الموجهة فانه لايمكن نكران النقلة ومستويات التحسن في أدائه مقارنة بالعهد الفارط بصفة نسبية. حيث أشار السيد «حسان الذوادي» سائق «انه لا يمكن لأحد نكران مستوى التطور الذي عرفه هذا القطاع بعيد الثورة مقارنة بحال الهيمنة التي كان يرزح تحتها خلال نظام بن علي ومن وجوه النقلة هنا علاقة التونسي بنشرة اخبار الثامنة والنشرات المصاحبة مثلا حيث لم تكن اوجه الاستفادة منها تتجاوز الوقوف عند احوال الطقس بالنشرة الجوية». وهو تقريبا نفس الموقف للطالبتين هيام طبوبي وندى زعيتر اللتين اعتبرتا ان «مستوى اداء الإعلام عرف تطورا واضحا بالمقارنة بما كان يتميز به فيما مضى لكن مع النقص الذي ما يزال يشكومنه المواطن في الحصول على المعلومة كاملة وموضوعية فانه يبقى من الأجدر هنا تطوير القطاع المرئي مساهمة في بناء تونسالجديدة». أما الشاب «عبد الرحمان دغبوجي» تقني سام في الاتصالات فقد ذهب الى ان «مع التحسن في اداء الإعلام الوطني مقارنة بوضعية تاريخ ماقبل الرابع عشر من جانفي فان المطلوب اليوم مزيد القرب من المواطن بعيدا عن منطق المزايدة على الحدث. السيد «شهاب عوني» ناظر بميناء بنزرت التجاري قال ان «أداء الاعلام التونسي رغم التحسينات الطارئة يبقى دون ما نطمح اليه كمواطنين. ومن وجهة نظري ومتابعة مني بصفة مكثفة لما يعرض من برامج على القناة الوطنية فان ما يقدم كبرمجة يبقى دون المطلوب وانه من المرتقب التعمق في مواضيع الساعة. كما تساءل الشاب «ايمن الحاج سالم» موظف بشركة عن «الإضافة التي اردفت حرية الاعلام خاصة وانه من الملاحظ ان الوسائل الإعلامية أضحت داعمة للاعتصامات والفزاعات المجانية ومن هنا يجب العمل على تطهير القطاع وتطوير الإطار التشريعي لعمل الصحفي بصفة خاصة ..». تعتيم طبيعة التعاطي مع المعلومة ألقت بظلالها هي الاخرى حيث لاحظ الشاب محمد مهدي بن خليفة طالب ان «التناقض في المعلومة يبقى من كبرى المسائل التي تشغل الراي العام في تونس إضافة الى استمرار انتهاج أسلوب التعتيم ازاء ملفات مايزال فتحها بعد عام على الثورة محل ترقب». كما أضاف الشاب «سيف الدين الغربي» موظف بشركة ان «الحماية القانونية للصحافيين وتحسين ظروف العمل من كبرى الآليات الضرورية لتطوير الأداء الإعلامي خاصة بالنسبة للمراسلين بالجهات. ومع التحسن الملحوظ وتنوع المواضيع التي كان عدد منها مسكوتا عنه فان الارتقاء بالرسالة الإعلامية في المجال المرئي نحوالموضوعية والدقة تبقى مطلوبة». كما أوضح الشاب «طيب السعيداني» عامل بشركة انه «مع التحسن في اداء الإعلام من حيث كشف عدد من الحقائق لاسيما الاجتماعية فان الرهان المطروح في فهم حدود الحرية الإعلامية حتى لاتسقط في صراعات الأطراف السياسية وأسلوب المزايدات وهوما لاحظناه في تعاطي الوطنية الأولى مؤخرا بصفة ملحوظة مع بعض الملفات». ذهب الدكتور «جابر القفصي» الباحث في علم الاجتماع والمحلل الى ان « «لا احد يجرؤ على المطالبة بتكميم أفواه الصحفيين والإعلاميين ومحاصرة حرية التعبير وفرض نمط التزلف والنفاق ومدح الحاكم بأمره. هذا أمر مستحيل التفكير فيه بعد ثورة الكرامة والحرية التي جعلت كل اطياف الشعب التونسي تخرج من عقالها وتتنفس نسيم الحرية وتتمرد على كل ما هوأوامر وسلطة قامعة وإرادة لفرض أجندات خاصة بالقوة. ولكن هنالك شبه اتفاق بين العديد الاطراف على ان الإعلام يحتاج الى إصلاح وانه لم يستوعب مثل كل قطاعات المجتمع طبيعة التحديات المطروحة وخصوصيات المرحلة وضرورة القطع مع آليات الماضي. كما وصفت المحامية صبيحة بن صالح أنه من ابرز مايميز الاداء الاعلامي الحالي هوطابع عدم المحايدة والموضوعية في نقل الأحداث السياسية خاصة والتعليق عليها مما يجعل الإعلام المرئي العمومي لاسيما بالقناة الوطنية الأولى يحافظ على ذات اللون البنفسجي المرفوض .ولهذا فانه لتطوير المجال لابد من تاطيره وهوغير المطروح في ظل غياب ارادة سياسية على غرار عدد من المجالات التي ماتزال تترتقب إصلاح وفتح ملف عاجل حولها وأبرزها استقلالية القضاء اضافة الى هيئة مستقلة تكون مرجع النظر في ما اتصل بعدد من المسائل المنظمة للحياة المهنية الاعلامية. اما الاستاذ «مراد حجي» الناشط في المجتمع المدني فقد ذهب الى «ان الانتضارات تبقى اكبر لماهوعليه من حيث الاداء خاصة بعد فتح مجال الحرية والتعبير ومن الثغرات التي وجب الوقوف عندها التكوين على أساس علمي صحيح والممارسة الاعلامية بمعزل عن الشهادة العلمية للصحفي والرسكلة تحقيقا لإعلام مرحلة محايدة بصفة كاملة اضافة الى منظومة تشريعية جديدة تضمن حقوق الإعلامي وحرية التعبير لإرساء بالفعل سلطة رابعة لا بوق دعاية لاي طرف». كما اعتبر السيد «حميدة الشاوش» مستشار عام في الاعلام بوزارة التربية ان « الفترة الحالية للإعلام تبقى بالحرجة وتشتت في نفس المحاور التي لها علاقة بالمجال السياسي اعتبار انه مايزال يتخبط في مخلفات خمسين عاما حيث كان هدفه ترويض الرأي العام .ولكن مع النقلة النوعية التي لا يمكن لاحد إنكارها مابعد تاريخ 14 جانفي تضل من المسائل الهامة عمل هذه الوسائل على الارتقاء بالذوق العام وتقديم صورة تونس المشرقة بعيدا عن الإيغال في رسائل التشذرم والإحباط». وعلى صعيد متصل اشار الاستاذ «عماد صولة» باحث وأستاذ جامعي في الانثروبولوجيا فإذا كان القطع مع الاعلام الماضي مطلبا ملحا يشترك فيه الجميع فثمة اختلافات حول مواصفات الاعلام البديل ادت الى حدوث مواجهات بين الاعلاميين من أصحاب المهنة وفئات اجتماعية وسياسية معينة وبين الاعلاميين التقليديين وأولئك الذين يشتغلون في الاعلام الإلكتروني... وقد صرنا نعاني حالة فوضى اعلامية اكثر منها حرية حقيقية فاذا كان الأمر يبدو طبيعيا بوصفه تعبيرا عن كبوتات عميقة فإن التمادي يمكن ان ينسف الوظيفة الحقيقية للإعلام خاصة في القدرة على التأثير فتصبح حرية بلا معنى خاصة اذا ما تحول الصحافيون الى طرف في النزاع وتغتال الحقيقة لدوافع ايدولوجية أو سياسية.