بعد أن كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مشكل التزكيات البرلمانية والشعبية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، أصبحت هيئة الانتخابات مطالبة اكثر من أي وقت مضى بالصرامة في اتخاذ القرارات المناسبة حماية للعملية الانتخابية من التشويه والشكوك. تونس (الشروق) تسببت التزكيات الشعبية والبرلمانية التي قدمها المترشحون للانتخابات الرئاسية في حصول حالة من الارباك لهيئة الانتخابات التي وجدت نفسها في مواجهة ضغوطات عديدة وبلغ الامر بالبعض حد التشكيك في نزاهة العملية الانتخابية منذ بدايتها. وكان نواب من حركة النهضة بالبرلمان وهم ماهر مذيوب وكريمة التقاز ونائبة أخرى قد نفوا منح تزكياتهم للمترشح حاتم بولبيار كما اتضح ايضا ان النائب عبد الرؤوف الشريف منح تزكيته للمترشحين سليم الرياحي ونبيل القروي. وعلى صعيد آخر كشف عدد من المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي عن تفاجئهم بوجود أسمائهم ضمن التزكيات الشعبية لبعض النواب وقد قدم بعضهم شكايات لهيئة الانتخابات. القانون الانتخابي لم يحسم القانون الانتخابي المشاكل التي تثيرها التزكيات بشكل صارم وحاسم . فالفصل 45 من القانون الانتخابي يمنح فرصة للمترشح الذي عمد الى تزييف او تدليس التزكيات لتدارك الخطأ في ظرف 48 ساعة ويقدم تزكية او تزكيات جديدة ( برلمانية او شعبية) ويقف الامر عند ذلك الحد. كما ان القانون الانتخابي لم ينص على ضرورة نشر قائمات التزكيات لذلك امتنعت هيئة الانتخابات عن ذلك في البداية واضطرت في ما بعد الى النشر تحت ضغوطات المجتمع المدني. لكن رغم النشر لم يقع احتواء الازمة حيث وقع النشر بعد انتهاء أجل الطعن في الترشحات، لذلك لم يتسن لكل من له مصلحة، لا سيما بقية المترشحين، التقدم بطعن ضد المترشحين المعنيين بمشكل التزكيات لاسقاط ترشحاتهم. هيئة الانتخابات هذا الاشكال الحاصل حول التزكيات خلق ضغوطات عديدة على هيئة الانتخابات وادى ذلك الى اتهامها بعدم القدرة على التحكم في المشاكل التي تثيرها العملية الانتخابية وعلى التعامل بصرامة وحزم مع المخالفين من المترشحين. ويقول أعضاء الهيئة ان دور الهيئة بالنسبة للتزكيات يقتصر فقط عند تقبل المطالب على التثبت من عدم وجود اسم شخص او نائب قام بالتزكية مرتين والتاكد من ان المُزكي تتوفر فيه شروط الناخب ( بالنسبة للتزكيات الشعبية) او ان يكون نائبا بالبرلمان او رئيس مجلس بلدي بالنسبة للتزكيات النيابية. فإذا اكتشفت خطأ ( نتج عن حسن نية او عمدا) تكتفي بمطالبة المترشح بتسوية وضعيته في ظرف 48 ساعة، وهو ما حصل مع بعض المترشحين بالنسبة للتزكيات الشعبية ومع مترشحين اثنين بالنسبة للتزكيات البرلمانية حيث وقع التفطن الى تكرر اسم نائب فوقع التنبيه على المترشحين وقام أحدهما بتدارك الامر في الاجل المجدد وقدم تزكية برلمانية جديدة وحصل الامر نفسه بالنسبة للتزكيات الشعبية لبعض المترشحين وقاموا بتسوية الوضعية. بالنسبة لشبهة «تدليس» التزكية، التي اتهم بها ثلاث نواب (ماهر مذيوب وكريمة التقاز ونائبة اخرى) المترشح حاتم بولبيار فان الهيئة تقول انها لا يمكن التفطن من تلقاء نفسها لما قد يحصل من تدليس لامضاءات التزكيات ، وبالتالي تبقى مسؤولية التثبت في صحة التزكية ملقاة على عاتق كل من ورد اسمه ضمن التزكيات سواء بالنسبة للنواب او المواطنين. وما على هؤلاء الا التوجه لهيئة الانتخابات للتقدم بشكاية ثم التوجه الى زكيل الجمهورية لتقديم قضية في التدليس ضد المترشح. جرأة وشجاعة رغم كل ذلك ينادي المراقبون بان تكون هيئة الانتخابات اكثر جرأة وشجاعة لاتخاذ قرارات صارمة تجاه كل من ثبت انه شوه او حاول تشويه العملية الانتخابية وان لا تكتفي بتطبيق القانون الانتخابي في حدود ما يسمح لها به من صلاحيات. فالهيئة حسب الفصل الأول من القانون المحدث لها الصادر في ديسمبر 2012 مستقلة وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي. وينص الفصل 19 من هذا القانون على ان مجلس الهيئة يتولى «وضع التراتيب اللازمة لتنفيذ التشريع الانتخابي وتنفيذ المهام الموكولة للهيئة يمضيها رئيس الهيئة وتنشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية. وتتولى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اتخاذ التدابير اللازمة لفرض احترام التشريع الانتخابي من قبل جميع المتدخلين في المسار الانتخابي بما فيها تسليط العقوبات غير الجزائية المترتبة عن المخالفات الانتخابية». وبالتالي يمكن للهيئة الاستناد على هذا الفصل للضرب على ايدي كل من يحاول المس من نزاهة وشفافية العملية الانتخابية وذلك عبر اتخاذ قرار لاقصائه مباشرة من السباق الانتخابي بمجرد التفطن الى ما قام به ثم إحالة ملفه في ما بعد على القضاء اذا ما ثبت وجود جريمة تدليس او تزوير. التشهير بالمتلاعبين بالانتخابات يقترح مختصون ان تكون للهيئة اكثر جراة وشجاعة للتشهير بكل من يعمد الى التلاعب بالمسار الانتخابي ونشر اسمه للعموم دون خوف او حرج مهما كان اسم الشخص المعني وذلك حتى يكون عبرة لغيره في الاستحقاقات الانتخابية القادمة ويقع بذلك ضمان سلامة وشفافية المسار الديمقراطي الذي تمر به تونس والذي من اهم ركائزه المحطات الانتخابية. تنقيح القانون الانتخابي اتضح ان القانون الانتخابي يتضمن فراغات تشريعية عديدة بالنسبة للعملية الانتخابية ولا يتيح لهيئة الانتخابات امكانية الضرب بقوة على ايادي المخالفين ولا يحيط الانتخابات بالضمانات اللازمة لا سيما بالنسبة لمسالة التزكيات الشعبية والبرلمانية وكذلك المرونة التي يقع التعامل بها مع المترشحين ( مشكل افصل 45) وايضا العقوبات الضعيفة التي خص بها المخالفين منهم. لذلك يقترح كثيرون تنقيح هذا القانون حتى تقع حماية المحطات الانتخابية القادمة من كل تشويه. أنيس الجربوعي (عضو هيئة الانتخابات) إمكانية اللجوء إلى القضاء قال أنيس الجربوعي عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنّ الهيئة لم تتوقع مطلقا وجود إشكال في التزكيات البرلمانية ولم يتبادر إلى أذهان أعضائها التثبت في إمضاءات النواب الذين قاموا بتزكية مترشحين للانتخابات الرئاسية بالنظر الى ما يحظى به النائب في البرلمان من قرينة الثقة. كما ان دور الهيئة يقتصر فقط على التثبت من صحة التزكية وليس من صحة الامضاء. ولمّح الجربوعي في تصريح لموزاييك الى امكانية اللجوء إلى القضاء ليأخذ مجراه بالنسبة لكل من تثبت ضده تهمة تزوير التزكيات.