عمدت 23 أسرة بحي النصر من معتمدية الكريب من ولاية سليانة الى «احتلال» المساكن الاجتماعية التابعة لإحدى الشركات العقارية (سنيت) والتي يفترض أنها مخصصة للعائلات المعوزة بالجهة وذلك في خطوة لاسترداد الحقوق وفق سياسة الأمر الواقع وفي سياق المطالب بتسوية الوضعيات الاجتماعية وخصوصا منها مسألة السكن، وبرر بعضهم هذا الفعل بعجزهم عن دفع معاليم الكراء بسبب ضعف مداخيلهم وأمام تفشي الفقر والبطالة. ولعل غياب المسؤولين عن المشهد بمعتمدية «الكريب» التي تعاني من عدة صعوبات، وتواصل ما يصفه المواطنون بالتغييب من قبل وسائل الإعلام وعدم تمكنهم من إبلاغ نداءاتهم وطلباتهم الى المسؤولين والوزارات، هو ما شجع السكان باتجاه هذه الخطوة. والتي على خطورتها وتكريسها للفوضى ومخالفة القانون، فإنها تحتاج الى تسوية عاجلة والتماس العذر للأسر، حسب ما تضمنه نداء المواطنين الى وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية موضحين ان ما قاموا به كان بدافع الفقر والخصاصة واستحالة تواصل حياتهم في ظل ذلك وأنهم مستعدون للتفاوض. «تعالوا نتفاوض» «نحتاج الى السكن ولا نرغب في الخروج ونحن مستعدون للتفاوض»، هذا ما تتعهد الأسر ال23 بضمانه للشركة وللسلط المعنية في نفس الوقت. مؤكدين ان ما قاموا به ليس استيلاء على الممتلكات في نظرهم وانما هو تصرف اضطراري من عائلات يائسة وبدافع حاجتهم الى السكن الذي عجزوا عن توفيره أمام عجزهم عن توفير معاليم كراء المساكن التي كانوا يكترونها منذ سنين. موضحين أنهم لن يلحقوا الضرر بهذه المساكن وانهم وجدوا فيها آخر ملاذ لظروفهم الصعبة. كما أعربوا عن استعدادهم التام للتفاوض بخصوص تسديد ثمن المساكن التي استغلوها دون إذن من أصحابها. ويشدد «متساكنو» هذه المنازل الاجتماعية أنهم التمسوا الحلول منذ سنوات لدى السلط الجهوية لكن دون حل مرضي. وأبانوا عن رغبتهم في تسوية الوضعية في إطار القانون على ان يكون تسديد ثمن المنازل عبر الأقساط المعمول بها مع مراعاة الظروف المادية للأسر التي لا تسمح ظروفهم المادية بتوفير الدفعة الأولى التي تقدر ب3آلاف دينار ملتمسين من السلط الجهوية وسلط الإشراف التدخل لتسوية وضعياتهم وأعربوا عن أملهم أن تتفهم الشركة والجهات المعنية وضعياتهم الصعبة. علما وان ثمن المساكن يبلغ نحو 45 ألف دينار ويتم تسديها بالأقساط وفق ضمانات بنكية. «ثورة الشعب قامت من اجل الكرامة...والسكن هو احد مقوماتها»، ويؤكد السكان مشددين انهم ليسوا لصوصا ولا يسعون الى الفوضى بقدر ما يسعون الى ضمان حقهم في السكن الذي يعتبرونه أولوية قصوى. مؤكدين انهم مستعدون للتفاوض مع الجهات المعنية بشأن تسديد ثمنها. نافين أن يكونوا لصوصا. قد تكون الكيفية التي افتك بها المواطنون «حقهم» في السكن هي المثيرة للجدل لمخالفتها القوانين واعتدائها على الممتلكات. غير ان الملاحظ هو ان عملية «الاستحواذ» على المساكن تمت بطريقة سلمية ولم يحدث خلالها اي خلاف، حيث «فاز» المبادرون الأوائل بالمساكن وبقي عشرات آخرون بين باحث عن سكن ومتكبد لمصاريف الكراء. ولعل ما شجع الأسر على البقاء هو استجابة ادارتي «الستاغ» و»الصوناد» لمطالبهم بتزويدهم بخدماتهما وفق تأكيد احدى ساكنات المنازل. استغاثة واذا كانت هذه الاسر (23 اسرة) تجرأت على طرق هذا الباب بل واقتحامه عنوة لتلبية احتياجها للسكن، فان عائلات أكثر فقرا بجهة الكريب لم تتجرأ على مثل هذا السلوك وآثروا الصمت والصبر على الفوضى وان كانت خلاقة بنظر من «احتل المساكن». ونوه سكان المنطقة بدور وسائل الإعلام في نقل مشاغلهم ومعاناتهم من صعوبات السكن وغياب مقومات العيش البدائي من ماء الشرب والتنوير الى جانب الفقر المدقع لعديد الاسر وتهميش مطالبها الى جانب شكاوى من بعد المدارس ونقص التغطية الصحية علاوة على تفشي بطالة أصحاب الشهائد العليا وغياب موارد الرزق ومواطن الشغل مطالبين مختلف الجهات المعنية بزيارتهم. وغير بعيد عن منطقة «الكريب» ينتظر سكان «وادي اللوز» بالجهة ومنذ عقود وصول ماء الشرب وتحسن وضعيات الأسر وتغيير مظاهر مساكن القش والطوب. ويتطلع شباب الجهة الى شمس المستقبل مطالبين الحكومة المؤقتة الإيفاء بالتزاماتها في تعيين مسؤولين جهويين ومحليين، يكونون محل ثقة المواطنين وفي مستوى ما تحتاجه الجهة من إصلاح وحلول جذرية للصعوبات التي راكمها نظام الإقصاء والتغييب...فهل سيجد سكان أرياف سليانة صدى صوتهم لدى المسؤولين...أو في وسائل الإعلام خصوصا المرئية؟