وزير السياحة يدعو الى توفير أفضل الخدمات للسائح التونسي    على باب المسؤول...الى المكلف بتسيير بلدية قرمبالية    حدث غير حياتي .. علي بلهوشات ..إدماجي صلب شركة فسفاط قفصة جعل حياتي تسير نحو الافضل    القاء القبض على الاعلامي عفيف الفريقي    رئيس الدولة: لن يتم التهاون مع أي جهة تسعى إلى تعطيل سير المرافق العمومية للدولة    مظلمة وقهر... حبة الملوك بمكثر...مشاكل عديدة... وحلول منعدمة    ماي 2024 ارتفاع العجز التجاري الشهري    من قصص الجوسسة...التردد 109 (حلقة 2) 5 ماي 1973... !    تونس الجميلة .. كسرى.. سحرها لا يقاوم... ومعمارها معجون في الصخر !    واشنطن.. حادثة طعن في إحدى محطات المترو    أخبار النادي الإفريقي .. تأجيل الانتخابات والكوكي لتعويض البنزرتي    أخبار الترجي الرياضي .. جدل حول الانتدابات    ألف مبروك .. اسراء السوداني...شغفي بالرياضيات قدَح نجاحي وتفوقي    عاجل/بتهمة الاستيلاء على أموال..6 أعوام سجنا لموظفين اثنين من "الكنام"..    قيس سعيد: ركح مسرح قرطاج وركح مسرح الحمامات لم يكونا مفتوحين إلا للأعمال الثقافية الراقية    مهرجان الجم الدولي للموسيقى السمفونية في نسخته ال 37.. 9 عروض أجنبيّة وتونسيّة.. وانفتاح على موسيقى «الجاز» و«البلوز»    حكايات تونسية .. الموروث الشعبي المنسي.. دمّه يقطر بين الوديان (1)    عاجل/ أول تعليق لرئيس الجمهورية على فضيحة ما حصل في حفل راغب علامة بقرطاج..    حفل بهيج للدكتور عبد الحميد بوعتور الأب الروحي لكرّة السلة الصفاقسية بمناسبة إختياره الإحالة على شرف المهنة    القيروان .. نفوق 45 رأس ماعز بسبب دواء فتاك    وزارة الصحة.. اعداد مشروع قانون يعتبر الادمان على المخدرات مرضا وليس جريمة    وزيرة التربية بصدد دراسة رقمنة الامتحانات الوطنية    الأمين العام لمنطقة'الزليكاف' يؤكد استعداد الجهات المانحة للتعاون مع تونس    وزير السياحة يدعو إلى ضرورة تقديم عروض خاصة للسائح التونسي وبأسعار مناسبة    غدا: انطلاق التسجيل في خدمة "sms" للحصول على نتائج مناظرة "السيزيام"    الليلة.. الحرارة تصل إلى 37 درجة    تزامنا مع ارتفاع الحرارة: انقطاع الكهرباء بهذه الولايات    مهرجان قرطاج: نفاذ تذاكر ''الكراسي'' لحفل أصالة نصري    في العدد الثاني من أصوات ثقافية.. بورقيبة يتصدر الغلاف والطاهر الحداد شاعرا    هذا ما صرح به وزير الداخلية الليبي خلال إعادة فتح معبر رأس جدير    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 37 ألفا و900 شهيدا..    فظيع/ هلاك كهل بسوسة في حادث انزلاق دراجة نارية..    الكاف: تراجع ملحوظ في المساحات المخصصة للزراعات الصيفية    فوز تاريخي لليمين المتطرف بأول جولة من انتخابات فرنسا..    رئيس المجلس الوطني للجهات: "المجلس هو تجسيد للديمقراطية الشعبية الموسعة".    إنتخاب نور الدين بن عياد رئيسا لمجلس إدارة المجمع المهني المشترك لمنتوجات الصيد البحري    الشركة التونسية للكهرباء والغاز تفتح قباضاتها خلال الصيف من السابعة الى منتصف النهار    المدير العام للمركز الوطني لنقل الدم: يوجه نداء للتونسيين للإقبال على التبرع بالدم.    كوبا أمريكا 2024: المنتخب البرازيلي يبحث عن نقطة التأهل للدور ربع النهائي أمام منتخب كولومبيا بعد غد    توقّعات جديدة من ليلى عبد اللطيف لشيرين    دراسة تكشف عن وجود علاقة بين فقدان الأسنان وزيادة خطر الإصابة بالسمنة..    عاجل/ سعيد يعفي هذا المسؤول ويأذن بفتح تحقيق..    إنجلترا إلى ربع نهائي كأس أمم أوروبا بفوز مثير على سلوفاكيا "فيديو"    اختتام الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون: تونس تحصد ستّ جوائز    كوبا أمريكا 2024: كندا تتعادل مع الشيلي وتتأهل إلى دور الثمانية    انتخابات الجزائر الرئاسية.. 31 مرشحا بانتظار البت بملفاتهم    الالعاب البارلمبية باريس 2024 – تونس ستكون ممثلة لاول مرة باربعة اختصاصات بوفد يضم 30 رياضيا (محمد المزوغي)    مدراس نجم المتلوي على منصّة التتويج    أولا وأخيرا...«دور بغافل»    موريتانيا: محمد ولد الغزواني يفوز بفترة جديدة في الانتخابات حسب النتائج الأولية    جربة _جرجيس : 28 ألف سائح يقيمون حاليا بالمنطقة السياحية    عاجل : سحب هذا المشروب.. والسبب مادة خطيرة    تتويج النادي الرياضي الصفاقسي ببطولة النخبة    1 % من التونسيين مصابون بمرض الأبطن    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الإمارات: خطبة وصلاة الجمعة 10 دقائق صيفاً    ما هو'' التوقيت صيفي '' وكيف بدأ في العالم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الخارجية نبيل عمّار في حوار شامل ل«الشروق»..انتظروا نقلة نوعية في أداء دبلوماسيينا

عندما بلغ سنّ الخامسة من عمره.. دخل مبنى السفارة التونسية بإحدى البلدان الافريقية.. حيث عيّن والده سفيرا لتونس هناك.. هو نبيل عمّار ابن الديبلوماسي عبد الحميد عمّار.. من مواليد 1965.. ومتخرّج من المدرسة الوطنية للإدارة..
عندما تسمع الوزير نبيل عمّار وهو يخاطب القوم بما يفهمون.. «القوم» الذين أرّقوا كلّ بلدان العالم.. ومنها تونس.. القوم المستعمرون القدامى والجدد.. أو تلك البلدان المساندة للمستعمرين.. عندما تسمعه يتكلّم لغتهم ببرمجية (Logiciel) وطني تونسي.. تقول: إن في الأمر تغيّر في الخارجية التونسية.. وتسأل من أين اكتسب الرجل كلّ هذه الجرأة.. وكيف يعمل بشعار: ارفع رأسك.. انك تونسي؟
يتقن أربعة لغات أجنبية الفرنسية والانقليزية والايطالية والروسية!
السيد نبيل عمار.. تتأكد وأنت قبالته تسأله السؤال تلو السؤال، أن هذا الديبلوماسي.. وهذا المسؤول في الدولة التونسية، لا محاذير لديه.. «اسألي ما شئت».. وبلا مقدمات.. لم يرفض سؤالا واحدا.. ولم يطلب خاصّة.. أيّ إشارة أو معلومة عن فحوى الأسئلة.. المحاور مسبقا..
هذا صوت آخر.. في الخارجية التونسية.. صوت من ضمن أصوات عديدة حقيقية.. ظلت محمولة على الصمت بفعل أن تغير في السياسة الخارجية التونسية طوال عشرية.. حملتها مدرسة الديبلوماسية التونسية بين راحتيها.. أعوام وراء أعوام..
هو لا ينكر أن هناك تغييرا في اللغة الديبلوماسية التونسية، ولكنه يعزو هذا التغيير إلى رئيس الجمهورية رئيس الديبلوماسية التونسية، الذي أخذ بيد الكفاءات الديبلوماسية التي ظلت تنتظر التغيير.. التي وأدتها السياسات الخارجية الوافدة على عرف تونس.. ونقصد العشرية السابقة وما لفّها من سياسات المحاور..
هو فصيح.. وجسور.. وناشط.. ومؤمن بأن تونس ستكون يوما «تنّينا» لأن لها كلّ مقومات التقدم والآفاق ما يمكنها من تحقيق القفزة النوعية.. انها سياسة أصبحت من الماضي.. وقد سدّت الآفاق في وجه تونس الكفاءات.. وتونس الحيوية.. وتونس الذكاء..
هو قوس وأغلق يقول عمار.. قوس العشرية الفارطة ليعلن عن آفاق جديدة.. لتونس.. بفضل أبنائها..
«لسنا حديقة خلفية لأي جهة».. بل هو يرى أن تونس حديقة مثمرة ومظلّلة على أبنائها.. من هم بالخارج يعيشون.. أو الذين هم في تونس قاعدون..
السيد نبيل عمّار.. ولمدة ساعة ونيّف تحدث ل«الشروق» بقلب مفتوح وبعقل خلاّق..
الديبلوماسية التونسية تتعافى وإن مهمّة الديبلوماسي خدمة مصالح الوطن.. على جميع المستويات..
تونس تردّ الأموال.. التي لفّتها الكذبة.. إلى حيث مصدرها..
هو الذي خبر الغرب كثيرا.. حيث كن لمناسبات.. لديهم سفيرا..
بصوت عال.. يقول لهم «لا» للهمينة.. نعم للشراكة يتكلّم ويعلو صوته وهو متحصّن برؤية الرئيس.. رئيس الجمهورية..
لقد انتهى عصر الهيمنة الأوروبية.. وقال لهم بصوت مسموع.. لقد خسرتم الرهان.. اللعبة انتهت Game Over البيع العربي ولد هنا.. وقُبر هنا.. في تونس..
في حواراته بالانقليزية والفرنسية مع وسائل اعلام أجنبية.. استدعى الملاحظين إلى البحث في سيرته الذاتية.. فوجدوا سفيرا وديبلوماسيا لا يهاب ولا يخاف الحق..
كل العلوية لتونس فقط..
هو نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج.. ل«الشروق» يتكلّم..
السيد وزير الشؤون الخارجية، نبيل عمّار، نشهد اليوم بالعين المجرّدة.. منحى جديدا للخارجية التونسية، فيه التصريحات الردود.. والغضب.. هل تشهد تونس اليوم تبدّلا في اتجاه ورؤية الديبلوماسية التونسية؟
أقول لك.. في هذا الصدد: نعم ولا.. وسأبدأ باللاّء النافية.. لا.. ليس هناك تغيّر في موقف تونس التقليدي.. الموقف المتشبّع بالمبادئ.. وأقول نعم، هنا تغيّر لأننا عدنا إلى الأسس وإلى المواقف المؤسسة الديبلوماسية التونسية.. وعودتنا أيضا هي ضمن التعليمات التي أسداها لي السيد رئيس الجمهورية.. ومنها أن تعود إلى الأسس والمبادئ المؤسسة للسياسة الخارجية التونسية.
لقد عانينا من تعثر في الأداء.. كان أداء وزارة الخارجية ناقصا.. كان أداء غير عادي.. هذا لا يعني أن الذي سبق السابق كان أفضل.. لكن شخصيا أعتبر أن أداء الفترة الأخيرة كان قاتلا..
ليس هناك تحمّس للدفاع عن البلاد.. ولمسنا كثيرا من العزوف الديبلوماسي في العمل على حسن صورة تونس..
وزارة الخاجية التونسية بكلّ مكوناتها الديبلوماسية والإدارية، هي خطّ الدفاع الأول.. فمهما يكن موقفك في الشأن الداخلي، يبقى شأنا داخليا.. موقفك من النظام ومما يحدث في البلاد، فأنت كتونسي، لا بدّ من أن يكون موقفك غير مرتبط بالخارج ولا إشراك للخارج في شأنك الداخلي.. والمفروض أن الخارجية كوزارة وكسفارات تجمع الجميع.. وهذا ما يغيب أحيانا.. عندما نرى مظاهر لا نرضاها..كأن نضرب وزيرا معيّنا أو مسؤولا.. عن طريق ساحات أخرى خارجية.. هذا غير مقبول في حق البلاد، وبقطع النظر عن الأشخاص..
يحصل أن بيان رئاسة الجمهورية وبمناسبة انطلاق عمليات المقاومة في فلسطين، قد جاء لافتا من حيث قوّته.. وانخراطه في الميدان الشعبي.. كنّا نرى مثله صادرا، عن أحزاب ومنظمات.. ولم ينتظر الملاحظون أن يصدر عن رئاسة الجمهورية، بما نعرف من ضغوطات وصعوبات الحكم؟
بيان رئاسة الجمهورية يوم 7 أكتوبر.. هو بيان «مثالي».. وهو بيان فريد.. بل هو في المرتبة الأولى من ناحية المساندة المبدئية والعملية والواضحة لتونس.
تونس التي ما فتئت تدافع عن الحق.. دون مواربة.. ولكن بهذا البلاغ الصادر عن رئيس الجمهورية، وهو رئيس الديبلوماسية التونسية، أكّد أكثر فأكثر، ودون أيّ لُبس.. موقف الدولة التونسية.. المبدئي.. كما ذكرت آنفا.. والحقيقة هذا الموقف الذي حمله البيان هو شرف لتونس ولكل تونسي.. من المفروض أن تكون المسائل والمواقف الخارجية موحّدة.. خاصّة تجاه قضية عادلة وقضية حق.. القضية الفلسطينية..
قد يكون الملاحظون وكذلك الرأي العام الداخلي، متفاجئا بنبرة هذا البيان.. طبعا هنا تعبير عن الاعتزاز به في صفوف الرأي العام وحتى لدى نخب قد تكون تختلف مع النظام الآن، لكن المقارنة جائزة باعتقادي، والحديث عن نقلة في الخطاب السياسي الديبلوماسي لتونس مقارنة مع 2012 عندما دخلت الدولة التونسية في سياسة محاور أليس كذلك؟
نحن نعتبر أن السياسة الخارجية للدولة التونسية، خرجت عن «السكة» سنة 2011.. خرجت عن «السكّة» بوضوح.. ولكن أعتقد أن القوس.. أغلق.. فقد كانت السياسة الخارجية في العشرية الماضية، تعمل وتنشط عكس الثوابت المعهودة للسياسة الخارجية لتونس..
و«جاب ربّي» تمّ وضع حدّ لتلك السياسة.. الغريبة عن نواميس السياسة الخارجية للدولة التونسية.
هناك حراك.. وحديث.. اليوم بل وجدل داخل مجلس النواب بخصوص قانون لتجريم التطبيع.. إذا استصدر المجلس هذا القانون الذي يرفق بمبدإ «استعجال النظر» هل ستكون الحكومة داعمة أو ربما هي المبادرة؟
الرئيس قيس سعيد، رئيس الجمهورية هو رئيس الديبلوماسية.. لكن لنوضّح أن كلمة «تطبيع» بالنسبة لرئيس الجمهورية ليست موجودة.. أصلا.. وله رؤية في ذلك وتحدثّ عنها علنا.. ولكن بمجرّد أن يعطينا الإشارة في وزارة الخارجية، للتنفيذ سيجدنا متهيّئين وحاضرين لهذا التوجّه.
كلام كثير.. ونقد أكبر لسفاراتنا بالخارج.. من ناحية الأداء والعلاقة بين البعثات الديبلوماسية والجالية التونسية.. ومن ناحية الشغورات.. وأيضا من ناحية الأداء الديبلوماسي.. وكأنها ديبلوماسية صامتة.. أو هي ديبلوماسية «أحزاب» قد عشناها إلى حدود قريبة؟
من ناحية المبدإ والعرف والمهنية، البعثة الديبلوماسية، من سفراء وقناصل، مطلوب منها الكلام.. والجرأة والمبادرة.. مطلوب من الديبلوماسي التونسي اليوم، وعبر كلّ مراتبه، أن لا يكون على الشاكلة السابقة في الأداء.. ويبقى منتظرا الإذن بالكلام.. وينتظر الردّ من المركز (وزارة الخارجية) يتكلّم أم لا.. ويصرّح للاعلام أم لا.. ويقيم الاتصالات أم لا.. / الديبلوماسي مكوّن من أجل أن يدافع ويبادر من أجل صورة تونس ومصالح تونس أيضا..
اليوم، كلمة السرّ الصادرة عن وزارة الخارجية، لكلّ من وصلوا إلى مناصبهم ومراكز عملهم بالخارج، هو أن كلّ ديبلوماسي هو متمتّع بكل صلاحياته.. نحن نحتاج اليوم، في وزارة الخارجية إلى مبادرين.. وإلى مناضلين.. وإنّ الديبلوماسي في الخارج من أجل Combattant من أجل مصالح تونس.. في كل أوجهها.
إن سفراءنا، وعلى بكرة أبيهم.. كلّهم يملكون المادّة.. والمعلومة والرؤية التي تجعلهم مبادرين ونشطين.. وإننا نطلب منهم أن يكونوا سبّاقين ومبادرين بالاتصال بمن هم معنيون باتصالاتنا.. معهم..
هل سُدّت الشغورات إذن؟
نعم.. كلّ السفراء التحقوا بمراكزهم الآن.. ولقد كانت الأيام القليلة الماضية، تاريخا لسدّ الشغورات وإحداث التغييرات.. من سفراء وقناصل.. وفي الوزارة هنا.. لم يعد الموظفون.. قابعين في مكاتب.. الجميع مطالب بالنشاط والمبادرة وأخذ زمام الأمور بما يتناسب مع خطّته.. منذ سبعة أشهر (أي منذ تعيينه على رأس الخارجية) هذا هو التوجّه.. وهذا هو الخطاب.. هل هي نقلة نوعية كما سألت؟ نعم هي نقلة نوعية بالمقارنة مع ما كانت عليه الأمور.. لقد مرّت الخارجية التونسية والديبلوماسية بوجه الخصوص بمرحلة فرملت تقدمّنا واتصالاتنا.. وهنا أشهد أنني كديبلوماسي كنت أسأل من جهات أجنبية.. أينما كنت سفيرا "وينكم.. يا تونس".. لماذا لا تصلنا فحوى سياستكم.. ولا توجهاتكم. اليوم من مهام الديبلوماسيين بالخارج أن يقيموا الاتصالات الحثيثة مع العالم.. أطرافا ودولا.. وكما ذكرت لك آنفا، هناك مادة متوفرة في خصوص التوجه والرؤية السياسية لتونس..
كل الديبلوماسيين سفراء وقناصل، مطالبين بخدمة مصالح تونس بطريقة نشيطة.. لا أن يكون ساكتا.. وبلادنا تتعرّض إلى فهم خاطئ أو أنباء خاطئة أو مفبركة.. ويبقى صامتا.. لا يصحّح.. ولا يتكلّم.. هذا مرفوض من هنا فصاعدا..
تونس لها مواقف مشرّفة.. ونحن كتونسيين لم نقلب يوما حقائق.. ولم نقترف حروبا ضدّ دول أخرى.. نحن تونس، لم نظلم أي جهة ولم نعتد على أيّ جهة.. بل نحن في تونس يمكن أن نقول، وبكلّ فخر، إن شرعة الأمم المتحدة هي فعلا شرعتنا (في إشارة إلى المبادئ التي ينصّ عليها ميثاق الأمم المتحدة الصادر عند تأسيسها سنة 1945).. نحن في تونس اليوم ليس لنا خطابان ولا «وجهان».. كل السفراء من هنا فصاعدا مجبولون على التكلّم.. والاتّصال.. أشير هنا، إلى أنني وبصفتي هذه (وزير الخارجية والتونسيين بالخارج) سوف أقول لك قرارا: قلت للبعثات الديبلوماسية (المسؤولون الأول) أمامكم من هنا إلى ثلاثة أو ستّة أشهر.. إن كان الأداء حسب هذا الذي ذكرت.. أداء نشيط ومبادر.. لم يكن إيجابيا.. فليس هناك من بدّ لقطع المهمّة والرجوع.. الجميع مطالب بأن يثبت كفاءته واقتداره في وقت قصير.. وهذا يعدّ مفخرة لتونس..
أن تكون ديبلوماسيتها نشيطة وفي الصفوف الأمامية للديبلوماسيات الناشطة في العالم.
لاحظنا أن الديبلوماسية التونسية لم تكن على نفس المسار والرؤية لرئيس الجمهورية قيس سعيد.. فهل ستكسبون الرهان في وقت قياسي؟
لقد دخلنا في موجات أخرى وبحر آخر.. سنة 2011.. كما أن الثلاث سنوات الأخيرة.. لم تكن الخارجية بخير.. ليسوا كثّرا.. والحمد للّه.. لكن اليوم الرهان أن ننجح فعلا في أقل وقت.
إذا لا بدّ من أن ننجح.. لم يعد هناك مجال للكلام الغامض.. أو التردّد أو الخوف والتخوّف.. والحذر.. في الاصداع بالحقيقة.. والتصريح بالواقع والحقيقة.. وزارة الخارجية، هي جرأة ومسؤولية.. المسؤول فيها، مهما كانت درجات مسؤولياته، لا بدّ وأن يتحمّل مسؤوليته كاملة.. في الدفاع عن صورة تونس.. لم يعد هناك مكان في الخارجية لعقلية «أخطى راسي واضرب» أو ما «في بالي بشيء».. السفير هو شخصية مبادرة.. وناشطة لكلّ الحيثيات والتوجهات وسياسة البلاد.. / ديبلوماسيتنا سوف تنجز المعجزات.. تونس تستحق صورة أفضل من هذه الآن.. صورتها الحقيقية مشرفة.. لا ننسي أن وزارة الخارجية التونسية هي من أفقر وزارات الخارجية في العالم.. ولكن كفاءاتها من أفضل الديبلوماسيين في العالم، من حيث التكوين.. والاقتدار المهني.. والخارجية التونسية.. «ماضربوها كان أولادها» والذين يدّعون أنهم أولادها.. والحمد لله أنهم قلة.
لو توصّف لنا أسس الحركة الأخيرة.. هل هناك قطع مع المحاباة؟
لا محاباة في التعيينات.. هناك شروط موضوعية.. ولا اعتراض من أي أحد.. لأننا كنّا موضوعيين.. ولا مكان للمحاباة.. كما قلت.
كثيرون هم الذين خرجوا إلى التقاعد من الخارجية، فهل هناك تعويض لهم.. أم أنتم أيضا كإدارة ملزمون بعدم الانتداب؟
في الخارجية نعاني من نقص في الموظفين نعم، ولكن نجح في آخر مناظرة خمسون موظّفا.. في حين لم تقم في السنوات السابقة أي مناظرة.. سوف يبدأ الخمسون ناجحا.. قريبا عملهم.. في مراكزهم.
حدث لغط كبير بين تونس (الخارجية) وبين الاتحاد الأوروبي بخصوص رفض تونس لستين مليون يورو ما حقيقة المسألة؟
أولا أريد أن أؤكد لك من هذا المنبر الاعلامي، أن تلك الأموال التي دخلت البنك المركزي من الاتحاد الأوروبي قد رجعت يوم الاثنين.. التاسع من أكتوبر..
ولكن أحد المسؤولين الأوروبيين كذّب مساء الاثنين أن الأموال لم تعدّ؟
في هذه القضية برمتها، تعامل الاتحاد الأوروبي بمواربة.. وبأنباء خاطئة ومموّهة للرأي العام، هي أموال من عهد الكوفيد.. ولم تصل.. واليوم يبعثون بها بعنوان 2023 ودعم الميزانية.. فرددنا عليهم أموال وقلنا لهم حذاري من مواصلة التمويه ونشر الوثائق السرية.. فإننا إذا عدتم.. عدنا لكم.. بكشف مزيد من الحقائق ليست من مصلحتكم.. نحن في تونس عشنا تحت ربقة الاستعمار ونقدّر معنى التحرّر والحرية والكرامة.. ونحن لا نستجدي أحدا.. وإن العالم لا يقتصر على هذا الشريك أو ذاك.. نحن لم نشعل الحروب.. ولم نورّط الإنسانية في حروب عالمية.. مثلما فعلتم.. والسيادة بالنسبة لنا ليست سلاحا وإمكانيات.. بل للكرامة وقول الحق باع.. الحرية.. والكرامة لا يعرف قيمتها إلاّ من عاش الظلم والهوان.. و«يعرف قيمتها كان الّي فقدها».
هل تعيش تونس تحت وطأة ضغوطات الآن؟
لأقول لك أمرا: الدنيا لا يمكن أن تكون تحت حكم واحد أو جهة.. واحدة..
صحيح أضعفتنا الاحدى عشر سنة التي خلت.. لكن عندما رجعنا بسرعة إلى الصواب بعد أن فقدن شخصيتنا بسرعة.. أيضا.. لكن نحن لا نأتمر بأمر أي جهة.. ومن يظنّ أنه قادر على غلبتنا والهيمنة علينا.. نقول له واهم أنت..
بالنسبة للاتحاد الأوروبي تفاهمنا معهم.. وحدّدنا الأولويات.. لكنهم آثروا الانغماس في خلافاتهم على أن يكون الاتفاق المبدئي هو الاتفاق.. تفاهمنا أننا نغيّر المنظومة Le logiciel .. وأن العلاقات الجديدة بيننا هي شراكة وليست هيمنة.. ونحن نعمل للحوار بين الشعوب.. لكن هناك جهات آثرت أن تواصل في الفكر الدغمائي..
قلنا لهم لا يمكن أن نكون مسيّرين في تونس.. ولا تعطونا دروسا..
العالم أرحب.. والشركات في العالم تستحث الخطى هنا وهناك..
نحن منفتحون في تونس على كلّ أنواع العلاقات.
كيف تنظر وزارة الخارجية إلى إفريقيا.. اليوم.. إفريقيا التي لنا فيها نقص في التمثيليات الديبلوماسية، وإن بلدان افريقيا، عمقنا الاستراتيجي تحتاج سفيرا وخطا جوياّ وبنكا.. أما آن الأوان لتغيير الاتجاه؟
سوف تشهد الديبلوماسية التونسية نقلة نوعية في افريقيا..
بالفعل القارة الافريقية عمقنا الاستراتيجي. ما طلبته من البعثات الديبلوماسية هذه المرّة.. أن يقدموا لنا الحلول.. لهم فرصة الآن حتى ينشطوا على جميع المجالات وعقد جميع اللقاءات والمشاورات من أجل واقع جديد.. في العلاقات والشراكات../ كنا إزاء مسؤولين أوّل بالخارجية، لم يشغلوا بحياتهم منصب قنصل.. وهذه كانت معضلة.. سوف تتغيّر الخارجية تغييرا إيجابيا.. وسوف يتفاجأ العديدون.. بحركية ونشاط نوعي.. كنت في جنوب افريقيا وزرت روسيا.. وان تونس محلّ تقدير.. والآفاق مفتوحة..
ماذا عن الجالية التونسية.. ألم يحن الوقت لكي تمأسس العلاقة مع الوطن، عبر حوافز لهم.. من حيث نواياهم للاستثمار في بلادهم؟
أولا أزف لأبناء تونس بالخارج بشرى.. أننا سنعمل وفي وقت قصير على هذ الملف.. وسوف تكون لهم التشجيعات الضرورية من أول بعث مشاريع في بلادهم تونس.. مشاريع نوعية تكنولوجيا خاصة.. وإنني أهيب بمواطنينا بالخارج، بأن يكونوا وحدة واحدة أينما وجدوا.. ستكون هناك حوافز للاستثمار في بلادكم تونس.. وإن القناصل ستكون مهمتهم الأساسية الانصات والاتصال بالتونسيين بالخارج من أجل مشاريع استثمارية في تونس.. سوف ننتظر مقترحاتكم..
عندي أمل في أن الغد أفضل.. أنا متفائل و«مقهور» في آن واحد.. مقهور لأن تونس بكل امكانيات الذكاء البشري الذي تحوزه.. لم تتقدم في الاتجاه الصحيح.. لكنني متفائل.. لأن كل هذه الامكانيات التي تعطّلت هي عطّلت.. سوف تجعل من تونس «تنّين» افريقيا.. ونحن قادرون.. القطار لن يعود إلى الوراء.. وقد انطلق..
عندنا آفاق أمامنا.. ورصيدنا.. سمعتنا وسمعة تونس.. لا تزال ثابتة لدى الدول../ التونسي مشكور من الخارج.. التونسي خدّام ومهني.. ومنضبط للقانون.. ومندمج أيضا.. هكذا ترى البلدان المشغلة لكفاءاتنا أبناءنا التونسيين..
هناك من اعتقد واهما ان اتفاق 16 جويلية 2023 هو ضدّ مصالح تونس.. هناك من رأى أن تونس هي حديقة خلفية لبلاده.. ونحن نقول لا هذا ولا ذاك.. الآن هناك من الأوروبيين من يكتشف تونس على حقيقتها الناصعة.. وسمعتها الايجابية.. بعد أن بلغه عنّا أخبارا مزيفة..
في مسألة المهاجرين.. إلى أين وصلنا الآن؟
نحن على نفس الموقف.. لن نكون شرطي حدود لأي بلد.. إلا لبلادنا.. ولسنا حديقة خلفية لأي جهة.. الحق إلى جانبنا..
السياسة التي اعتادوها (الغرب) في السابق في 2011.. لم تعد جائزة.. ولن تمر.
هناك ولد الربيع العربي.. وهنا قُبر.. نقول لكم كأوروبيين وغربيين: اللعبة انتهت.. وهذا درس لكم.. أنتم من سددتم الأفق أمامنا.. دمّرتم ليبيا وكان لنا حجم تبادل مع الشقيقة 40 ٪ من تجارتنا.. وكذلك فعلتم مع العراق.. وكانت علاقاتنا المهمة.. معه../ تحملوا مسؤولية ما اقترفتم.. في افريقيا.. والعربي..
بين تونس والمغرب الشقيق.. لا العلاقات مقطوعة ولا هي عادية.. متى تعود المياه إلى مجاريها؟
ليست هناك قطيعة مع المغرب الشقيق.. وليس هناك عداوة.. بالوقت سيعود السفيران إلى سفارتيهما.. كلانا.. أطمئن الجميع، لا نلتفت إلى الوراء.. تونس لم تغيّر موقفها منذ عشرات السنين.. المهم ليس هناك قطيعة بيننا وبين المغرب.
الأولى
الأخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.