عندما أسس مقهى حسون للثقافة والفنون بحي شعبي بمدينة قليبية بالوطن القبلي لم يكن المخرج السينمائي مروان المدب بحمام الغزاز يتصور ان فضاءه الثقافي الصغير سيكون فعّالا في بضعة أيّام. تونس «الشروق» : لم يمر على تأسيس مقهى الحسون للثقافة والفنون سوى شهرين تقريبا لكن النتائج الأولية على مستوى استقطاب الأطفال والشباب وحتى المتقاعدين من الاساتذة والمعلمين كانت جد مميزة بالنسبة للمشروع الذي بعثه السينمائي الشاب مروان المدب الذي وضع فيه كل ما لديه من إمكانيات مادية. في مدة قصيرة أسس مروان المدب نادي السينما يلتئم كل يوم جمعة وبسرعة البرق تطور عدد الوافدين من 20 الى 50 شابا وطفلا وبالتفاف الأصدقاء من الساحة الثقافية وخاصة الكتاب تمكن المدب من توفير أكثر من 100 كتاب في الشعر والرواية والقصة، وسيقوم قريبا بتوفير مكتبة كاملة من قصص الأطفال. كل هذا بمجهوده الخاص وبعلاقاته الخاصة، لكن مشروعا ثقافيا كهذا يدخل الأحياء الشعبية ويحول وجهة شباب كاد يفتك به الفساد الى متلق وفاعل ثقافي في فترة وجيزة لم يحض بدعم وزارة الشؤون الثقافية التي من واجبها دعم مثل هذه المبادرات لأنها تدخل ضمن سياسة الوزارة من ثقافة القرب وساحات الفنون … وما دمنا تحدثنا عن ساحات الفنون لابد من الإشارة الى ان مقهى الحسون للثقافة والفنون يتواجد امام حديقة عمومية هي أشبه حاليا بمكان لوضع الفضلات والأوساخ ولان المقهى الثقافي صغير الحجم حاول مروان المدب الاتصال ببلدية الجهة وقدم مجسما لفضاء ثقافي مفتوح سيعطي جاذبية وجمالية للحديقة والساحة عموما وسيساهم حتما في تغيير حياة جيل كامل في هذا الحي الشعبي. وفي هذا الإطار لابد من دعوة بلدية قليبية الى دعم هذا المشروع الثقافي الذي لو تكرر في بقية الأحياء الشعبية بالمدينة سيجعل من قليبية منارة ثقافية وهي التي أنجبت عديد المبدعين والمثقفين من الشاذلي القليبي الى نور الدين صمود والناصر صمود وغيرهم... وفي تصريح «للشروق» أثناء زيارتنا لهذا الفضاء الثقافي الجديد، دعا مروان المدب مختلف مكونات المجتمع المدني وخاصة الجمعيات الى الالتفاف حول هذا المشروع المفتوح لهم وبينهم، معربا عن أسفه الشديد لانسداد أفق التواصل بينه وبين المسؤولين بسلطة الاشراف على مستوى جهوي ومركزي. اما بخصوص برنامج مقهى الحسون للثقافة والفنون أفادنا المدب بانه الى جانب نادي السينما قام بتنظيم حلقة الحسون الثقافية لتكريم المبدعين وكانت البداية يوم 30 أوت بتكريم الفنان نعيم عياد الذي كرم بدوره الفنان المنسي اصيل منزل تميم عبد القادر بوعصيدة شهر «الشيخ جنان» وذلك بالحديقة العمومية بمقطع الشريف قبالة مقهى الحسون. كما أبرز انه يستعد لبعث ورشة او ناد في الفن التشكيلي وكورال موسيقي بمعيّة اساتذة من الاختصاصين المذكورين على ان يكون ابو الفنون حاضرا بعد استكمال النوادي المذكورة سلفا. واعتبارا لرمزية الفضاء وما يمكن ان ينتج عن أنشطته واستقطابه للأطفال والشباب خارج أوقات الدراسة وحمايتهم من الانحراف والتطرّف بشتى أنواعه نأمل من المجلس البلدي ان يهتم أكثر بهذا المشروع الثقافي النموذجي الذي سيجعل بلدية قليبية تحافظ على خصوصية الجهة الثقافية من اجل تهيئة الأحياء الشعبية. وقد عبر عدد من المثقفين الذين زاروا هذا الفضاء الثقافي الجديد عن إعجابهم الشديد بالمشروع على غرار الروائي محمد عيسى المؤدب والشاعر آدم فتحي مشجعين السينمائي مروان المدب على المضي قدما في هذا المشروع وعدم الاستسلام والمقاومة ليزيد إشعاعا ونجاحا.. مروان المدب قال في دردشة قصيرة معه ونحن نغادر فضاءه الثقافي الحسون، إنه في هذا العصر يسعى إلى مساعدة جيل كامل على أن يصبح جيلا مثقفا، على طريقة جماعة تحت السور، تحت جناحي «الحسون» على حد تعبيره، وشدد على أنه سيصمد وسيواصل مشروعه لما وجده من تجاوب من أهل الحي شبابا وأولياء وأطفالا، تواقون جميعهم إلى الأفضل وإلى الجمال.