دعا الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي الى وقف السياسات التلفيقية الفاقدة لكل جدوى اقتصادية وسياسية واجتماعية التي تعتمدها الحكومة في مواجهة الازمة الاقتصادية مشددا على ضرورة المرور بأسرع وقت ممكن لاتخاذ إجراءات استثنائية لإنقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار. تونس/الشروق أسماء سحبون جاء هذا في ورقة تحليلية مطولة أصدرها الأسبوع الماضي عن قسم الدراسات بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وعدّد الدكتور البدوي في ورقته مجمل الاخلالات التي ارتكبتها الحكومة في ما يتعلق بتحسين أوضاع الميزانية العمومية ومنها بالأساس عدم اتخاذ أي إجراءات لترشيد النفقات العمومية مقابل التركيز على الرفع من الموارد العمومية وكذلك اعتماد إجراءات سهلة ومضمونة المردود المالي الامر الذي اثقل كاهل المستهلك والمؤسسة الاقتصادية المشتغلة في المجال المنظم. تعامل محتشم مع التهريب انتقد البدوي التعامل المحتشم للحكومة مع القطاع غير المنظم والذي اصبح يحتكر نسبة هامة من الثروة بدون مساهمة في الموارد الجبائية. كما انتقد الدكتور البدوي عدم اتخاذ أي إجراءات تخص تهريب الأموال الى الخارج «والذي اصبح يمثل حجما مرتفعا مقارنة مع حجم الثروة التونسية». واعتبر الخبير الاقتصادي ان الضغط وترشيد الاستهلاك ظل حبيس املاءات صندوق النقد الدولي ومركزا بالأساس على أجور الموظفين في القطاع العمومي وعدد الاجراء دون أي إصلاحات تخص الوظائف والمهام والامتيازات العينية (السيارات والينزين وغيرهما) وذلك في اتجاه تقليصها للحد من تكاليفها. كما اعتبر ان تقليص عدد أعوان القطاع العمومي يتم بصفة ارتجالية في غياب برنامج إعادة انتشار افقي (بين الوزارات والمصالح) وعمودي (بين السلطة الجهوية والمحلية). وان التعامل مع ملفات المؤسسات والإدارة العمومية غُيّب فيه ترسيخ الحوكمة الرشيدة واعتماد سياسات تشاركية تقود الى ابرام اتفاقيات وعقود شرف مهني داخل الوزارات والمصالح الإدارية والمؤسسات العمومية هدفها مقاومة الفساد والتسيّب وتدهور العلاقة مع المواطن. إجراءات استثنائية خلص الدكتور البدوي في ورقته الى القول بان الوضع الاقتصادي لا يتطلب مزيدا من التاجيل والارتجال ومطلوب المرور بأسرع وقت ممكن لإجراءات استثنائية لمنعه من الانهيار. وتظل الحرب على الفساد ابرز هذه الإجراءات الاستثنائية وذلك لمكافحة التهريب والتهرّب الجبائي وتهريب العملة وتحويل راس المال خارج الوطن والاحتكار والغش والرشوة. وهي حرب، يقول البدوي، لا يجب ان تبقى من باب الدعاية والتوظيف السياسي والعمل الموسمي وفي ظل غياب السند السياسي يجب التعويل على سند المجتمع المدني في هذه الحرب. فالحرب على الفساد تمكن الدولة من موارد جبائية وتخفف العبء الجبائي على المشتغلين في القطاع المنظم ويحمي القطاع المنظم ويحقق العدالة الجبائية وتقلص اللجوء الى التداين الخارجي ويحمي الدينار من المزيد من الانهيار. ولانجاح الحرب على الفساد يقترح الدكتور البدوي الإسراع بتمرير قانون الطوارئ الاقتصادي والإسراع بتمرير وتطبيق قانون الكسب غير المشروع وتعويض العملة الحالية اتخاذ إجراءات لمحاصرة المتهربين لعملية تبديل العملة وتعليق توريد قائمة من البضائع الكمالية ووضع حد للنمو المفرط للعلامات التجارية الأجنبية وإعادة التفاوض حول الاتفاقيات التجارية وفرض تقديم نسخة من الشيك او شيكات الخلاص او قسيمة التحويل البنكي او وصل خلاص الكتروني عند تسجيل العربات بجميع أنواعها وعقود شراء العقارات اذا فاقت القيمة خمسة الاف دينار وتشجيع المهاجرين على فتح حسابات بالعملة الصعبة. وشدد البدوي على ضرورة البحث عن منوال تنموي بديل ينطلق من الأسباب التي أدت بالاقتصاد الوطني الى الانهيار مؤكدا ان الوضع التونسي الحالي يسمح بوضع هذا البديل خاصة امام وجود اتفاق مبدئي واسع بين عديد الأطراف الفاعلة حول ضرورة إعادة النظر في المنوال التنموي وكذلك تطبيق ما نص عليه الدستور الجديد من مكاسب دستورية يتطلب بالضرورة البحث عن منوال تنموي بديل يستجيب لها.