وافنا الحفناوي بن عثمان سجين سياسي سابق وعضو المكتب السياسي لحركة الشعب الوحدوية التقدميّة بردّ على ما جاء في الحديث الّذي أدلى به مصطفى التواتي الأمين العام للحركة التقدميّة التونسيّة ، ونظرا لأهميّة الردّ الّذي يستبطن رؤية العديد من المنتمين للتيار القومي تنشر «الشروق» نص الرد كاملا: «كان لزاما علينا أن نردّ على ما تسرّب في الحوار الذي أجرته جريدة «الشروق» ضمن «باب الشروق السياسي» مع الأستاذ مصطفى التواتي. «نعتبر أنّ صاحب الإدّعاءات إنّما هو أستاذ جامعي كان من المفترض به أن يتوخّى الموضوعيّة في تعرّضه لأيّ سياق نقدي مرتبط بالشأن السياسي وما وقع فيه الأستاذ من كيل للشتائم لتيّار عريق هو التيّار القومي التقدّمي بكلّ تاريخه وزخمه النضالي يجعله يقع في مغالطتين كبيرتين الأولى وصفه التيّار القومي التقدّمي بالانتهازيّة السياسيّة، أمّا الثانية فتحدّث فيها عن تحالف بين الحركة القوميّة التقدّميّة والحركات الدينيّة. أمّا ردّنا على الأولى فيكون كالآتي: 1-التيّار القومي التقدّمي تيّار أصيل منحاز إلى شعبنا وتطلّعاته لذلك اختار المواجهة مع الخط البورقيبي الفرنكفوني وكان حصنا منيعا للدفاع عن هويّة تونس العربيّة الإسلامية ولم تكن الحركة اليوسفيّة، التي صعد بورقيبة إلى الحكم على جماجم مناضليها، إلاّ المربّع الأخير للدفاع عن تلك الهويّة بينما كان غيرنا يرى أنّ مرسيليا أقرب إليه من الجزائر فيدافع عن اليسار الفرنسي حتّى وهو يشنّ علينا حربا استعماريّة هناك، أمّا في عهد المخلوع فلم يكن التيّار القومي التقدّمي حاضرا على مائدة الصفقات المشبوهة مع النظام في ما سمّي «بالميثاق الوطني» الذي تقاطر عليه بعض اليسار كالذباب ليكون شاهد زور على ما دبّر لشعبنا العربي في تونس ولم يكن التيّار القومي التقدّمي شريكا في التقارير البوليسيّة التي سلمّت لنظام المخلوع وشاية بالحركة الإسلاميّة ولم يكن القوميّون التقدّميون شركاء في بناء صروح التطبيع الأكاديمي مع العدو الصهيوني في الجامعة التونسيّة مثلما كان بعض اليسار الذي يدّعي أستاذنا الانتماء إليه. وليعلم الأستاذ أنّ الأنظمة التي أتى على ذكرها (العراق، ليبيا، سوريا). لم تمثّل يوما التيّار القومي التقدّمي بل كان يعتبرها أنظمة إقليميّة رجعيّة ولم يقف يوما على أعتابها كما فعل بعض اليسار متسوّلا بالشعر والمديح، والذين يصمّون آذاننا اليوم برجم هذه الأنظمة كانوا بالأمس القريب أصدقاء لها تغدق عليهم أموال شعبنا العربي وثرواته المهدورة وليعلم الأستاذ أنّ هذه الأنظمة ولو كانت تدّعي رفع الشعارات القوميّة فإنّها لم تكن ولن تكون حجّة على الفكر القومي التقدّمي ولكنّها حجّة له باعتبار أنّ القوميّين منحازون دائما نظريّة وتطبيقا للشعب العربي دون سواه، لذلك كان أبناء التيّار القومي التقدّمي في الصفوف الأولى، إبّان ثورة شعبنا في الحوض المنجمي وبنقردان والصخيرة وسيدي بوزيد والقصرين وكلّ المدن الثائرة وكانت الشعارات تختزل العمق القومي لجماهير شعبنا فنادوا بتحرير فلسطين والوحدة العربيّة ولم يكن الخطاب القومي غائبا عن النضالات التي أطاحت بالمخلوع، في كلّ ميادين الثورة في تونس بينما كان بعض يسارك، أستاذنا الجليل، يتهافت على المخلوع في قصره ويتدارس معه إمكانيّة الإنقاذ وتشكيل حكومة إنقاذ وطني على رأسها الطاغية نفسه يوم 13 جانفي وما بالعهد من قدم. 2- يدّعي أستاذنا الجليل، في معرض حديثه إنّ هناك تحالفا بين الحركة القوميّة التقدّميّة وبين الحركات الدينيّة وهو حديث عار من الصحّة يجعل من التيّار القومي التقدّمي العريق تابعا ولا هويّة سياسيّة له فنقول: إنّ التحالفات بين الأحزاب وبين القوى السياسيّة هو من صميم مقتضيات السياسة وليعلم أستاذنا الجليل أنّ التحالفات تحدّدها التحوّلات السياسيّة وتغير معطياتها، ونقول كذلك أنّ التحالف الذي يدّعيه أستاذنا لا مكان له إلاّ في خياله الخصب حيث دأبت حركة الشعب الوحدويّة التقدّميّة على الانكباب على بناء تنظيمها منذ حصولها على التأشيرة وهيكلة فروعها واستعدادها لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي، فترشّحت في كلّ الدوائر الانتخابيّة داخل القطر التونسي وخارجه دون تحالف أو تنسيق مع أيّ طرف يسارا كان أو يمينا كما فعل بعض يسارك، وكان خطابها مفتوحا على كلّ القوى السياسيّة بمختلف أطيافها ولما وقع التنادي إلى هيئة بن عاشور اختارت حركتنا الانحياز إلى جماهير الشعب الرافضة للالتفاف على المجلس الوطني لحماية الثورة وإرادة شعبنا في تقرير مصيره بعيدا عن هيئات مشبوهة تأسّست زمن المخلوع وبقاياه ، كما اختارت حركتنا كذلك مناهضة الدعوة إلى الاستفتاء المشبوه الذي دعت إليه «مجموعة القبّة ومن تحالف معها» من تجّار السياسة انحيازا منها إلى مطالب شعبنا في القصبة 2 المنادية بانتخاب مجلس وطني تأسيسي تكون فيه الكلمة للشعب في اختيار ممثّليه فعن أيّ انتهازيّة يتحدّث أستاذنا الجليل؟ أليست الانتهازيّة هي انتهازيّة الذين تسابقوا إلى القصر والمخلوع يحتضر؟ أليس الانتهازيّة أن يتسابق زعيم اليسار إلى الحكومة الأولى، حكومة الغنّوشي التجمّعيّة بامتياز؟ أليست الانتهازيّة أن يستقيل بعض اليسار فيها، لمجرّد علمهم أنّهم لن يكونوا في الحكومة القادمة المنتخبة من الشعب. إنّ حديث أستاذنا الجليل، عن الانتهازيّة السياسيّة للحركة القوميّة التقدّميّة، إنّما هو رجم بالغيب يكشف ارتباك صاحبنا في توصيفاته النقديّة وحالة الإحراج التي عليها بعض اليسار أمام المشهد السياسي في تونس وأمام غموض نتائج المرحلة القادمة أمامهم. نقول فقط في نهاية هذا الرد الموجز إنّ التياّر القومي التقدّمي رقم صعب في المعادلة السياسيّة في القطر التونسي لا يمكن تجاوزه أو تشويهه وسوف تبدي لك المحطّات القادمة ما أنت بصدد تجاهله وسوف يعرف الشعب أحجام من يتبجّحون أمامه في وسائل الإعلام بجماهيريّتهم وقربهم من المحرومين والكادحين إثر انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وإنّ غدا لناظره قريب.