لقد كان شارل أزنافور أبا العشق والبوهيميا الذي غنى ورقص ومثّل...وأسعد الناس رغم الشقاء الذي عاشه في بداية حياته. وعندما سئل: كيف ترى نفسك؟ قال "أعتبر نفسي بوهيميا، أو شقيا باريسيا في رحلة". يصنفه النقاد بأنه الحنجرة الفرنسية التي تعبق بتاريخ الكلاسيكية الرومانسية المرهفة، حيث كان يأخذ جمهوره في كل حفلة من حفلاته إلى مطارح العشق الأخرى: النبل والشهامة والرقة والحنان والوفاء. بلى لقد جعل الحب ثقافة ونمط حياة...وهذه قصته مع الحب ! حياته العاطفية سرية لم يحب ازنافور ان يتحدث كثيراً عن حياته العاطفية لكنه تزوج ثلاث مرات ولديه ستة أطفال ثلاثة منهم من زوجته الأخيرة التي كان قد تزوجها منذ أكثر من 50 عاماً... فقد ابنه باتريك الذين وجد عام 1976 ميتا وسط الكحول والمخدرات في شقته و كان ابنه يبلغ من العمر 25 سنة فقط ولقد مثل هذا الحادث الأليم صدمة كبيرة لأزنافور. لقد كانت خطوات أزنافور الأولى في مجال الغناء مليئة بالأشواك ، فقد انتقد الفرنسيون شكله الذي لا يواكب معايير الوسامة الفرنسية، وصوته المختلف عن بقية الأصوات المعروفة بالمنطقة، لقد كان صوته ذا نبرة خاصة، لم يدركوا إلا لاحقًا قدرته الخارقة على مداعبة أوتار القلوب ومعانقة دقاتها إلى الأبد. لقد كان أزناڤور مغنيا متجولا في ليل باريس، واستمر على تلك الحال إلى أن قادته الصدفة للالتقاء ب‘‘بييرروش‘‘ أحد أهم مطربي فرنسا في تلك الفترة... ونظرًا لأنه كان يشعر بشيء من الخجل وقلة الثقة في إمكانياته الصوتية؛ شكل ثنائيًا مع بييرروش، واستطاع بهذه الطريقة مواجهة الجمهور بشجاعة وترديد أغنياته بلا خجل، فلاقى الثنائي شعبية واسعة جدًا في فرنسا والدول الأوروبية الناطقة بالفرنسية. إديث بياف ونقلة فنية لقد بدأت الأقدار تتضح في مشوار الفن بالنسبة له عندما سمعته المطربة الكبيرة إديث بياف التي سمعته طفلا، فضمته إلى جولاتها الفنية العالمية في فرنسا وأمريكا، ووصفته بفرانك سيناترا أوروبا، ومن عمق الهوة السحيقة، تنتشل إديث بياف شارل المفلس والمعدم والفقير لكن ذي القيمة الفنية الكبيرة إلى عالمها، وبين أصدقائها. فتحت إديث باب المهنة على مصراعيه أمام شارل الصغير، لكن فرنسا الفن والأضواء لفظت جسم شارل الصغير بحدة، لتتأخر عملية احتضانه في الوسط سنوات أخرى. لقد كانت معلمته ،أو فلنقل «عرابته» في الفن، تلك النجمة الساحرة إديت بياف، أول شخص اكتشف موهبته الغنائية ، فقررت أن تصطحبه في جولاتها الغنائية بفرنسا و الولاياتالمتحدة، زارعة أولى بذور السعي للتميز في أعماقه. لقد اختارته نجمة الأغنية الفرنسية إديث بياف، التي كانت تشجع الفنانين الجيدين من الشبان، ليكون عازف البيانو في فرقتها الخاصة. وهنا كانت نقطة التحول في حياة أزناڤور الفنية، حيث حثته بياڤ على الغناء منفردا، يقول أزناڤور في أحد لقاءاته التلفزيونية: "لولا بياڤ لما اتخذ مشواري اتجاهه الحالي، وأنا اعترفت بعدم نيتي أساسًا خوض تجربة الغناء حينها... إيديث بياڤ هي التي نصحتني بالتوقف عن إعطاء ألحاني وكلماتي لغيري وبترديدها بنفسي؛لأني الوحيد القادر على إبراز معانيها بالطريقة التي أردتها عند الكتابة في أول الأمر" عُرف "أزنافور" بأنه شخص رومانسي مليء بالحيوية والنشاط، محبًا للعمل، وفي أيام الجنون، عشق المطربة، "إيديث بياف"، التي كان يكتب لها أغانيها، وحاول التقرب إليها بشتى الطرق وكان يعمل مساعدًا وسواقًا لها، لكنه كان حباً من طرف واحد، تحطمت على صخرته الكثير من الأحلام والآمال والمشاعر الرومانسية الخالصة، إذ كانت "بياڤ" تعامله بطريقة سيئة، ومع ذلك قضى أزناڤور، البوهيمي، الكثير من الليالي هائمًا شوقًا إليها. وبعد فترة من المحاولات؛ فقد الأمل في القدرة على تحريك مشاعرها تجاهه، ثم تعرف على إمرأة سويدية هي، "أولسا ثورسيل"، سوف تصبح فيما بعد زوجته الثالثة؛ بعدما تتمكن من إرجاعه إلى عقله، فينشغل بأمور أسرته وأطفاله الستة. تزوّج شارل أزناڤور لأول مرة من ميشيلين روجل في عام 1946، لكن هذا الزواج لم يَدُم طويلًا وانتهى بالطّلاق. ارتبطَ رسميًا للمرة الثانية مع إيفيلين بلسي عام 1956، كما الزّواج الأول لاقَت هذه العلاقة حتفها بالطلاق. في نهايةِ المطافِ وجدَ الحبّ والإستقرار الذي كان يتوق إليه عندما تزوّج من أولا ثورسيل السويدية عام 1967، وهو أبٌ لستةِ أطفالٍ من الزيجات الثلاثة. في حبه للنساء، تزوج أزنافور ثلاث مرات وأنجب 6 أولاد وخسر منهم ولداً واحداً ابنه باتريك، الذي خسر حياته وهو في ال 25 ربيعاً بعدما أقدم على الانتحار هرباً من إدمانه المفرط على المخدرات. كيف يتحدث عن زيجاته الثلاث؟ ذكر في إحدى مقابلاته التلفزيونية على شاشة المغازين الأسبوعي «Télé 7 Jours» أنه قرر "الارتباط ثلاث مرات في حياته" مشيراً الى أنه كان يافعاً في زواجه الأول من ميشلين فورمانتان في العام 1946 فيما اعتبره نفسه غبياً في زواجه الثاني من إفلين بلسي في العام 1955وهي والدة ابنه الراحل باتريك". أما زواجه الثالث، وفقاً له، "فتميز باقترانه من اولا تورسال، المرأة من ثقافة مختلفة، ما ساعدني أن أكتشف أشياء عدة وأبرزها قبول الآخر". قال:" لا أقصد أنها حاولت تغيير بعض من أطباعي، فهذا يبدو لي مستحيلاً. لكنني أعتقد أنها تمكنت من مساعدتي على ضبط بعض الأمور في حياتي، لا بل كان لها دور في وضع هذا المسار في حياتي في السكة الصحيحة". خلقت هذه الزوجة، النروجية الجنسية، توازناً كان يفتقده أزنافور في حياته. لكنه أصر انها أحبت دائماً ان تبقى وراء الكواليس تاركة له ساحة النجومية. علق على هذه المعلومة قائلاً: "كانت لا تحب الظهور أمام العامة، ولا ترغب في إقحام نفسها في أي لقطة فوتوغرافية معها. لعبت دوراً مفيداً في حياتي. اختلفت في تعاطي مع واقع الحياة، كانت مختلفة في أدائها، فيما نجحت في تعزيز فن الجنون في نمط الحياة". من هو شارل أزنافور؟ ولد شارل أزنافور يوم 22 ماي 1924في باريس من أب وأم أرمنيين هربا بحياتهما أيام الإمبراطورية العثمانية بعد مذابح الأرمن الشهيرة،وكان إسمه عند ميلاده : شاهنور فاريناج أزنافوريان. وكان أفراد عائلته أبطالا، قاوموا الإحتلال النازي لفرنسا،وكانوا يؤون الثوار المناهضين للإحتلال في منزلهم الصغير في باريس. وسطع إسم شارل أزنافور في سماء الأغنية الرومانسية الفرنسية والأوروبية في سنوات قليلة قياسية،وحقق إنجازه الأكبر ببقاءه على قمة الأغنية الفرنسية والأوروبية عقوداً طويلة من الزمن،وهذا ما عجز عنه نجوم أوروبيون كثر. ميراثه الفني كتب شارل أزنافور 1300 أغنية من 1400 أغنية قدمها ،وأيضاً ألف مسرحية موسيقية.وباع أكثر من مئة مليون اسطوانة في 80 دولة مختلفة،وكثيراً ما كان يوسف بفرانك سيناترا فرنسا. كما قدم رقما قياسيا لم يحققه أشهر نجوم الغناء في العالم، بإصداره أكثر من 390 ألبوم غنائي. ومثل في بعض أفلام الستينيات ،ووصل رصيده منها "60" فيلماً لكنه كان يعشق الغناء أكثر فلم يستمر عمله في السينما،واختار تكريس حياته للغناء والمسرح الموسيقي. تفرد عن غيره بقدرته على الغناء بخمس لغات عالمية إلى جانب لغته القومية: الفرنسية، بإتقان وبراعة وإحساس جميل بمفرداتها اللغوية،واللغات الخمس هي:الروسية،والإنجليزية،والأرمنية،والإيطالية،والإسبانية. وفي النهاية وعندما رحل المغني الفرنسي الشهير شارل أزنافور عن سن ال94 عاما ...حزن العالم أجمع وشعر الحب باليتم ...فالرجل كان أيقونة الغناء الفرنسي والعالمي والحب وحققت أغانيه العاطفية والإنسانية نجاحات كبرى لا تضاهى ولا تقارن.