بَعيدا عن اللّغة الخَشبية والخِطابات الشَعبوية هُناك شبه إجماع في الأوساط الرياضية على أنّ الكرة التونسية غير مستعدّة للتّضحية بملعبي المنزه وزويتن وذلك ليس لأهميتهما التاريخية والرّمزية فحسب بل لحاجة أندية العَاصمة والمنتخبات الوطنية لميادين بَديلة من شأنها أن تُنقذها من «الهِجرة القَسرية» التي يعيشها الآن الترجي والافريقي بسبب غَلق رادس للصّيانة. وهذه الوضعية المُخجلة التي يَعرفها الناديان الأقدم تَاريخا والأضخم جمهورا تُعتبر وصمة عَار على جبين الوزيرة ورئيس الجامعة والوالي والبلدية وكلّ المشرفين على المُنشآت الرياضية بل أن العَار يَطال رأس الدّولة المسؤولة عن حالة التسيّب التَّام في ساحتنا الكُروية. لغز حقيقي لقد جَاء تَرحيل المُواجهات المَحلية والدولية للترجي والافريقي إلى خارج تونس الكُبرى ليَكشف «الخُنّار» في «الملف الأسود» للمنشآت الرياضية المُنتصبة في العَاصمة التي تَعجز للمرّة الأولى في احتضان «الدربي». وفي ظلّ غَلق ملعب رادس في سَبيل انتشاله من «التَصحّر» كان من المفروض أن يَجد الترجي والافريقي ضَالتهما في المنزه أوزويتن بوصفهما الأكبر والأٌقرب بَعد «درّة المُتوسّط» ولو أنّها في الوَقت الرّاهن «مُشوّهة» وقد يكون من الضّروري حَجب هذه التَسمية إلى حين استرجاع «هَيبتها». وقد كانت الصّدمة كبيرة بعد أن اتّفق «الجَماعة» على عَدم جاهزية المنزه وزويتن ولا أيّ ميدان آخر في العَاصمة لإستقبال الترجي والافريقي وذلك لأسباب تَهمّ الحضور الجماهيري والجانب الأمني وأشياء أخرى غير مُعلن عنها وقد لا نَكتشفها إلاّ بعد فَوات الأوان وضَياع زويتن والمنزه بكلّ ما يَحملانه من إرث تَاريخي صَنعه عَمالقة «التَكوير» وعاشه الجمهور التونسي بكلّ جَوارحه. وقد تَختزل الأفراح التي صَنعتها نهائيات كأس تونس المكانة الخاصّة لزويتن وينسحب الأمر نفسه على المنزه الشاهد على أجمل اللّحظات على غرار الفرحة الشَعبية بالترشّح إلى مونديال الأرجنتين بعد اكتساح مصر برباعية تاريخية يوم 11 ديسمبر عام 1977. الغَريب في ملف المنزه وزويتن أنّ عُشبهما في أفضل الحَالات بشهادة المُشرفين على هَاذين الملعبين وبإعتراف من الأندية التونسية واللّيبية التي اختارت إجراء مُواجهاتها الودية وحتّى الرّسمية على أرضية الميدانين المذكورين. مُزايدات أعاد تهجير «دربي» العاصمة إلى مصطفى بن جنّات فتح ملف المنزه وزويتن فَقُلنا ربّ ضارة نافعة. وفي الأثناء ظهر كمّ هائل من «المُزايدات» فهذا يدعو إلى إلحاق المَلعبين بالأرشيف لإستحالة إصلاحهما وذاك يؤكد بأنّه لا استغناء عن المنزه وزويتن لأبعادهما الرّمزية ولحاجة أنديتنا ومُنتخباتنا لخدماتهما. وقد انخرطت الجامعة كعادتها في هذه اللّعبة لتشغل الناس عن فضيحة «الدربي» الذي لم يَسبق له أن خرج من زويتن والمنزه ورادس إلاّ في مُناسبة واحدة ودون مُغادرة العَاصمة (كان ذلك عام 1966 على الأرضية الصّلبة لملعب باردو). وقد بادر مكتب الجريء بمراسلة بلدية تونس ل «التعرّف على المَوانع الحَقيقية» التي تَحول دون استغلال ملعب زويتن وذهبت الجامعة أبعد من ذلك بعد أن اقترحت كراء الملعب لمدة ثلاثين عاما مُقابل صِيانته وتعشيه حسب «المُواصفات العَالمية». الاجراءات التي قَامت بها الجامعة بدت للبعض غريبة خاصة أنها تَتعارض مع «الأعراف» والقوانين المنظمة للصّفقات العمومية. هذا في الوقت يعتبرها البعض الآخر «جريئة» ونَافعة بل أن شقّا من هؤلاء «رقصوا» فَرحا لهذه المُبادرة كما فعل منشّط «الأحد الرياضي» الذي نَوّه بتحرّك «صديقه» وديع وهَاجم في المُقابل إدارة الحي الوطني الرياضي (المَسؤولة عن المنزه ورادس). وبما أنّ العَلاقة «مُتوتّرة» بين الجريء ومدير الحي الوطني عادل الزرمديني (من أيّام طارق ذياب) فَقد كان من الطّبيعي أن تَكبر الأزمة وتَحضر التأويلات و»حُروب» البلاغات الحَافلة بالاتّهامات والكَاشفة عن حَجم الهُوّة بين هياكلنا الرياضية. دور الوزيرة يَحدث هذا على مرأى ومَسمع الوزيرة سنية بن الشيخ التي يبدو أن بعض «المُستشارين» نصحوها بسلك سياسة «مَسك العصا من النّصف» وعَدم الدخول في صراع مع أي طرف وبصفة خاصّة جامعة الكرة التي «تَمرّد» رئيسها على عدّة وزراء سَابقين آخرهم ماجدولين المسؤولة أيضا عن مُراكمة المشاكل في رياضتنا. ومن حَقّ الوزيرة طبعا تكريس الوِئام على الخِصام لكن من الضروري أن «تَنتزع» ملفي المنزه وزويتن من دائرة التَجاذبات وتعالجه بما تَقتضيه المصلحة العامّة. الجدير بالذّكر أن المعلومات القادمة من بلدية تونس وإدارة الحي الوطني الرياضي تؤكد أنه لا تَنازل عن إعادة الروح لزويتن والمنزه. وقد تمّ رصد 23 مليارا لإصلاح المنزه ليكون جاهزا لاستقبال ضيوفه والعَمل بصفة عادية في حدود 2020. وتَتّجه النية أيضا إلى رصد جملة من الاعتمادات لتشغيل زويتن.