يُحيي اضطراب سوق الشحن العالمي المخاوف من عودة التضخم إلى جموحه السابق. ورغم أن شركات النقل تبدو أكثر مرونة في تنفيذ عملياتها، فإنها لا تستطيع ايصال البضائع إلى مقاصدها النهائية إلا في وقت طويل نتيجة اتباع خطوط بحرية أطول من السابق. وما يجري الآن يستعيده مراقبون بذكريات اضطراب ما بعد صدمة كورونا، حين ارتفعت فواتير الحاويات الفورية خلال أسابيع بأكبر قدر منذ عام 2022، علماً أن الاضطراب التاريخي الذي بلغت قيمته 25 تريليون دولار في تجارة السلع العالمية، والذي بلغ ذروته قبل عامين، خلّف إشكالات اقتصادية عميقة ناجمة عن التضخم، وقلقاً من نقص المعروض. وتكشف معطيات الاعتقاد بأن الأسواق تقلل من خطورة ارتفاع أسعار الشحن، أما بالنسبة إلى البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم، التي بدأت خفض أسعار الفائدة، أو تستعد لذلك، فإن أي عودة لتضخم أسعار المستهلك من شأنها أن تشكل تحدياً كبيراً، في حين أن ما يمكن أن يساعد صناع السياسات هو الجهود المكثفة التي يبذلها قطاع الخدمات البحرية لمعالجة الاختلالات. وحسب تقارير، فإن وضع التجارة العالمية معرض للهشاشة بعد ستة أشهر من ازمة في البحر الأحمر، التي توقع عدد قليل من الخبراء أن تستمر لفترة طويلة. ورغم أن الاضطرابات لم تبلغ المستويات التي شوهدت خلال كورونا، إلا أن المستوردين يحذرون من أنه سيتعين عليهم في نهاية المطاف نقل التكاليف إلى المستهلكين، بينما تُعد الاضطرابات الأخيرة حافزاً آخر لتقريب الإنتاج من نقاط البيع. وبالنسبة إلى شركات دولية، أصبح التعرّض لدورات سوق الشحن أكثر حدّة من أي وقت مضى. وفي هذا الصدد، ظهرت عملياً بعض الضغوط التسعيرية مع ارتفاع أسعار المنتجين في الولاياتالمتحدة أكثر بقليل من المتوقع في جوان الماضي. وتأتي الأزمة الأخيرة في الوقت الذي يسارع فيه تجار الجملة وتجار التجزئة في الولاياتالمتحدة وأوروبا إلى تخزين المخزون قبل مواسم التسوق في عطلة نهاية العام والعودة إلى المدرسة. وما يزيد من قوة دفع التضخم التهديد بفرض رسوم جمركية أميركية أعلى على الواردات الصينية. ونظراً لقربها من البحر الأحمر، فإن الشركات الأوروبية تشعر بتأثيرات كبيرة، حيث أصدرت شركات للبيع بالتجزئة، تحذيرات بشأن الأرباح مع الاشارة إلى أن الاضطرابات في البحر الأحمر أدت إلى زيادة تكاليف الشحن وتأخر التسليم. الأخبار