عرفت زراعة حبة الملوك، بعدد من المناطق بولاية سليانة عديد الصعوبات، التي يواجهها الفلاحين، التي تعمقت بسبب غياب رؤية فلاحية رشيدة من قبل السلط المعنية، لتجاوز هذه العقبات مكتب سليانة (الشروق) حبة الملوك ، اسم على مسمى، شكلا ومضمونا ، وكأنها خاصة بطبقة معينة ( الملوك)، وذلك لروعة شكلها وحلاوة طعمها، وغنى مكوناتها وجنون لونها وندرة انتاجها. وقد عرفت ولاية سليانة منذ الستينات، وتحديدا سنة 1964، اذ تمت زراعتها عن طريق الايطاليين كأول قطعة مثالية بمنطقة صدين الواقعة بين مكثر والروحية، وتم جلبها آنذاك من ايطاليا ، ليقوم اثر ذلك احد ابناء الجهة، بتوريدها، وغراستها في هنشير الدبوبي، وكانت تجربة ناجحة في عهد التعاضد سنة 1969 ولكنها لم تعمم انذاك ،حيث ظل هذا المنتوج الى اليوم يراوح بين الموجود والمنشود، بسبب عديد الاشكاليات والصعوبات المطروحة لدى فلاحي هذه النوعية من الغلال . بين ماض مجيد...وحاضر مؤلم ويتخبط عدد من الفلاحين الناشطين في مجال زراعة حبة الملوك، في سلسلة من الصعوبات، ويقول في هذا الاطار، الصادق المحرزي (مهندس فلاحي وفلاح ) انه في سنة 1982، قامت مندوبية الفلاحة بسليانة ببعث برنامجا للتشجير، وهو عبارة عن مشروع لتنمية الاشجار المثمرة ، ومن بينها شجرة حبة الملوك، وذلك بعد دراسة معمقة لمناخ المنطقة وتضاريسها ،وان اجودها ( حبة الملوك ) تنتج فنيا في اكثر المناطق ارتفاعا على سطح البحر ( اكثر من 700 متر). وتابع حديثه بانه نال شرف الاشراف رفقة الفريق الفني انذاك على هذا المشروع ،فتم استيراد المشاتل من فرنسا ، وهي – حبة الملوك- انواع منها من ينضج بين 15 و موفى ماي ،ونوع اخر بين 25 ماي و 15 جوان واخر بين 10 جوان و 10 جويلية من كل سنة .وفي سنة 1982 قام مجموعة من الفلاحين بزراعة ما يقارب ال 5 الاف شجرة اي بمقدار 200 شجرة بالهكتار الواحد (7م x 7م) ،الى ان بلغت في السنوات الاخيرة ما يناهز ال 30 الف شجرة اي ما يعادل ال 150 هك ،لكن هذه الهكتارات توجت بالفشل لندرة الماء جراء الجفاف مع عدم جدية بعض الفلاحين وقلة عنايتهم بهذه النوعية من الغلال. وتابع محدثنا انه ازداد عدد الفلاحين تدريجيا من سنة الى اخرى نتيجة لنجاح هذه التجربة لدى البعض الاخر ،بعدما اتضحت مردودية الشجرة من خلال تطور الانتاج وارتفاع سعرها ، مضيفا انه للاسف فقد عرفت هذه الحبة الملكية في السنوات الاخيرة تهميشا من قبل المندوبية الجهوية للفلاحة بسليانة شانها شان وزارة الاشراف، من خلال عدم تشجيع الفلاح مشيرا الى ان عدم توفر الشتلات المطابقة للمواصفات من قبل مندوبية المكان في السنوات الاخيرة ،يضاف الى ذلك غلاء الادوية وعدم توفير الارشاد والتوعية والمتابعة الفنية ،مع الغياب التام للمراقبين الفنيين بالادارة الجهوية عمق في معاناة الفلاح و هدد هذه النوعية من الغلال. اشكاليات بالجملة من جهته، افاد الفلاح قيس بن احمد بان زراعة حبة الملوك بجهة مكثر مازالت تتأرجح بين الموجود والمنشود ، اذ ان عديد الصعوبات مازالت عالقة، ولم تحلحل من اجل مواصلة زراعة حبة الملوك بالجهة، مضيفا ان من بين المشاكل المطروحة لدى فلاحي الجهة هي غياب التشجيع والتحفيز لزراعتها، اضافة الى عدم توفر واقيات من البرد والعصافير، تساهم في الحد من تدني نوعية المنتوج وتراجع الانتاجية ،الى جانب غلاء الاسمدة والمبيدات التي تحتاجها هذه الغلال. وتابع بن احمد ان ندرة المشاتل بالسوق تبقى معضلة كبرى، يعاني منها فلاحوا الجهة، وذلك لعدم اقدام الفلاحين او الفنيين لإحداث منابت بالرغم من توفر الشتلات . اما الفلاح ومنتج لحبة الملوك زهير غربالي يرى ان مندوبية الفلاحة بسليانة، لا تقوم بتوفير نباتات وعدم قيامها بالمتابعة الصحية ولا انواع قيمة لهذا المنتوج ،وهذا سبب من الاسباب المباشرة لتراجع نسبة المساحات المزروعة، مضيفا ان سنوات الجفاف السابقة، تسببت في اتلاف اعداد كبيرة من الاشجار، اضافة الى بروز الامراض الفطرية، وذلك بسبب الغياب التام وعدم توفر المعلومة الفنية للتوقي من هذه الامراض. كل هذه الاشكاليات، كانت سببا كافيا، لتراجع نسبة زراعة حبة الملوك بالجهة، التي تراجعت المساحات المزروعة المخصصة لها، وهذا لم يمنع المهتمين بهذه الثمرة من بعث مهرجان سنوي بالجهة لحبة الملوك ينطلق يوم 20 ماي من كل سنة . اعادة الاعتبار للحبة الملكية طالب عدد من فلاحي ولاية سليانة بضرورة رد الاعتبار لحبة الملوك وايجاد الحلول للحد من الصعوبات التي يعيشها هذا المنتوج، ويقول في هذا الصدد طاهر نجم ( فلاح و منتج ) انه يجب الانطلاق في بعث مشروع خاص يعنى بهذا المنتوج، من اجل تطويره. ودعا محدثنا الى ضرورة تكوين فنيين في هذا الغرض ، وتكوين يد عاملة مختصة في التقليم والمداواة ،وتمكين المزارعين من معدات الري ، ومن تسهيلات للحصول على الشباك الواقية ،بالاضافة الى تمكين الفلاحين لتكوين تعاضدية خاصة ،داعيا الى تمكين الفلاح من صناديق خاصة لعرض منتوج حبة الملوك بالأسواق. وعن اسعار هذه الثمرة، قال محدثنا بان حبة الملوك وخاصة منها «البدري» تتراوح بين 20 و30 دينارا الكلوغرام الواحد، وفي المتوسط 10 د ، وان انتاج الشجرة الواحدة يفوق ال 100 كلغ، وهذه الشجرة تتطلب عناية خاصة جدا.