الشقيقتان «زينة وعزيزة» شكلتا ثنائيا فريدا من نوعه. وزينة وعزيزة هي الأسماء الفنية لشدلية ومحبوبة بوزيان، اللتين انطلقت مسيرتهما من منطقة الملاسين الشعبية بالعاصمة التونسية.و كانتا تؤثثان الليالي بأجمل عروض راقصة، حيث لم يكن يحلو السهر الا في «الكافيشانطا». ومن يقول "كافيشانطا» يقول باب سويقة تلك البطحاء الكبيرة في قلب العاصمة، التي يجتمع فيها سكان الحاضرة للاستمتاع بعروض الغناء والرقص والشعر. ومن هناك انطلقت زينة وعزيزة في تقديم أجمل لوحات راقصة لتتحولا الى أشهر راقصتين في فترة الخمسيات بعد أن أبهرتا بحرفية أدائهما وجمالية حركاتهما.ويعود الفضل في اكتشافهما الى الموسيقار رضا القلعي الذي قدمهما الى أب الفن الشعبي اسماعيل الحطاب، الذي لعب هو الآخر دورا كبيرا في الكشف عن مواهب تونسية خلدت تاريخ الفن الشعبي في تلك الحقبة، فبعد الراقصة "زهرة لمبوبة"، قدم الحطاب للجمهور الثنائي "عايشة ومامية" اللتين اعتزلتا بعد أن تقدم بهما العمر، ليفسحا المجال للنجمتين زينة وعزيزة. وبات هذا الثنائي عنصرا قارا في فرقة اسماعيل الحطاب، وكانتا ترافقانه في جميع عروضه، فتمكنتا من تطوير مهارتهما واكتسبتا خبرة عالية فلمع اسماهما وصارتا تزاحمان كبار فناني وفنانات ذلك العصر. امتاع وبعد أن حققتا شهرة نوعية، سعت الشقيقتان الى توسيع نشاطهما الفني من خلال الانتقال من فرقة اسماعيل الحطاب لتنضما الى الفرقة الوطنية للفنون الشعبية، أين يمارس الرقص بطريقة جماعية مستقلة ومنظمة، فخاضتا مغامرة جديدة مع الراقص حمادي اللغبابي.ومن هناك بدأتا في تقديم عروض خارج أرض تونس، فجابتا جميع أنحاء العالم، من مشرقه الى مغربه بعرض لوحات من الفلكلور التونسي في أداء أبهر الجميع، حتى تحولتا الى حديث الصحافة العالمية التي كتبت عن أدائهما المميز وتناسق حركاتهما وكأنهما شخص واحد، ولئن ارتبط اسم هذا الثنائي بالرقص الشعبي، فالباحث في التاريخ الفني يكتشف أنهما كانتا أيضا فنانتين في الغناء وأصدرتا شريط كاسات لم يجد رواجا يذكر.