رئاسية 2024: فريق حملة المترشح زهير المغزاوي بالعاصمة يكثّف أنشطته الدعائية الميدانية    بطولة امم افريقيا للاعبين المحليين : سحب قرعة التصفيات يوم الاربعاء 9 اكتوبر الجاري    مفتي الجمهورية: يوم الجمعة (4 أكتوبر الجاري) مفتتح شهر ربيع الثاني 1446 ه    توفير الكميات الضرورية من القهوة وتكوين مخزون استراتيجي محور جلسة عمل باشراف وزير التجارة    تحضيرات النادي الصفاقسي متواصلة    إغتيال نصر الله: كشف أسرار جديدة.. خامنئي على الخط واختراق اسرائيلي!!    محمود الجمني رئيسا للجنة تحكيم مهرجان نواكشوط السينمائي في نسخته الثانية    المخرج السينمائي التونسي محمود الجمني يترأس لجنة تحكيم مهرجان نواكشوط السينمائي الدولي    مسيرة بالعاصمة الإثنين المقبل إحياء لذكرى طوفان الأقصى    تعرّف على قيمة القروض التي تحصّلت عليها تونس منذ سنة 2011    وزارة الدفاع: ضبط مركبي صيد بالجرّ مصريّين بالمياه الإقليمية التونسية بسواحل قرقنة    عروض سينمائية ومعارض فنية وورشات في الدورة الخامسة من مهرجان سينما للفنون    وزارة التعليم العالي تعلن عن الروزنامة المتعلقة بإنتخابات ممثلي الطلبة بالمجالس العلمية والجامعات    عاجل : خبر سار للتونسيين المقيمين في لبنان    الكيان الصهيوني يقر بتضرر عدة قواعد جوية في الهجوم الإيراني    الإسباني "كارلوس آلكاراز" يتوج ببطولة بكين للتنس    رسمي: موعد الألعاب المدرسية الإفريقية الأولى بالجزائر    عاجل/ تسمم 9 تلاميذ بهذه الجهة..    هام/ حجز أكثر من طن من السكر بفضاء تجاري بهذه الجهة..    تأخّر عملية إجلاء التونسيين: السفارة التونسية بلبنان توضّح    وزير التجارة: رقمنة سوق الجملة للخضر والغلال بالمكنين يكرس مزيدا من الشفافية في مسالك التوزيع والمعاملات التجارية    درّة زروق تكشف كواليس تجربتها الأولى في ''الإخراج''    صفاقس: تفاصيل إيقاف نفر بتهمة الإتجار بالأشخاص..    طقس الليلة: توقّعات بظهور ضباب محلي بهذه المناطق    كرة اليد: بعث مسابقة السوبر التونسي المصري    قوافل قفصة: تعيين هيئة تسييرية جديدة .. وفض إضراب اللاعبين    بطولة افريقيا لكرة اليد للسيدات: المنتخب التونسي يستهل مشاركته بمواجهة نظيره الانغولي يوم 27 نوفمبر    اطلاق نار يستهدف سفارة إسرائيل في السويد    رئاسية 2024 : اليوم الأربعاء آخر أيام الحملة الانتخابية في الخارج    بن عروس: القبض على مروّج مخدرات وحجز كميات مختلفة من المواد المخدرة    حوادث/ اصابة 460 شخصا خلال 24 ساعة..    عاجل/ وزارة التربية تعلن عن ايقاف الدروس بصفة استثنائية كامل هذا اليوم..    مع ارتفاع نسق الطلب/ بشرى سارة بخصوص مادة البطاطا..    تعليق تداول أسهم الشركة العقارية التونسيّة السعودية بالبورصة    الجيش اللبناني: قوة إسرائيلية خرقت الخط الأزرق وانسحبت بعد مدة قصيرة    رئاسية 2024 : تونس .. التاريخ والحضارة    الرابطة 1 (الجولة4): النادي الافريقي والترجي الجرجيسي في حوار فض الشراكة في الصدارة    البرونكيوليت''- مرض الأطفال : الدعوة إلى ضرورة اتباع هذه الاجراءات الوقائية ''    3 أنواع للادخار في البنوك التونسية    تونس في أقلّ من سنة: 14 ألف شخص مورّط في قضايا مخدّرات    جريدة الزمن التونسي    سفينة محمّلة ب13 ألف طنّ من سماد الأمونيتر في ميناء بنزرت    عاجل : الأرض تشهد كسوفا حلقيا للشمس اليوم    غرق مركب حرقة بجربة: القبض على المنظم الرئيسي وزوجته و10 وسطاء    عاجل : ناقوس خطر يهدد ملايين البالغين    سوسة المدينة القبض على مروّج مخدرات وحجز كمية من المواد المخدرة    بعد نشر صورهم على انهم غرقى.. ضبط 22 مجتازًا تونسيًا قبالة سواحل قرقنة    عاجل/ جماعة الحوثي تؤكد استهدافها مواقع عسكرية في عمق "إسرائيل" بصواريخ..    إيران تكشف عدد الصواريخ التي أطلقتها على إسرائيل    بينهم لطفي بوشناق: مهرجان الموسيقى العربية يكرم رمزا أثروا الساحة الفنية في العالم العربي    ستة أفلام تونسية تشارك في الدورة الأربعين من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي لدول البحر المتوسط    متى يتم الإعلان الشهر القمري ؟ة    تم نقله عبر الطائرة إلى ولاية صفاقس: إنقاذ مريض أصيب بجلطة قلبية في قرقنة    تلاقيح "القريب" ستكون متوفّرة بالصيدليات بداية من هذا الموعد    انطلاق تصوير سلسلة "سلة سلة"    القط الروسي الشهير "كروشيك" يبلغ وزنا قياسيا والأطباء يفكرون بالحل    كلام من ذهب..البعض من أقوال محمود درويش    مع الشروق .. «حجارة من سجيل »    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشائيات: في السراء والضراء يا وطني
نشر في الشروق يوم 11 - 02 - 2011

سقى اللّه ثراك يا وطني، وباركت السماء نقاء روحك الصامدة، من أجلك قامت الثورة، من أجل حريتك وكرامتك وأجيالك ونقاء تاريخك .
وكأن الحلم بدأ يتبخر عبر أكاذيب وجرائم من كان قبل وأثناء وبعد الثورة، أخشى عليه حلمنا أن يتبخر كما تبخرت أحلام أوطان كثيرة، بدأت حكاية جميلة لم يمنحها الزمن فرصتها للتداول، فهب الكاذبون والصادقون يكتبون فصول المسرحية كل على طريقته مقتنعا أن له الحق في الاقتباس السياسي، والاقتصادي، والاعلامي، والحقوقي. كل منهم يحتكر مجال حقوق الانسان، والحقوق عامة والتنظير على الثورة التي لم يشارك فيها، بل الأدهى كانوا متسترين على الوضع بالصمت، ومتواطئين بالتعبير العقيم والطرق الملتوية. الوحيد الذي لا حق له بالرسم، هو المواطن الذي تشبث بخيط رفيع اسمه حرية التعبير، ليعبر عن مطالبه اليومية والحياتية، بعد أن أقنعوه أنه سيحصل عليها « الآن الآن وليس غدا»
الثورة تتحول الى اللامعقول، بلد مأساة، أين الثوار الذين طالبوا بالثورة تحت رداء الحرية والكرامة؟ اسم البوعزيزي أصبح مستهلكا، أين الشهداء الذين رحلوا تاركين لنا ذكراهم لنمضي بها نحو هدفهم المنشود ؟، لقد استوطن الألم والوجع في حياتنا برحيلهم. واستوطن البؤس والعواصف والثأر في بلادنا بعد رحيلهم. كيف يمكن أن نعيد البريق الى ثورة الوطن التي هزت العالم، ودكت الحواجز، ودمرت الطغيان، بفضل أولئك النبلاء والشرفاء، وأسياد الثورة والحرية، الذين قبضوا على الجمر، ليتحولوا الى صواعق من لهب، تحرق المستحيل وتزلزل الأرض، ورسموا بدمائهم وأصواتهم وهتافاتهم، أن تبقى تونس عزيزة خالدة بلد الأمان وشعب الايمان. حققت الثورة وحدتنا، فلماذا تشتت بعد ذلك؟ انطوت معاني الثورة واستيقظت الجهويات، كل يزايد على بؤس جهته, كانت الثورة ماردا ألبسنا رمز الكبرياء وعزة النفس، أصبح المارد اليوم ملعقة لكل وعاء. كانت الثورة رمزا للحرية والانطلاق نحو الأفضل، أصبحت بؤسا في الجهات ونفايات على الطرقات، وتوسل حتى الاهانة. هذا البلد الذي أشعل ثورة وبشر بميلاد جديد لا يستحق أن يصبح مأساة تبثها للعالم فضائياتنا اللاواعية.
المطالبة بالحقوق شرعية، لكن لا يمكن أن نستغل ثورة الأحرار كركيزة للمطالب. لأنني أخشى أن يفقد ذلك المارد دلالته الثورية والوطنية، لقد رأينا الثورة وعشنا نشوتها، ما الذي جرى حتى نرى الحرية التي نعبر بكلماتها اليوم لا تعتبر الانتماء الوطني، ولا الائتلاف الاجتماعي ولا ذلك النضال الذي عرفنا من خلاله معنى الانتصار مجسدا بأنبل وأشرف معاني الثورة .أخشى أن تصبح الثورة شظايا كل يأخذ منها قطعة يبارز بها، نطالب بحكومة وحدة وطنية؟ فلنطالب بشعب وحدة وطنية.
الثورة تتعثر في حرية شعبوية وتصفية حسابات، وغش مواقف، ونفايات على الطريق وخيانات للشعب، اهمال في الوظائف، انعدام في الأخلاق المدنية، طرد تعسفي، مساومات بحرائق بشرية، تطاول على السلطة بكل أنواعها، على الحكومة، على الأهل، على الأجيال السابقة، على التعليم، على رؤساء التحرير، على المديرين، على الوزراء، على الأمن، على.. لا نهاية ولا حسبان. تمرد لا علاقة له بالحرية السامية التي طالما صبونا اليها، اليوم هي حرية ملغاة يعوضها تمرد رجعي، من مخلفات الطغيان الرجعي الذي عاشه شعب سكت حتى الاعاقة، ثم استفاق وأعلن أنه يستطيع الكلام، فخرجت الكلمات غوغاء، غوغاء في الشارع، غوغاء في القرى، غوغاء في مجلس النواب، وسخافة في مجلس المستشارين.
كيف ننقذ مباديء الثورة؟ هل تكفي الكتابة؟ هل تكفي الادانة؟ هل يكفي الشعور بالذنب؟ كيف نتفادى استلاب شعب من خلال استهداف ثورته ووحدته، وادخاله في أتون متاهات نهايتها مجهولة، ماذا سيبقى من الثورة؟ بعد أن دخلت مرحلة وجع حقيقي لا ينبغي التهوين من شأنه، ولا تهويله أيضا، كيف يمكن أن نعيد الى الحياة معناها؟ والى الثورة سموها وجلالها ؟
كيف يمكن أن نبني دولة ديمقراطية تقطع مع الماضي وأحقاد الماضي؟ أن نكون شعبا لم تلوثه الأحزاب السياسية؟
السؤال الأهم : هل انتهت الثورة؟ هل هي متواصلة؟ أم أنها ستبدأ الآن ؟الثورة لم تنته، الثورة الحقيقية تبدأ الآن، لمستقبل لا بد أن يكون أفضل مما فات، لقد توالت الأحداث مسرعة، ولا بد من اصلاح ما دمرته الأحداث وما زالت تفعل، خسائر اقتصادية، سياحية، بيئية، تنموية وأخلاقية.. تستمر تداعياتها اليوم وستستمر غدا، الانتفاضة الشعبية كانت على الظلم والطغيان، على تنمية زائفة تقوم على ارضاء المؤسسات الدولية، على النظام الاقتصادي والسياسي القائم، نظام اهتم بالأرقام أكثر مما اهتم بالمواطن، والمواطن اليوم يهتم بالأرقام أكثر مما يهتم بالوطن. اليوم هناك سياسة اجتماعية واقتصادية تفرزها ثورة الشارع، لا بد أن نتضامن لندمج فيها ثورة الأخلاق المدنية، التضامن في السراء والضراء، بداية من محاولة لكل الشرائح بتنظيف بلدنا، فكما تجمعت مئات السيارات للذهاب الى سيدي بوزيد، يمكن أن تتجمع لتونس أجمل وتونس أنظف.
غدا إن أردنا أن نعيد الى الثورة اعتبارها كتاريخ من خلال تدريسها وتقديمها للأجيال لمعرفة أهدافها؟ ماذا سنروي عن 14 جانفي؟ ماذا سنكتب في كتب التاريخ؟
أتمنى أن نكتب : « اجعلوا تونس نصب الأعين، فقد كانت ثورة الشموخ والحكمة والكرامة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.