المروج .. الإحتفاظ بشخص من أجل التنقيب على الآثار    تتويج للسينما التونسية في مهرجان نامور للفيلم الفرنكوفوني ببلجيكا    سيدي بوزيد: افتتاح مركز الصحة الأساسية بالرقاب    التمويل البنكي يعزّز موازنات الشركات المالية في تونس    البنزرتي يكشف عن قائمة المنتخب ...حنبعل يعود بعد غياب طويل ورغبة في تجنيس رودريغاز    الممثلة وجيهة الجندوبي ل«الشروق»...مسرحيّتي الجديدة اجتماعية بطابع سياسي    خاص...بمناسبة احتفال النادي الافريقي بمرور 104 سنوات على تأسيسه ..الأوركسترا السمفوني بمقرين يقدّم «سمفونية النادي الإفريقي»    القابسي يدرب «الستيدة»    أهمها التشغيل والصحة والجمعيات المشبوهة...ملفات «حارقة» على طاولة الرئيس المقبل .. ارتفاع الأسعار تحدّ اجتماعي وسياسي!    مقتل 25 ضابطًا وجنديًّا صهيونيا في 24 ساعة...حزب الله يُنكّل بالاحتلال    متابعة صيانة المعالم الثقافية    "الرجل الذي باع ظهره" لكوثر بن هنية يُعرض في مهرجان الفرنكوفونية بباريس    أولا وأخيرا... لا عدد لدول العرب !    كيف تنجح في حياتك ؟..30 نصيحة ستغير حياتك للأفضل !    المهدية..رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.. مشروعنا وطني قوامه التّعويل على الذات لتحقيق السّيادة الغذائيّة    سيدي بوزيد ..إصابة طفل ال 3 سنوات بجرثومة الشيغيلا    عميد المحامين بتونس يُنددّ بتدليس بلاغ يهمّ الانتخابات الرئاسية    بطاقات جلب دولية في شأن منذر الزنايدي ورفيق بوشلاكة وأنيس بن ضو وثامر بديدة    جلسة عمل استراتيجية لإنقاذ مجمع الخطوط التونسية: نحو إصلاح شامل وتطوير الأداء    رابطة ابطال افريقيا (قرعة مرحلة المجموعات) : الترجي الرياضي في المستوى الاول    نادي حمام الانف - تاجيل الجلسة العامة الانتخابية بسبب عدم ورود قائمات مترشحة    بالفيديو: الشركة التونسية للصناعات الصيدلية تعلن استئناف نشاطها    الليلة: تواصل ظهور سُحب رعديّة مُمطرة في هذه الجهات    أردوغان يحذر من "خطة إسرائيلية خبيثة" أكبر من غزة والضفة الغربية ولبنان    عاجل/ غارات أميركية بريطانية في عدة مدن يمنية    الدورة الأولى للمنتدى التونسي للبيولوجيا الطبية تناقش استعمال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة لتطوير المهنة    نصائح بعد خلع الضرس    خلال التسعة أشهر الأولى : ارتفاع لحركة عبور المجال الجوّي التونسي    إنقاذ كهل سقط في بئر بعمق 19 مترا..    وزير التربية من عمان: نحن ندعم التعليم التونسي في الخارج    أريانة: مجلس الهيئة الفرعية سينظر في شكاية قدّمها منسق حملة المترشح زهير المغزاوي حول تعرض فريق الحملة لاعتداء لفظي بالمنيهلة    اتحاد الشغل يدعو للمشاركة بكثافة في مسيرة 7 أكتوبر    تونس: وزير النقل يحثّ على ضرورة التسريع في استكمال مشاريع الشبكة الحديدية    فاجعة مركب "الحرقة" بجربة: الأهالي يتسلّمون جثامين أبنائهم    الفيلم التونسي '' الرجل الذي باع ظهره '' يُعرض في مهرجان الفرنكوفونية بباريس    النادي الإفريقي: أسطورة ال104 أعوام الوفاء    كاتبة الدولة المكلفة بالشركات الاهلية تؤكد ان ارتفاع نسق احداث الشركات الاهلية يعد مؤشرا من مؤشرات النجاح فى هذا الملف.    بن قردان حادث مرور يسفر عن قتيل    الاحتياطي من العملة الصعبة يتراجع إلى ما يعادل 114 يوم توريد    كاس العالم للاندية لكرة اليد: فيزبريم المجري يتوج باللقب    تسجيل 504 تدخل لمختلف وحدات الحماية المدنية    وزير الخارجية الإيراني يصل إلى بيروت..#خبر_عاجل    أبرز اهتمامات بعض الصحف التونسية ليوم الجمعة 4 أكتوبر    يهم الترجي الرياضي: الإعلان عن فترة إنتقالات استثنائية للأندية المشاركة بكأس العالم للأندية    تونس: حجز أكثر من 18 ألف قرص دواء مخدّر    عاجل - تونس : تفكيك شبكة مختصة في ترويج المخدرات بالأوساط التربوية    وصول طائرة ثانية على متنها تونسيين عائدين من لبنان    الأولى منذ 5 سنوات.. علي خامنئي يؤم صلاة الجمعة    طقس الجمعة: أمطار منتظرة بهده المناطق وانخفاض في درجات الحرارة    الانتخابات الرئاسية 2024: انطلاق الاقتراع بالخارج بمركز سيدني بأستراليا واليوم بأوروبا    حملة المترشّح للانتخابات الرئاسية العياشي زمال ... لا تأثير للمسار القضائي على نتائج الانتخابات    رئيس الحكومة يشارك في قمة الفرنكوفونية بباريس    أضخم قصف على ضاحية بيروت وحديث إسرائيلي عن استهداف هاشم صفي الدين    خطبة جمعة..مكانة المسنين في الإسلام    مفتي الجمهورية: يوم الجمعة (4 أكتوبر الجاري) مفتتح شهر ربيع الثاني 1446 ه    محمود الجمني رئيسا للجنة تحكيم مهرجان نواكشوط السينمائي في نسخته الثانية    عروض سينمائية ومعارض فنية وورشات في الدورة الخامسة من مهرجان سينما للفنون    عاجل : الأرض تشهد كسوفا حلقيا للشمس اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحديث الدبلوماسي:معبر راس جدير : شريان الحياة و التواصل بين تونس و ليبيا
نشر في الشروق يوم 02 - 09 - 2018

ماذا يجري في معبر راس جدير و في منطقة بن قردان عموما؟ قليل من التونسيين يعلمون حقيقة الوضع في هذه المنطقة الحدودية التي تعيش اساسا من التبادل بين البلدين بالطرق القانونية أو بالطرق الأخرى التي تتجاوز القانون أحيانا ولكنها اصبحت من سبل كسب القوت في انتظار وصول قطار التنمية إلى هذه الربوع التي هي في اشد الحاجة إليها. يقع بين الفينة والأخرى غلق المعبر إما بقرار تونسي وفي اغلب الاحيان بقرار من الجهات الليبية التي تسيطر على الجانب الآخر من المعبر والتي تختلف بحسب ميزان القوى العسكرية التي تأخذ بزمام الأمور في هذه المنطقة الحساسة من القطر الشقيق. معبر راس جدير هو شريان الحياة و التواصل بين البلدين فعن طريقه تمر الشاحنات المعبأة بالسلع في إطار التبادل التجاري الطبيعي بين البلدين و عن طريقه يصل الإخوة الليبيين إلى تونس للتداوي أو للسياحة أو لزيارة عائلاتهم في الجانب التونسي من الحدود. وقد لعب معبر راس جدير دورا محوريا عند اندلاع الثورة الليبية في فبراير 2011 إذ كانت البوابة الوحيدة للخروج من اتون الحرب ومكان المغادرة لكل الجنسيات التي كانت تعمل في ليبيا و التي كانت تعد بمئات الآلاف.
معبر راس جدير يؤدي إلى جانب ذلك دورا اجتماعيا اقتصاديا إذ انه يوفر مورد رزق لسكان الجنوب الشرقي الذين يعملون في التجارة البينية التي هي بالأساس قانونية إذ تتمثل في توريد أو تصدير كميات قليلة من البضائع تحتاجها هذه الجهة او تلك بما يساهم في التخفيف من ضغط ارتفاع الاسعار في القطرين و هو ما كانت تلعبه ما كانت تسمى بأسواق ليبيا و التي كانت موجودة في كل المدن والقرى التونسية، و رغم انها تعتبر اسواقا موازية فقد كانت مقبولة من كل الاطراف بمن فيهم مسؤولو الاتحاد التونسي للصناعة و التجارة. كما أن السلطات المعنية من البلدين كانت تغض الطرف عن هذه التجارة البينية طالما انها لا تمس من المحرمات وهي السلاح و المخدرات اساسا.
بعد الثورة الليبية و نظرا لتهديدات الجماعات الإرهابية ولما تمثله من أخطار على امن البلدين كان من الضروري اتخاذ الحيطة و الحذر حول كل ما يمر من هذه البوابة و لكن دون ان يمس ذلك من وسائل حياة المواطنين من البلدين وهي عملية معقدة بالنظر إلى العدد الكبير من المارين عبر المعبر و لئن كان الجانب التونسي قادرا على المسك بزمام الأمور فإن الإشكال يأتي من الجانب الليبي بالنظر لعدم وجود سلطة ليبية وحيدة و قارة و بسبب بعض التصرفات التي يرى فيها التونسيون مسا من كرامتهم بما في ذلك فرض إتاوة ب30 دينارا ليبيا على المواطنين التونسيين عند دخولهم القطر الليبي.
التونسيون على حق في المطالبة باتفاق رسمي بين البلدين يستعيد بمقتضاه معبر راس جدير نشاطه التجاري و انسياب السلع في الاتجاهين مع حفظ كرامة التونسي كما جاء في تصريحات المحتجين في بن قردان و لا أظن ان للسلطات التونسية أي تحفظات على ذلك لكن الاشكال هو في الطرف الليبي الذي يمكن التعامل معه، خاصة و أننا نعلم أن سلطات متعددة تدعي أنها تتحكم في البوابة في حين ان بلادنا لا تعترف إلا بسلطة حكومة الوفاق الوطني و لا يمكن أن تتعامل إلا معها. ما لا يمكن القبول به هو أن نرى سلطات محلية من البلدين تلتقي و تعقد اتفاقات بينها كما تم بين بلديتي بن قردان من الجانب التونسي و زوارة من الجانب الليبي. إن العلاقات بين البلدين تحكمها اتفاقات تسهر عليها الدولتان و لا يمكن أن تتولاها مجموعات محلية مهما كان إشعاعها و قدرتها.
كنا نأمل كثيرا من انعقاد اللجنة العليا بين البلدين التي وقع الإعداد لها في عديد المستويات و كان من المفروض ان تجتمع في نهاية الصائفة و بداية الخريف و لكن يبدو أن التطورات الخطيرة التي شهدتها ليبيا في المدة الأخيرة و عودة الاقتتال داخل العاصمة طرابلس قد يؤدي إلى تأخير ولو نسبي لهذا الاجتماع الهام الذي طال انتظاره و الذي نأمل أن ينعقد في كل الاحوال و أن يكون موضوع المعبر الحدودي برأس جدير من المسائل الاساسية التي يقع الانكباب عليها لإيجاد الحلول لكل الإشكاليات المطروحة بشأنه بما يتيح الانسياب الطبيعي للمواطنين و العربات و السلع دون كبير عناء.
الحل الاساسي يكمن دون شك في وصول قطار التنمية الحقيقية إلى كامل الجنوب التونسي وهو أمر لن يتحقق إلا إذا استتب الامن بكامل المنطقة ولو توفرت الإرادة لدى الجانبين لوجدت كل الدعم من الشركاء الاوروبيين الذين يرغبون في استبقاء الناس في مواطنهم للحد من الهجرة غير المنظمة التي تدفع بالشباب إلى ركوب المخاطر بحثا عن لقمة العيش.
إننا منذ سنوات عديدة نتحدث عن إحداث منطقة حرة في بن قردان و هي من المشاريع الاساسية التي يجب إيلاؤها أهمية قصوى لما لها من مردودية على المنطقة بمجملها و لكن أمام تضارب التصريحات او الصمت احيانا لا ندرى إلى أي مدى وصل المشروع و ما هي حقيقة تأثيراته سلبا أو إيجابا على الجنوب الشرقي برمته. ما نتمناه هو ان تكون هذه المنطقة الحرة حافزا اساسيا لتعاون تونسي ليبي يرمي إلى تطوير الجانبين من الحدود بين البلدين بما يجعلها من اولويات العلاقة القائمة بينهما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.