في البدء من يريد إحياء «داعش»؟ مثلما كان متوقعا ، وبعد مرور خمسة ايام فقط عن تصفية زعيم «داعش» ابو بكر البغدادي، بايع التنظيم مساء الخميس الماضي ارهابيا جديدا لمواصلة مهمة القتل والتدمير وهو «أبو إبراهيم الهاشمي القرشي».. ويرى مراقبون ان هذا التدارك السريع لداعش واعادة تنصيب خليفة جديد في وقت قياسي، يشير بكل وضوح الى ان خطر هذا التنظيم في سورياوالعراق مازال قائما. فاليوم لا يخفى على أحد أن تنظيم «داعش» الدموي تقف خلفه قوى عظمى تريد تمزيق المنطقة العربية لاستنزاف ثرواتها. أمّا الحديث عن نهاية تنظيم داعش في هذه الفترة فهو مغالطة كبرى. فزوال هذا التنظيم يرتبط بشكل مباشر بالقضاء على مسبباته وهنا تقول قيادة الدولة السورية ان اول عامل للقضاء على «داعش» هو خروج كل القوات الاجنبية غير الشرعية من الاراضي السورية والعراقية لأنها سبب الفوضى والانفلات الامني . فعمليا تتبجّح بعض القوى الدولية بمحاربة تنظيم «داعش» الارهابي في كل من سورياوالعراق ، ولكن في نهاية المطاف تتمركز تلك القوى على تخوم الابار النفطية وتزعم حمايتها على غرار ما تقوم به الولاياتالمتحدةالامريكية وتركيا.. والأدهى من ذلك ان هذه القوى الدولية التي تدعي محاربة «داعش» في سورياوالعراق ترفض مغادرة تلك المناطق النفطية زاعمة ان تركها دون حراسة يعني عودة الارهابيين الى تلك الثروات . وفي هذا الاطار فاجأنا الرئيس الامريكي دونالد ترامب الاسبوع الماضي بتصريح صادم حيث قال ان امريكا ستتحكم في آبار النفط التي حررتها من داعش، وذهب الرئيس الامريكي الى ابعد من ذلك عندما اكد أن عدة شركات نفطية امريكية ستتحول الى شمال سوريا لادارة النفط واستخراجه وتحويل عائداته الى الصناديق المالية الامريكية. هذا المخطط الامريكي الساعي الى السيطرة على النفط السوري والعراقي يرتكز على حجج زائفة وهي ادّعاء محاربة «داعش» اي ان هذا التنظيم الدموي يعتبر سببا رئيسا لمكوث الأمريكان في المنطقة وقيامهم باستغلال الثروات النفطية السورية. وفي المحصلة تُعتَبرُ بعض القوى الدولية المتمركزة في الوطن العربي سببا رئيسا لظهور التنظيمات الارهابية بسبب سياستها العبثية هناك عبر خلق مناخ ملائم لبروز التطرف، وبات بقاء هذه القوى مرتبطا ببقاء داعش، فزواله يعني خروجهم من المنطقة وانتهاء مخططاتهم.. فهل ينتهي داعش وتغادر القوى الاجنبية المنطقة العربية؟ ام سيتم احياء التنظيم الارهابي من جديد لاعادة التمركز ونهب ما تبقى من مقدرات الشعوب العربية؟. القرشي «المدمر» يخلف البغدادي هل يعود الارهاب الداعشي من جديد؟ مع إعلان الولاياتالمتحدة مقتل زعيم «داعش» الارهابي أبو بكر البغدادي تنفس البعض الصعداء، في حين شكك البعض الآخر أن تكون هذه نهاية التنظيم رغم مقتل زعيمه، وانهيار حلمه بالخلافة المزعومة بعد فقدانه السيطرة على الموصل العراقية والرقة السورية وبقائه كخلايا مشتتة هنا وهناك، في ظل تخوف من ولادة تنظيمات أخطر من رحم داعش كما حصل مع تنظيم القاعدة سابقاً، على اعتبار أن البغدادي كشخص لم يكن سوى واجهة وصاحب مكانة رمزية في التنظيم، في حين أن «الإرهاب» فكرة.وبعد اقل من اسبوع على مقتل البغدادي ، اختار التنظيم الارهابي زعيما جديدا لقيادة التنظيم وهو ما اعتبره محللون عودة جديدة لتنظيم داعش الذي خسر مناطق سيطرته بعد سنوات من الارهاب والقتل . فمن هو الخليفة الجديد للبغدادي ؟ وكيف نشأ تنظيم داعش المتطرف ؟ وماهي مراحل توسعه وانحصاره في سورياوالعراق ؟ تونس (الشروق) أكد تنظيم «داعش» مبايعة «أبو إبراهيم الهاشمي القرشي» خلفا لأبو بكر البغدادي الذي تمت تصفيته في 27 أكتوبر الجاري. وفقا لما أفادت به وكالة «رويترز» نقلا عن وكالة «أعماق» التي تعتبر المؤسسة الدعائية الرئيسية للتنظيم الإرهابي. ويعتبر اسم القرشي مجهولا للمراقبين ولأجهزة الاستخبارات، ولم تعرف الهوية الحقيقية للرجل حيث استخدام الألقاب والأسماء المستعارة وهو نهج التنظيمات المتشددة والحركات المسلحة التي تستخدم عادة النسب والانتماء القبلي. وفي ظل غياب تام لأية معلومات عن هذا الشخص، قال، لرويترز، أيمن التميمي وهو باحث في جامعة سوانسي البريطانية يركز على تنظيم «داعش»، إن الاسم غير معروف لكنه قد يكون شخصا قياديا يدعى الحاج عبد الله عرّفته وزارة الخارجية الأمريكية بأنه الخليفة المحتمل للبغدادي. ووفقا للخبير في شؤون الجماعات الإرهابية حسن أبو هنية فإن الهاشمي هو شخص تركماني اسمه الأصلي عبد الله قرداش والملقب بأبو عمر التركماني. ويتابع أبو هنية أن «الهاشمي كان يرأس في السابق ديوان الأمن وهو أهم جهاز داخل تنظيم داعش، وكذلك عمل فترة مسؤولا عن عمليات التفخيخ». ويتابع أن «تنظيم داعش سيكون أكثر حذرا في تحركاته خلال المرحلة المقبلة، كما أن زعيمهم الجديد قد يكون أكثر عنفا من سلفه، باعتبار أنه كان يلقب داخل تنظيم داعش باسم المدمر، وبالتالي سيبدي نهجا أكثر تشددا». كيف نشأ داعش المتطرف؟ في 29 جوان 2014 أعلن المتحدث باسم تنظيم «داعش» أبو محمد العدناني في تسجيل صوتي عن قيام ما اسماه بالدولة الاسلامية ومبايعة ابو بكر البغدادي لقيادة الدولة.يمتد تاريخ التنظيم في العراق الى عام 2003 حيث قام ابو مصعب الزرقاوي بتأسيس ما عرف حينها بتنظيم «الجهاد والتوحيد» في سبتمبر 2003. ومر بمراحل وانعطافات عديدة الى ان تم الاعلان عن «دولة العراق الاسلامية» في عام 2006. وفي افريل 2013 تم الاعلان عن اقامة «الدولة الاسلامية في العراق والشام» وانضم اليها اغلب المقاتلين الاجانب في النصرة، وهو ما شكل افتراقا علنيا بين القاعدة والتنظيم، حيث طارد التنظيم الارهابي جميع الكتائب والفصائل المعارضة الاخرى وعلى رأسها النصرة واحكم سيطرته على كل المناطق الممتدة من الحدود السورية العراقية حتى اطراف مدينة حلب شمالي البلاد. تمدد وانهيار داعش خلال أسابيع قليلة من عام 2014، اكتسح تنظيم داعش الإرهابي مساحات واسعة من العراقوسوريا، قبل أن يبدأ نفوذه في الانحسار رويدا رويدا، إلى حين مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي شمال غربي سوريا يوم الاحد الماضي . فبداية امتداد داعش المرعبة، كانت تحديدا في 10 جوان 2014، حين باتت الموصل العراقية في قبضته، في حين لم يستوعب أحد آنذاك سر الانهيار الكبير للجيش العراقي أمام مجموعة مسلحة لا يتجاوز عدد أفرادها 1500 مسلح. وفي مارس 2015، امتدت سيطرة داعش إلى الحدود اللبنانية في جرود عرسال، كما سيطر على تكريت العراقية، وفي مايو من العام ذاته، باتت الرمادي تحت قبضته. ومع نهاية عام 2015، بدأت موازين القوى في التغير، وفقد التنظيم الارهابي تكريت وسنجار والرمادي بالعراق، كما استعادت القوات العراقية مدينة الفلوجة في جوان 2016، فيما خسر التنظيم بعدها في أوت 2016 مدينة منبج السورية. أما في أكتوبر 2017، فقد انهزم داعش الارهابي في مدينة الرقة، معقله الرئيسي، وبقي له جيب كبير في البادية السورية غربي الفرات، في بلدتي الباغوز وهجين. وفي مارس 2019، تم الإعلان عن نهاية التنظيم المتطرف، على يد قوات سوريا الديمقراطية، بدعم من التحالف الدولي، وبقيت مع كل ذلك قدرة داعش على العودة مجددا مصدر إزعاج دولي.ويوم 27 اكتوبر الماضي تم القضاء على زعيم داعش الارهابي ابوبكر البغدادي وتم تعيين خليفة جديد للتنظيم .