لم تتطور عمليات التبرع بالأعضاء في تونس رغم وجود الكفاءات الطبية والاطار التشريعي والتجهيزات الطبية فإن عمليات التبرع وزرع الأعضاء لم تتطور وهو ما يطرح سؤالا حول تجذر عقيلة التبرع لدى التونسي الذي يبدو واعيا بأهمية التبرع وفق ما تؤكده الاحصائيات الرسمية. تونس الشروق: كشفت الاحصائيات والاستبيانات أن 77 % من التونسيين يقبلون مبدأ التبرع بالإعضاء بعد الوفاة في حين أن تنفيذ هذا «الوعد المبدئي» ما يزال ضعيفا جدا إن لم نقل منعدما. حيث ترفض بين 85 و90 % من العائلات فكرة التبرع بأعضاء موتاها. ومما يؤكد هذا التناقض أننا توقفنا عن إجراء عمليات زرع القلب منذ سنة 2009 رغم أنه يوجد بين 20 و30 مريضا سنويا على قائمة الانتظار في حاجة إلى متبرع ينقذ حياتهم ويخفف من خسائر الدولة والعائلات. ويوجد على قائمة الانتظار أيضا بين 20 و30 مريضا سنويا في حاجة إلى زراعة رئة بينما عدد المتبرعين الأحياء والأموات صفر. والشيء ذاته بالنسبة للتبرع بالكبد الذي يبدو ضعيفا جدا وبعيدا عن انتظارات المرضى فعدد عمليات الزرع لم يجاوز12 عملية في حين أن عدد المرضى على قائمة الانتظار يتراوح بين 10 و15 مريضا في صفوف الاطفال وبين 10 و 20 من فئة الكبار. وبالنسبة لعملية زرع الكلى فإن عدد المرضى على قائمة الانتظار بلغ سنة 2018, 1416 مريضا منهم 1365 مريضا بين كهول وشباب وكبار السن و 51 طفلا. في المقابل نجد أن عدد المتبرعين الأحياء لا يتجاوز متبرعين بالنسبة للاطفال و68 متبرعا بالنسبة للكبار أما عمليات الزرع من متوف فهي في حدود 8 متبرعين فقط, وبلغ عدد عمليات زرع كلية في تونس خلال السنة المنقضية 78 عملية فقط مما يكعس العزوف التام عن التبرع بالأعضاء في تونس. بينما نجد تحسنا ملحوظا في مجال زراعة القرنية حيث نجد أن عدد عمليات الزرع بلغ 994 عملية سنة 2018 وهي نسبة جيدة باعتبار أن عدد المرضى على قائمة الانتظار لا يتجاوز 1270 مريضا. والملاحظ في هذا الاطار أن عدد المتبرعين بقرنية من الأجانب أكبر من عدد التونسيين المتبرعين حيث بلغ عدد المتبرعين الأجانب 659 متبرعا في حين أن عدد المتبرعين التونسيين لم يتجاوز 335 متبرعا. تنظيم التبرع وزرع الأعضاء يشير الأستاذ الدكتور الطاهر قرقاح مدير المركز الوطني للنهوض بزرع الأعضاء إلى أن مجال التبرع وزرع الأعضاء من أكثر المجالات تنظيما وهيكلة في تونس من الجانب التشريعي من خلال سن قانون سنة 2004 وتركيز كراس شروط تنظم عمليات النقل والزرع التي تتم في المستشفيات العمومية المرخص لها فقط وهي المستشفيات الجامعية في الجمهورية التونسية. من ناحية أخرى وقع سن قانون يتم بمقتضاه تدوين عبارة متبرع على بطاقة التعريف الوطنية. كما يوجد دفتر الاعتراض على أخذ الأعضاء بعد الموت في المستشفيات العمومية التي تتم فيها عمليات نقل وزرع الأعضاء. والتسجيل في هذا الدفتر يتم عن طريق تقديم مطلب للمحكمة الابتدائية الراجع إليها بالنظر المواطن الذي يرغب في تنزل اسمه في هذا الدفتر. وعند وفاة هذا الشخص فإن الاطار الطبي يرجع إلى هذا الدفتر للتثبت من كون الشخص يرغب في التبرع بأعضائه بعد الموت أم لا. وإذا لم يكن اسمه موجودا في هذا السجل يقع العودة إلى بطاقة تعريفه الوطني وإذا لم يكن من بين المتبرعين يتم استشارة عائلته التي ترفض أو تقبل. وهنا نشير إلى أن بين 85 % و90 % من الأقارب والعائلات يرفضون التبرع بأعضاء الميت. ويتم اشتشارة الأب والام والاخوة والاخوات والابناء قبل أخذ أعضاء من الميت. كيف تتم عملية الزرع ومتى؟ التبرع بالأعضاء هو عملية علاجية ووسيلة من وسائل انقاذ حياة المرضى الذين وصل مرضهم إلى مراحل متقدمة ولا يمكن شفائهم بالأدوية وبلغوا درجة القصور النهائي للعضو. والأعضاء التي يتم زرعها هي الكبد والقلب والرئتين والمعثكلة( البنكرياص) والقرنية ولا يمكن التبرع بالأعضاء التي تحمل البصمات الجينية كالمبيض والخصيتين. والشخص الحي بإمكانه التبرع بإحدى كليته وجزء من كبده في حين تؤخذ الأعضاء الأخرى من الميت. وللإشارة فان عمليات التبرع تحتاج إلى شروط أهمها تطابق فصيلة الدم وتطابق الأنسجة حتى لا يتم رفض العضو من قبل المريض المتقبل للأعضاء. تكاليف وأثار سلبية أكد الأستاذ الطاهر القرقاح المختص في أمراض الكلى ومدير المركز الوطني للنهوض بزرع الأعضاء أن عملية غسل الكلى خلال خمس سنوات للمريض الواحد تكلف الدولة 100 ألف دينار أن أكثر من 9 الاف مريض فى تونس ينتظرون زرع كلية مما يعني أن الخسائر التي تتكبدها المجموعة الوطنية باهضة جدا في حين أن عملية الزرع تكون في حدود 72 ألف دينار مما يعني أن الدولة ستربح 28 مليون عن كل مريض في صورة ما إذا تطورت نسبة المتبرعين في تونس. هذا دون نسيان الأثار السلبية التي يخلفها مرض القصور الكلوي والقلب والكبد لكل من المريض والعائلة, والعكس صحيح إذا تمتع هذا المريض بعملية زرع للعضو العليل فإنه سيعود إلى حياته الطبيعية والعائلية وسينخرط مجددا في الحياة الاقتصادية. الشيخ الطاهر الغربي الاسلام حثّ على التبرّع أشار الشيخ الطاهر الغربي إلى أن جمهور الفقهاء من الشّافعيّة والحنابلة والزيديّة وبعض الحنفيّة وبعض المالكيّة يرون جواز الانتفاع بأجزاء ميتة الآدميّ، وقد علّلوا ذلك بأنّ حرمة الآدميّ الحيّ أعظم من حرمة الميّت . كما أجاز الفقهاء المعاصرون أخذ الأعضاء من الأموات وزرعها لمن يستحقّها وذكروا أنّ متأخري الشافعيّة وغيرهم من الفقهاء أجازوا استخدام عظام الموتى في جبر عظم الحيّ المنكسر، إذا لم يمكن جبره. وممّا يؤكّد جواز الانتفاع بالأعضاء عندهم . قال تعالى : «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا...». وتفسير ذلك : أنّ من يقوم بإنقاذ إنسان، إنّما يحفظ مصلحة اجتماعيّة ؛ لأنّ الباعث له على إنقاذ النّفس الواحدة، وهو الإقرار بقيمة الحياة الإنسانية واحترامها، يدخل فيه جميع حقوق الناس عليه، أي أنّه يفيد احترامه للنّفس البشرية عامّة. * قال تعالى : «وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ». والإحسان هو فعل النّافع الملائم، وهو مطلوب في كلّ شيء، ومن الإحسان إحياء النّفس. منصف بازيم رئيس الجمعية التونسية الرياضية لمتقبلي الاعضاء التبرع بالأعضاء حياة جديدة التبرع بالأعضاء هو هدية لا تقدر بثمن, والتي تُعطى للشخص المُحتاج لها, بنِيّة صادقة للمساعدة. وهي حياة جديدة لشخص مريض كان قريبا من موت محقق. وأنا شخصيا تمتعت بزرع كلية وبفضل ذلك عدت إلى حياتي العادية. معظم الديانات تُؤكد على أهمية مساعدة الآخرين وإنقاذ حياة. ومن المهم التذكر أن قرار أفراد العائلة, في لحظات الألم والحزن, بالتبرع بأعضاء أعزائهم هو عمل نبيل, من شأنه أن يطيل عمر أو يحسن على نحو كبير حياة شخص يحتاج لزراعة أعضاء. وتعتبر عملية التبرع بالأعضاء عملا إنسانيا نبيلا قد يساهم في إنقاذ حياة الملايين من الناس ممن يعانون من أمراض مستعصية لا توجد لها أدوية فعالة من أجل الشفاء. 77 ٪ من التونسيين يقبلون مبدأ التبرع بالإعضاء بعد الوفاة بين 85 ٪ و 90 ٪ من الأقارب والعائلات يرفضون التبرع بأعضاء الميت 10 ألاف هو عدد التونسيين الذين نصوا على عبارة متبرع في بطاقة التعريف الوطنية 1999 وقع سن قانون يتم بمقتضاه تدوين عبارة متبرع على بطاقة التعريف الوطنية 2014 وقع سن قانون تنظيم عمليات نقل وزرع الأعضاء في تونس 100 ألف دينار هي تكلفة عملية تصفية الدم لمريض الكلى خلال خمس سنوات