عندما تعاقد النجم في الصائفة الماضية مع المدرب المغربي محمد فاخر أكّد رجال الجمعية في ذلك الوقت أن التعويل على الشبان هو خيار الفريق الأول والأخير من أجل بناء مجموعة قادرة على إعادة المجد للنجم. هذا الخطاب تبناه رئيس الجمعية في أكثر من ندوة صحفية خاصة عندما أمسك المدرب منذر كبير المدير الفني السابق لأصناف الشبان بمقاليد الأكابر لكن توافد من اصطلح على تسميتهم ب«الشيوخ» على الفريق ونعني بهم سيف غزال وعادل الشاذلي وسيلفا دوس سانطوس ولمين دياتا وعلى ضوء تحقيق النجم لسلسلة من النتائج الإيجابية تغيّر الخطاب كليا 180 درجة كاملة عند الجهازين الفني والتسييري وأصبح الحديث عن ضرورة المراهنة على بطولة وكأس تونس أمر مقضي. قضية مفتعلة بما أن انتداب هذه المجموعة من «الشيوخ» لم يمر في الخفاء واستأثر بشتى التعاليق قال مسؤولو النجم إن الكثيرين استغلوا هذا الموضوع للتحامل على لجنة الانتدابات والتشكيك في اختياراتها خاصة عند كل عثرة يسجلها الفريق وكأنهم كانوا ينتظرون مثل هذه الفرص للنيل دون وجه حق من نجاحات مسيري الفريق على مستوى الانتدابات والتي لا يمكن لأحد أن ينكرها حيث أن النجم تعاقد مع عناصر الخبرة بمبالغ مالية رمزية وهو ما يعد إنجازا لإدارة النجم تستحق عليه الشكر والتنويه وليس التشكيك والتجريح. سياسة حكيمة حسب الهيئة المديرة للنجم والوقائع المثبتة فإن فريق جوهرة الساحل قدم في مجال الانتدابات مثالا يحتذى به في الموسمين الماضيين ناهيك وأنه لم يقع انتداب لاعب بمبلغ مرتفع وفي ذلك أكبر دليل على حسن التصرف على واجهة الانتدابات التي كانت ولا تزال تشكل عبئا ثقيلا على ميزانية كل الأندية وخاصة الكبيرة منها، وما يجعل إدارة النجم تفتخر كثيرا بانتداب غزال والشاذلي وسانطوس ودياتا هو الضغط على المصاريف إلى جانب جني نتائج إيجابية بوّأت الفريق للمراهنة على ثنائي البطولة والكأس. ضريبة النجاح بالنسبة لما يتم تروجيه من حين إلى آخر عن أخطاء وهفوات لجنة الانتدابات في بعض الصفقات فإن الأمر هنا ودون الدخول في التفاصيل يتعلق بضريبة لا بد من دفعها على السياسة التي تم اتباعها حيث أنه لم يكن من السهل على النجم الفوز بخدمات لاعبين محنكين كعادل الشاذلي وسيلفا دوس سانطوس وسيف غزال ولمين دياتا، فكل نجاح له ثمنه ولكن بمنطق الربح والخسارة نجد النجم استفاد كثيرا وكسب إلى أبعد حد من الطريقة التي انتدب بها اللاعبين المذكورين. تشجيع اللاعبين الشبان كيف يمكن لفريق سبق له انتداب الشاذلي وغزال ودياتا وسانطوس أن يقنع الآخرين بأنه يشجع اللاعبين الشبان؟ فعندما حل منذر كبير محل المغربي محمد فاخر تنبأ الجميع بآفاق رحبة لشبان النجم مع المدير الفني السابق وأن الفرصة ستتاح أمامهم لتفجير طاقاتهم مع فريق الأكابر ولكن كل هذا لم يكتب له أن يتحقق على أرض الواقع ولم يقع الإدماج التدريجي لكل من زياد بوغطاس وصدام بن عزيزة وحمزة عمر ومحمد علي بن عمر وعبدولاي واتارا وأمير اليعقوبي ودرامي ميكايلو... بل أكثر من هذا فإن كل من مصعب ساسي وعصام الجبالي والحبيب مايتي وبدرجة أقل لسعد الجزيري لم تكن مشاركاتهم مع الأكابر منتظمة منذ انطلاق الموسم فأي تشجيع للشبان هذا؟ الشاذلي... معدن ثمين قلناها في مناسبات سابقة ونكررها أن المردود الذي قدمه عادل الشاذلي في جل المباريات التي شارك فيها مع النجم (بقطع النظر عن سلوكه فوق الميدان) أكّد المعدن الثمين لهذا اللاعب ذو القيمة الفنية الثابتة بإجماع الملاحظين والمحللين والجمهور ليكون في كل مرة وراء انتصارات الفريق من خلال الإضافة التي ما انفك يقدمها. سانطوس... على نخب الكأس ما قدمه البرازيلي التونسي سيلفا دوس سانطوس في بعض المقابلات التي كان طرفا فيها سواء كأساسي أو كبديل يحفظه الجميع خاصة في مسابقة الكأس حيث كان لهذا المهاجم الفضل في بلوغ الفريق الدور نصف النهائي مهما حاول البعض أن يسند هذا النجاح لعزيمة المجموعة وروحها الانتصارية ومنطق الميدان ولمسات الجهاز الفني عدا هذا الجانب فإن مردود سانطوس كان عاديا إلى أبعد حد. هل حصلت الفائدة فعلا؟ الاستنتاج الذي يمكن الخروج به في أعقاب الجولة 21 للبطولة وربع نهائي الكأس هو أن الفائدة التي جلبت من أجلها لجنة الانتدابات هؤلاء «الشيوخ» ونعني بهم عادل الشاذلي وسيف غزال وسيلفا دوس سانطوس ولمين دياتا لم تحصل بالكيفية المطلوبة حيث كان بالإمكان أحسن مما كان لكن دون أن نجزم أن هذه الصفقات كانت خاسرة وفاشلة. عبد الرزاق الشابي (مدرب) من خلال مواكبة جل المقابلات تبين لي وأن سيف غزال كان انتدابه مفيدا من الناحية الذهنية للمجموعة ونجاحه في تأطيرها حيث كانت لقوة شخصيته تأثير واضح فوق الميدان على زملائه وعلى المنافس كقائد فريق له من الحنكة الشيء الكثير خاصة في ظل غياب رضوان الفالحي المصاب وبعد كل هذا وذاك فهو ابن الجمعية ووجوده ضروري، بالنسبة لعادل الشاذلي فقد أعطى الإضافة في مباريات معينة وفي البعض الآخر كان سببا مباشرا في تشنج فريقه رغم مسيرته الاحترافية الطويلة التي لم تكن على نفس الوتيرة لتشنجه وتوتره أثناء اللعب. فيما يتعلق بسيلفا دوس سانطوس فهو لاعب ذو عقلية نظيفة لكن على المستوى البدني ليس العنصر الذي يجب أن يكون موجودا في كل مباراة مع العلم أنه أعطى الإضافة وسجل أهدافا حاسمة في ثلاثة لقاءات حاسمة أما بخصوص لمين دياتا فعند انتدابه تساءلت باستغراب عن الجدوى من جلبه وهو البالغ من العمر 35 سنة، لكن بعد إصابة رضوان الفالحي ومشاركته في بعض اللقاءات قدم السينغالي الفرنسي مردودا محترما قبل أن يضعه الجهاز الفني على دكة البدلاء وهو ما أثار استغراب الجميع. فتحي بودريقة (مدرب) أكيد أن أحباء النجم لاحظوا هذا الموسم موجة الإصابات التي طالت جل اللاعبين وخاصة منهم «كبار السن» وأعني عادل الشاذلي وسيف غزال وسيلفا دوس سانطوس في حين نجا لمين دياتا لندرة مشاركاته في المقابلات الرسمية فهؤلاء لهم من الحنكة والخبرة وحب الانتصار ما أفاد النجم وما سيفيده في باقي سباقي البطولة والكأس بعبارة أوضح إيجابياتهم أكثر من سلببياتهم وهذا مكسب يحسب للجنة الانتدابات التي حرصت على انتدابهم، فعادل الشاذلي كان ممتازا في وسط الميدان وعلى الأروقة بتمريراته القصيرة أو الطويلة وسيف غزال بحسن توجيه زملائه فوق الميدان مع تسجيل أهداف حاسمة ولو أني تمنيت تجربته في خطة لاعب ارتكاز أما سانطوس فهو «ثعلب» وسط دفاع الخصم والأنسب إدخاله في الشوط الثاني لإحداث الفارق وتسجيل الأهداف القاتلة أما لمين دياتا فهو ممتاز في التغطية الدفاعية واللعب بالرأس وحسن التمركز ويا حبذا لو واصل اللعب في المحور مع أيمن عبد النور أما على مستوى السلبيات فالشاذلي كثير الانفعال وخاصة عندما يقع تعويضه عندها يفقد صوابه ويأتي سلوكا وتصرفات تسيء إليه كمحترف ولفريقه أما غزال فيقوم من حين إلى آخر بأخطاء في الكرات الثابتة ويكون سهل الاختراق عندما لا يكون في أوج لياقته البدنية كذلك الشأن بالنسبة لسيلفا دوس سانطوس الذي يفقد السرعة المطلوبة في تخطي المدافع المباشر عندما يلعب النجم بأسلوب الهجمة المرتدة والسريعة أو اللعب المباشر. خلاصة القول هؤلاء الشيوخ عادة ما يكونون في أوج العطاء عندما تكون لياقتهم البدنية ممتازة وهنا لا بد من تحية للمعد البدني الدكتور فؤاد الفتايتي لأنه ليس من السهل أن يسترجع هذا الرباعي لياقته في وقت قياسي.