مكتب صفاقس (الشروق) تُعتبر مدينة المحرس الشهيرة قديما بأوليس منارة علم ومعرفة وفكر ومركزا سياحيا يستمدّ اشعاعه من تنوّع الإرث الحضاري وثراء المخزون التراثي. وتتميّز المدينة بالصناعات اليدوية المتعددة والتي تعد تراثاً شعبياً تتناقله الأجيال، وتشكل صناعة قفص «سيدي بوسعيد « جزءاً من هذا التراث الذي يمزج المهارة بالكد والتعب والعرق. الشروق التقت الحرفي « نجيب الرقيق « متزوج وأب لطفلين) والذي حدثنا عن مراحل عملية التصنيع حيث تنطلق بقطع عيدان الخشب إلي أقيسة مدروسة منها الطويل ومنها القصير ومنها المكعب ليزركشه بدوائر علي شكل هرم لتكون في أعلي القفص ، ثم يقوم بجمع هذه العيدان باستعمال الغراء ومسامير رقيقة فيثقبها ليمرر منها الأسلاك في عمل دقيق ومضني. بعد جهد يومين من تركيب أجزاء القفص، يصقل نجيب الخشب بورق خاص ويخفي رؤوس المسامير بمادة تتكون من غبار الخشب والغراء ثم يقوم بطلائها وتلوين قطع الطولة الصغيرة بلون أزرق جميل كزرقة البحر. شد انتباهي في هذه الرحلة القصيرة أن هذا الحرفي لم تكن أدواته كبيرة أو عصرية بل كانت بسيطة متكونة من مطرقة ومنشار و قابض صغير، حيث لم يقتصر نجيب علي صنع قفص «سيدي بوسعيد» فحسب بل أبدع في اختراعاته في صناعات جديدة علي سبيل الذكر أطباق وديكور منازل التي تتسمُ بالدقة الفنية والجودة العالية وتستجيب لرغبات الحرفاء بالأسواق المحلية والجهوية . نجيب قال أنه يحاول ترغيب مختلف الأجيال والاختصاصات المحافظة على هذه المهنة بمزيد التطوير والصّبر على الصعوبات بهدف حمايتها من الاندثار والاحاطة بالشباب المُقبل عليها بمزيد الترغيب والإحاطة.