تونس الشروق : في جانفي 2001 أصدرت جهة تابعة للاستخبارات الأمريكية تقريرا بعنوان «التحديات الاستخبارية في العقد القادم» حيث يرى التقرير أن «العراق بموقعه وثرواته يشكّل تهديدا للمصالح الأمريكية ولمصالح الحلفاء في المنطقة (الكيان الصهيوني بالتأكيد)... والحقيقة فقد أضحى جليا ان المسألة العراقية عرفت تحولا من حيث الحاضن لها كقضية، اي انها قضية انتقلت من كونها شأن أممي الى قضية تمسكها الدوائر الاستخباراتية.. لذلك لم يكن مفاجئا حرص واصرار كل من بوش وبلير على التعتيم على مصادر تقريري بلديهما حول أسلحة الدمار الشامل العراقية المفترضة، والتي حاولت العاصمتان اللتان تحوزان مقعدين دائمين في مجلس الامن الدولي ان تقنعا بهما العالم والمجتمع الدولي وشركائهما في المجلس بأن العراق قادر على انتاج واستعمال سلاح الدمار الشامل... وهنا لابد من الاشارة الى ان الفعل السياسي المرتكز على تقارير استخباراتية نجده معفى من كل استحقاق او محاسبة نظرا لطبيعة العمل المخابراتي غير الآبه عادة بالمؤسسات الدستورية والقانونية عند الكشف عن المعلومة... التقرير الذي سبق صدوره الحرب على العراق واحتلاله بسنة ونيف يشير الى ان : «العراق جزء من التحديات الاقليمية الخطيرة خاصة وان الولاياتالمتحدةالأمريكية لن تواجه تحديات كونية بل تحديات اقليمية». «العراق يشكّل خطرا بحد ذاته، بحكم ثرواته وموقعه الاستراتيجي وبغضّ النظر عمّن يحكم العراق»، كما ان التقرير يشير ضمن هذه النقطة بالذات الى الموقف السياسي العراقي العلني والرافض للتسويات السياسية مثل «أوسلو» وقبلها «مدريد» وهذا يضيف التقرير يجعله (العراق) مستهدفا اكثر وبشدة. أما «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» ومن خلال رصد أربعة تقارير صدرت عنه، فإن الصورة الأمريكية تتوضح أكثر بحيث يشيرالتقرير الصادر عن المعهد عشية الحرب ضد العراق الى «الخط العسكري العراقي» على أساس أنه «قوة اقليمية كبرى ومن الضروري ضربه بغض النظر عن مسألة الكويت، بحيث يكون ضرب القوة العسكرية العراقية أمرا أكيدا حتى وإن انسحبت العراق من الكويت. وهنا لابد من الاشارة والتذكير بأن واشنطن عملت كل ما في وسعها حتى تبعد اية تسوية تأتي بانسحاب عراقي من الكويت يكون محل اعتراف وشهادة من المجتمع الدولي، ولعل موقف الرئيس الفرنسي ميتران الذي أكد من خلاله ان العراق سوف ينسحب قبل المهلة المحددة للعراق من قبل مجلس الامن والتي كشف فيها ان الأمريكيين رفضوا المبادرة الفرنسية تعد أحد الشواهد التي تؤكد ما أتى به التقرير المشار اليه والذي صدر عشية الحرب على العراق سنة 1. فقد بات واضحا ان الغاية الأمريكية القصوى تتمثل في ضرب القوة العسكرية العراقية التي خرجت قوية من حرب الثماني سنوات مع ايران. بعد حرب 91 صدر أيضا تقرير عن المعهد المذكور، يشار فيه «الى ضرورة اعادة صياغة الامن الاقليمي لعموم المنطقة بما يتوافق ومصلحة اسرائيل والمصلحة الامريكية الاستراتيجية». وفي سنة 1992 وبعد أن حطت الحرب أوزارها وبدأت حرب الحصار على العراق صدر تقرير آخر عن «معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى» يتضمن : أهمية ضرب العراق من أجل تمرير التسوية وانعقاد مؤتمر مدريد وتواصله. سنة 2001 صدر تقرير آخر عن نفس الجهة يتحدث عن أهمية ضرب العراق بالنسبة للاستراتيجية الامريكية في المنطقة وذلك حتى يتسنى لواشنطن : «احكام السيطرة على النفط كمصلحة استراتيجية أمريكية آخذا بالاعتبار الاحتياطي الاستراتيجي من هنا يشدد التقرير على ما أسماه ضرورة الحفاظ على الأمن الاستراتيجي كمعطى قومي أمريكي يشمل اسرائيل ايضا». ومن أهم الاهداف التي يؤكد عليها التقرير الأخير هي الحد من الاسلحة الاستراتيجية لدى سوريا والعراق وايران. كما ان التقرير يؤكد على ضرورة منع اي تفاهم بين المثلث : العراق وسوريا وايران. كما يوصي التقرير بضرورة عزل العراق عن تطورات و»تصورات» الصراع على الجبهة الفلسطينية الاسرائيلية.