«ديقاج... ديقاج... ديقاج» عبارة تعود من جديد لتجبر مسؤولا آخر على الرحيل من ضمن العشرات الذين سبقوه... هو مسؤول وليس بمسؤول في نظر آلاف المتظاهرين من أعوان الديوانة الذين أصرّوا أمس على اقالته ليغادر مكتبه وسط هتاف وصياح وزغاريد تعبّر عن فرحتهم بالنصر والاحتفال بتطهير القطاع من رمز من رموز النظام السابق... هو السيد الطاهر حتيرة المدير العام للديوانة الذي استاء منه كافة أعوان القطاع بسبب سياسة «التقزيم» و«التهميش» التي اتبعها حسب رأيهم في تعامله معهم طيلة فترة إدارته للمؤسسة وخاصة بعد التصريحات التي أدلى بها مؤخرا في بعض الوسائل الاعلامية حيث أفادوا أنها أثارت غضبهم مما دفعهم الى التمسك بمطلبهم المشترك وهو ضرورة اقالته ليتجمهروا أمس أمام مقرّ الديوانة بأعداد غفيرة مردّدين شعارات تندّد بإدارته للمؤسسة وتنادي بتحرير القطاع من أزلام «النظام السابق» وتطهيره من كل ما من شأنه ان يمس من سمعة عون الديوانة أو يعرقل سير الاقتصاد التونسي في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد. «الشروق» رصدت مواقف بعض المتظاهرين حيث أكّد السيد هيكل جلال (عضو النقابة التأسيسية لأعوان الديوانة) أن الأعوان ومنذ تنصيب السيد الطاهر حتيرة كمدير عام للديوانة حاولوا فتح قنوات حوار لبداية مرحلة جديدة إلا أنه كان رافضا بصفة قطعية مبدأ قيام نقابة في سلك الديوانة. وكان يتبع سياسة المماطلة وزرع روح الفتنة والانشقاق بين الاعوان هذا الى جانب معاقبتهم بطريقة غير شرعية وذلك بإلغائه عيد قوات الأمن الوطني والديوانة. وأضاف السيد هيكل جلال أن المدير العام حرم كافة الأعوان من حقهم في الترقيات دون أي وجه قانوني وعن تصريحات السيد حتيرة في بعض الوسائل الاعلامية أكد السيد «جلال» أن المدير العام نعت أعوان الديوانة بانحطاط مستوياتهم وبالارتشاء وهو ما يتنافى واخلاقيات أعوان الديوانة قائلا: «نحن سلك منضبط نرجع بالاحترام والانضباط الى أعلى رتبة الى حين تعيين مدير عام جديد من طرف وزير المالية». وأعلن السيد هيكل ان كافة العاملين بالقطاع سيستأنفون اليوم عملهم بروح جديدة وبمعنويات المثابرة لحماية الاقتصاد وحماية الوطن. من جانبه أفاد السيد محمد الميزاني (رئيس النقابة) أن السيد الطاهر حتيرة يُتقن المناورة والمماطلة بحيث أنه وفي كل مرّة تعرض عليه قائمة الطلبات الخاصة بالأعوان يتصدى لها بكل الطرق مدعيا أن أعضاء النقابة غير مُنتخبين والحال أننا منبثقين عن هيئة تأسيسية مؤقتة وقع تزكيتها من بين 1700 ديواني وهو ما يمكّننا من أخذ المشروعية في العمل النقابي. وأضاف رئيس النقابة أن المرور الى مسألة الشرعية المتمثلة في اجراء مؤتمر انتخابي رهين اصدار مرسوم للسماح بالعمل النقابي داخل الادارة العامة للديوانة وهذا المرسوم هو أحد المطالب الاساسية وقد سعى المدير العام الى تعطيل هذا المرسوم لابقاء الوضعية النقابية في وضعها الحالي وأكد السيد الميزاني أن كافة أعوان الديوانة ملّوا سياسة المدير العام واعتبروه غير مناسب لتسيير الادارة باعتباره فشل فشلا ذريعا في فهم متطلّبات العمل وآلياته بمنظومة ما بعد الثورة خاصة أنه بقي سجين الافكار السابقة الاستعلائية والتقزيمية لجميع الاعوان الى جانب سعيه الى بث الفتنة وتأليب صف على آخر من خلال أسلوب الترغيب والترهيب. أما السيد شكري قطايفي (كاتب عام المكتب التنفيذي للهيئة التأسيسية للعمل النقابي) فقد أكّد أن أعوان الديوانة كانوا مستائين من بعض الوسائل الاعلامية لتناولها السلبي والسيئ للشأن الديواني وإذا بمدير السلك يشهّر به (سلك الديوانة) ويتهم القطاع بالرشوة والفساد وغيب الدور الفعّال لأعوان الديوانة في حماية الاقتصاد والبلاد. وأكّد السيد «قطايفي» أن تنحي السيد «حتيرة» عن الادارة فيه انقاذ للقطاع ولاقتصاد البلاد. وقد أيده الرأي السيد منير نصيب (مكلف بالاعلام مشيرا ان المدير العام وباستعماله عبارة «ما فمّاش لغة افرح ونفرح بيك... لا خمّوس ولا دنّوس ولا عاشور...» في بعض الوسائل الاعلامية فيه اتهام خطير وصريح وواضح بوجود «الرشوة» في سلك الديوانة وهو ما يحتم ضرورة فتح تحقيق في الغرض، مضيفا أن السيد حتيرة وقبل رحيله من مكتبه باصرار وبضغط من المتظاهرين قد طوّق الادارة العامة وحوّلها الى ثكنة عسكرية بأن أمر عددا كبيرا من عناصر وأعوان الحرس الديواني المتواجدين على الحدود التونسية بالمكوث أمام الباب الرئيسي لمقر الديوانة لحمايته الشخصية وهو تصرّف يقول عنه السيد منير أنه غير مسؤول ينم عن عدم وعيه خاصة انه حوّل عمل الاعوان الى حراسة شخصية وهذا جبن وعدم وعي بالمسؤولية. كما عبّر السيد محمد علي الرقيق (أمين عام مساعد) عن فرحته برحيل المدير العام قائلا: «اليوم نتنفس الصعداء ولنا رغبة كبيرة في استئناف العمل من جديد بروح الوطنية والمثابرة بعيدا عن كل ما من شأنه ان يعرقل مسيرتنا النضالية في سبيل النهوض بالقطاع وتطوير اقتصاد البلاد. وقد ودّع المتظاهرون السيد الطاهر حتيرة الذي أرغم على مغادرة مكتبه رغم تجاهله نداءهم له بالرحيل منذ الساعات الاولى لصباح أمس بعبارات السبّ والشتم التي امتزجت بالزغاريد والتصفير والهتاف لتتحوّل المظاهرة التي جمعت آلاف الأعوان الى عرس ديواني تاريخي على حد تعبير أحدهم قائلا: «تمكنّا من خلعه ونطالب بإقالته رسميا...».