واضعاً قدماً أولى نحو قيادة الحكومة لأول مرة في تاريخه،حصد التجمّع الوطني اليميني المتطرّف في فرنسا أكثر من 34.2 % من الأصوات، متقدّما على تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة"، الذي تحصل على 29.1 % من الأصوات، فيما حلَّ معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون "معاً من أجل الجمهورية" ثالثاً بنسبة 21.5 %.. هذه الضربة الجديدة للرئيس الحالي ايمانويل ماكرون ومعسكره "معا من أجل الجمهورية"، تبدو أشدّ إيلاما من الضربة الأولى في الانتخابات الأوروبية ، حيث فاز اليمين الفرنسي بقيادة جوردان بارديلا بالانتخابات الأوروبية في فرنسا بحصوله على نسبة تتراوح بين 31.5 و32.5 من الأصوات أي ضعف ما حققه حزب الرئيس ماكرون. تبعا لذلك اتّهم المنافسون السياسيون للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالمخاطرة بمستقبل البلاد، بعد أن ردّ على هزيمته في الانتخابات الأوروبية بالإعلان عن انتخابات تشريعية مبكرة، لكن السؤال الآن هو كيف سيردّ ماكرون على الهزيمة الجديدة المدوّية. هذه الهزيمة الثقيلة لمعسكر ماكرون سيكون لها ارتدادات كبيرة، ليس على ماكرون وحزبه والساحة السياسية في فرنسا عموما،وإنما أيضا أوروبيا حيث اليمين المتطرّف يستعد لركوب موجة الحكم في عديد البلدان، ودوليا حيث تتعارض سياسات اليمين المتطرّف مع السياسات المعتدلة والمتوافقة للأحزاب الحاكمة الآن. فداخليا ستدخل فرنسا في متاهة من التجاذبات السياسية، واليمين المتطرّف أصبح واقفا على أبواب قصر الاليزيه متربّصا بماكرون الذي يبدو أن وقت رحيله عن السلطة قد حان، فيما حان بالمقابل عصر اليمين المتطرّف الذي قد يحكم للمرة الأولى في تاريخه. فرنسا والجمهورية الآن في مفترق طرق، إما الانعطاف يمينا للمرة الأولى وهو ما سيترتّب عنه الكثير، أو المواصلة في السّير في الطريق المعهود وهو ما يبدو صعبا الآن،إلا إذا حدثت معجزة في الجولة الثانية. أما أوروبيا، وتبعا لنتائج الانتخابات الاوروبية، فإن البيت الأوروبي أصبح في عين عاصفة اليمين المتطرّف الذي كان أداؤه قويا في جميع أنحاء الاتحاد، في ظلّ الوضع الذي تعيشه القارة العجوزمن تحدّيات وأحداث جيوسياسية مهمّة وتزايد في النزعة القومية. وفي ظلّ النتائج التي أظهرتها انتخابات البرلمان الأوروبي، حيث احتفظت كتلة يمين الوسط بالصدارة بربع عدد المقاعد، وحلّ الاشتراكيون بالمركز الثاني، فيما لحقت خسارة كبيرة وصلت لثلث عدد المقاعد بالليبراليين وأحزاب البيئة، فإن الارتدادات ستكون عميقة والرجّة السياسية ستكون هائلة. دوليا، الأمر ليس بعيدا عن الارتدادات الأوروبية بحكم الترابط الوثيق بينهما، وفي ظلّ الأزمات والتحديات الكبيرة التي يعيشها المعسكر الغربي من حرب أوكرانيا إلى حرب الإبادة في غزة وسعي الصين وروسيا للإطاحة بعالم القطب الواحد، فإن الأمور ستكون شائكة جدّا في ظلّ الوضع العسير الذي تعيشه قائدة القطب الواحد الولاياتالمتحدةالأمريكية. فرنسا ذاهبة نحو التغيير الجذري داخليا وأوروبيا ودوليا، أوروبا هي الأخرى في خريف اللعبة السياسية وقد يكون شتاؤها قاسيا ومجهولا، أما عالم القطب الواحد فهو الآخر يتلقّى الطعنة تلو الأخرى وسقوطه نهائيا أصبح مسألة وقت. بدرالدّين السّيّاري