ناهزت مديونية مياه الري بولاية جندوبة الى موفى السنة المنقضية (2023) نحو 32 مليون دينار موزّعة بين المجامع الفلاحية، وشركات الاحياء الفلاحية، وفلاحين كانوا متعاقدين مع المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية قبل ان يتم الحاق استغلال الموارد المائية بالمناطق السقوية بمجامع التنمية والبالغ عددها بالجهة 16 مجمعا، حسب تقرير محيّن صدر منتصف شهر فيفري الجاري عن المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بجندوبة. وتصدّرت ديون المجامع المائية لائحة الديون بمبلغ ناهز 24,8 مليون دينار، تليها ديون متخلّدة بذمة الفلاحين بمبلغ يناهز 6,6 ملايين دينار تشمل المتزودين من الفلاحين قبل وبعد إحالة المناطق السقويّة الى مجامع التنمية الفلاحية (2006)، فيما تتذيل شركات الاحياء الفلاحية بالجهة لائحة الديون بمبلغ لم يتعدّ 467 ألف دينار. وسيوظّف الجزء الأكبر من هذه الديون في حال تم استخلاصها لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز المزوّد الرئيسي للكهرباء والبالغ حجم ديونها الى موفى ديسمبر 2023 نحو 28 مليون دينار، ونحو 120 الف دينار لفائدة اقليم الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بالجهة، وهما المؤسستان العموميتان اللتان كثيرا ما طالبتا المجامع والمندوبية بضرورة تسديد الديون المثقلة عليهما في مراسلات صادرة في الغرض. ووفق ذات التقرير، ولاستخلاص ديون المجامع تعتزم المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بجندوبة تثقيل المديونية وفق ما نصّت عليه مجلّة المحاسبة العمومية، وذلك بعد ان استكملت التثبت فيها مع المجامع ذات العلاقة. وكان عدد من الفلاحين مدعومين بهياكلهم المهنية قد رفضوا في مناسبات عديدة تسديد ما تعتبره وزارة الفلاحة ديونا مستندين في ذلك الى ما يعتبرونه عدم شفافية المعاملات وعدالتها الرامية الى اعتماد العدّادات دون غيرها في استهلاك مياه الري، رافضين بذلك الفواتير التقديرية التي لا تتماشى ومنتجاتهم الزراعية، فضلا على سنوات الجفاف المتزامنة مع استهلاك مائي غير متوفر بما يرتقي الى الكميات المطالبين بتسديد معاليمها. وحسب ممثل النقابة التونسية للفلاحين عادل الزايدي، فان الطريقة الأمثل لتجاوز الاشكال العالق بين الفلاحين ومندوبية الفلاحة بالجهة هو القيام بعملية تدقيق في حجم الديون بهدف التوصّل الى مدى تطابقها مع كميات الاستهلاك الفعلية، معبّرا عن استنكاره للتقديرات المحددة من قبل الهياكل الفلاحية العمومية والمتعلقة بتحديد كميات ضخمة وتقديرية في ري المنتجات الزراعية تناهز 8 آلاف متر مكعب للهكتار الواحد في الموسم، في حين لا تتجاوز حاجيات بعض تلك المنتجات 3 آلاف متر مكعب من المياه في الهكتار الواحد، فضلا عن أن هذه التقديرات لم تأخذ بعين الاعتبار عدد الأيام الممطرة واعتماد بعض الفلاحين تقنية الري قطرة قطرة وغيرها. وغير بعيد عن ذلك، اعتبر فريد العبيدي، عضو بالاتحاد الجهوي للفلاحية والصيد البحري بجندوبة، أن الغاء كليّا او جزئيّا لهذه الديون سيمكّن الفلاحين والاقتصاد الفلاحي من انطلاقة جديدة عوضا عن هجرة القطاع عن طريق كراء الأراضي او بيعها، مشيرا الى ضرورة اعتماد مقاربة جديدة في استغلال مياه الري تتمثل، في نظره، في تعهد الفلاحين بتوفير حاجيات الصيانة وانهاء العمل بنظام المجامع الخاضعة لتسيير غير محكم، وفق تأكيده. ومن المنتظر أن تستكمل المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية مشروعها الرامي الى تجديد شبكة مياه الري، وتركيز عدادات مراقبة عن بعد، وغير قابلة للتلاعب، وفق ما أفاد به المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية عادل الصكّوحي في احدى الجلسات الملتئمة بمقر ولاية جندوبة الأسبوع المنقضي. وتعد ولاية جندوبة من أقدم الولايات التي أحدثت بها مناطق سقوية (1970) وأكثرها مساحة اذ تتجاوز 40 الف هكتار دون احتساب المناطق السقويّة الخاصة. الأخبار
