في تقريرها الصادر بعنوان "مراقبة الأسواق الناشئة" والمنشور بتاريخ 29 جويلية 2024، لا تتوقع وكالة "فيتش سوليوشنز" للتصنيف الاقتصادي أي تغيير في السياسة النقدية في تونس فيما يتعلق بالسعر الرئيسي للفائدة للبنك المركزي التونسي، الذي يعتبر عاليا وغير ملائم لمناخ الاستثمار ودفع النمو من قبل معظم الاقتصاديين. وتتوقع مؤسسة "فيتش سوليوشنز" أن يبقي البنك المركزي التونسي على سعر الفائدة الرئيسي عند 8.00% حتى نهاية عام 2025 في سياق ما يبرز مما يورده في تقاريره حول مساعيه لمجابهة التضخم من خلال تثبيت سعر الفائدة الرئيسي رغم تراجع الأسعار بوضوح منذ أشهر واستقرار مؤشر الأسعار عند الاستهلاك العائلي في حدود 7 بالمائة. وخلال اجتماع مجلس إدارته المنعقد في 20 جوان الفارط، أبقى البنك المركزي التونسي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند أعلى مستوى منذ عام 2006 لمدة عام وذلك للاجتماع التاسع على التوالي. ولاحظت وكالة "فيتش سوليوشنز" نجاح السلط التونسية في تحقيق تباطؤ التضخم من معدل 10.0% على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2023 إلى 7.4% على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2024، متوقعة استقرار نمو الأسعار عند حوالي 7.2% في النصف الثاني من عام 2024. وعلى الرغم من انخفاض أسعار برنت بحلول عام 2025، تتوقع مؤسسة "فيتش سوليوشنز" زيادة في أسعار القمح والمياه، كما تؤكد عدم توقعها أن البنك المركزي التونسي سيرفع أسعار الفائدة لتجنب تفاقم الضغوط المالية، من خلال رفع أقساط الفائدة، بالنظر إلى أن السلط المالية الوطنية تميل بشكل متزايد إلى الاعتماد على التمويل بالتعويل على الموارد المحلية للحفاظ على تماسك الميزانية والمالية العمومية بشكل عام. هذا واكد تقرير سابق لموقع "الشروق اون لاين" انه ورغم منحى تراجع نسبة التضخم المالي المتواصل منذ جانفي 2023 يصر مجلس إدارة البنك المركزي التونسي على تثبيت نسبة الفائدة المديرية في مستويات مرتفعة لا تعكس واقع السوق. وبالنتيجة تحولت نسبة الفائدة المديرية من وسيلة لمكافحة التضخم إلى بؤرة تضخم في حد ذاتها من خلال انعكاسها على كلفة الإنتاج والاستهلاك خصوصا مع تجاوزها لمستوى التضخم المالي بقرابة نقطة كاملة. وسارع مجلس إدارة البنك المركزي إلى الترفيع في نسبة الفائدة المديرية في مناسبتين متتاليتين بدافع مكافحة منحى صعود التضخم في خريف 2022 الذي أفرزته أوضاع استثنائية في مقدمتها تأثيرات اندلاع الحرب الأوكرانية على كلفة استيراد الطاقة والغذاء واشتعال المضاربة بالمواد المعيشية إبان ذروة مقاومة منظومة الحكم السابقة لمسار التغيير. وتبعا لذلك فرض مجلس إدارة البنك المركزي الترفيع في نسبة الفائدة المديرية ب 150 نقطة مئوية أي من 6.5 الى 8 بالمائة وسعى إثر ذلك إلى تثبيتها رغم المنحى الواضح لتراجع التضخم في تونس منذ بداية 2023 وعديد الضمانات التي تؤكد أن هذا المنحى سيتوقف سيما في ظل الانتقال من اقتصاد العولمة إلى اقتصاد المحتوى. الأولى