تونس (الشروق) نقل: وسام المختار بعد أن روى لنا تفاصيل عن قصة صعود ليلى الطرابلسي من الفقر الى القصر، والصادرة على أعمدة «الشروق»، يوم الأحد الماضي اصطحبنا السيد فتحي الشواشي، طليق ابنة خالة زوجة الرئيس المخلوع، لزيارة المنازل التي سكنتها ليلى الطرابلسي منذ ولادتها، الى غاية زواجها، ومن العاصمة، اتجهنا مباشرة الى منطقة «برطال حيدر» لزيارة ثالث منزل أقامت فيه عائلة الطرابلسي، وفيه كان يتردد زين العابدين بن علي على ليلى. هناك، في برطال حيدر وأمام المنزل الذي كانت تقطنه ليلى، في بداية الثمانينات، وجدنا زوجة المالك الحالي لهذا المنزل، حاولنا التحدث إليها، لكنها اعتذرت عن الحديث، ولم تمانع في تصوير المنزل. في تلك الأثناء سمعت صوتا ينادي مرافقي: «أهلا بسي فتحي، شنيّة أحوالك» كان شاب من منطقة برطال حيدر، يقطن بجوار المنزل الذي كانت تقطنه، ليلى الطرابلسي، وبعد تبادل القبلات بين هذا الشاب والسيد فتحي الشواشي، سألت الشاب: «هل تعرف من كان يقطن بهذا المنزل، وهل لديك تفاصيل معيّنة تخصّه؟» أجاب ضاحكا: «في هذا المنزل كانت تعيش زوجة الرئيس المخلوع، لكن هناك تغييرات حصلت على المظهر الخارجي للمنزل مثل «البلكون» وأضاف: «أذكر أن الجيران كانوا يتحدثون عن الزيارات الدائمة والمتواصلة، والتي غالبا ما تكون بالليل للرئيس المخلوع الى ليلى الطرابلسي في منزلها هذا..». كنّا نتحدث الى هذا الشاب وأنا أشاهد المنزل المتحدث عنه، رفع محدثنا رأسه الى المنزل الذي يوجد خلفي، وقال لي: «ها هو السيد محمد الوسلاتي، يعرف أكثر منّي عائلة الطرابلسي، ويمكن أن يفيدكم في موضوعكم..». لعنة ليلى توجّهنا معا ناحية منزل السيد محمد الوسلاتي كان الرجل واقفا في مدخل منزله، أمام باب حديدي، متكئا على عكّاز طبّي، وبدا وجهه شاحبا من كثرة الأوجاع والألم، وبمجرد أن أعلمه مرافقنا السيد فتحي الشواشي أنني من جريدة «الشروق» وأن موضوع العمل.، ليلى الطرابلسي، رحّب بنا السيد محمد الوسلاتي، وطلب مني الدخول معه الى منزله ليحدثنا عن جيرانه في بداية الثمانينات، لأنه لا يقدر على الوقوف. واحتراما للرجل سألته: «هل تعرّضت الى حادث مرور؟!» أجاب: «لا يا أخي، وإنما أصبت برصاصة في ساقي اليسرى كما ترى يوم 13 جانفي الماضي، في شارع ليون حين كنت مارا من هناك.. وقد دخلت الرصاصة من يسار فخذي، في العضلة تحديدا وخرجت من يمينه والحمد للّه على كل حال». كان السيد محمد الوسلاتي يحدّثني، والى جانبنا كانت تتواجد زوجته، التي ما فتئت تؤكد ما جاء على لسان زوجها. يقول محمد الوسلاتي: «أعرف عائلة الطرابلسي جيدا، أنا أقمت قبلهم ببرطال حيدر، وهم انتقلوا الى منزلهم هنا، سنة 1983، وتحديدا لما كان زين العابدين بن علي مديرا للأمن، وكان يزورهم دائما في الليل، عندما كان مدير أمن، وحتى عندما أصبح وزيرا...» قاطعتنا زوجته مؤكدة ما قاله محدثنا ومضيفة: «حتى بعد أن انتقلوا من منزلهم ببرطال حيدر، كانت والدة ليلى، كثيرا ما تزور المنطقة في المناسبات». انتظرنا الزوجة حتى تنهي حديثها وتوجهت بالسؤال الى السيد محمد الوسلاتي وماذا تعرف عن عائلة الطرابلسي؟ فأجاب: «أقاموا في «حومة الجرابة» وقد علمت ذلك، لما زارني صديق في احدى المرات فاجأني، لما سلم على «السيدة» والدة ليلى الطرابلسي، ولما لاحظ استغرابي، قال لي انهم (أي عائلة الطرابلسي) كانوا جيرانه في حومة الجرابة». وبعد نقاش قصير أضاف محدثنا: «منزلهم ببرطال حيدر، باعه الناصر الطرابلسي شقيق ليلى، عندما وصل زين العابدين بن علي الى الحكم». كان هذا آخر ما أفادنا به السيد محمد الوسلاتي، وقبل مغادرتنا منزله خاطبتنا زوجته قائلة: «عندما كانوا يقطنون في برطال حيدر، كانوا بسطاء، ولم نر منهم شرا، لكن المال والجاه والسلطة جعلتهم طغاة...» كلمات، لها أكثر من معنى انتقلنا بعد سماعها صحبة مرافقي، السيد فتحي الشواشي، الى المدينة العتيقة بالعاصمة. بداية الحكاية تركنا السيارة بشارع باب بنات، وقمنا بجولة في أنهج المدينة العتيقة، الى أن وجدنا أنفسنا، أمام زنقة، تفرعت عنها زنقتان، الأمر، أصبح صعبا، لأنه لا يوجد أحد بالمكان ولا توجد لافتات ومرافقي بدوره نسي المنزل لكنه أكد أننا في «زنقة المهراس» أو بجانبها، وعندما تعذر عليه معرفة المنزل طرقت باب أحد المنازل هناك، فخرجت سيدة تلبس جلبابا أسود سألتها عن زنقة المهراس، فابتسمت وقالت: «أنتم صحافة، أليس كذلك؟! تبحثون عن المنزل الذي ولدت فيه ليلى الطرابلسي؟! (قلنا نعم) انه على يمينكما، انتظرا سأصطحبكما...» في الأثناء وهي تحدثنا، خرج ابنها من المنزل وبمجرد أن علم بأن والدته صحبة صحفي، تطاير الغضب من عينيه وطلب منها العودة الى المنزل... كلمته بلطف: «والدتك ستصطحبنا الى «زنقة المهراس»... لن نصورها ولن نذكر اسمها»، عندها طلب منها أن تسرع وتعود الى المنزل لكنه كان غير مقتنع بذلك رافقتنا والدته الى زنقة المهراس وقالت: «هذا منزلهم»، منزل ذو طابقين، بابه أزرق اللون، فاتح يوجد على يمينك وأنت تدخل زنقة المهراس. لم يكن هناك أحد بالمنزل، فالصمت الذي كان يخيم على المكان كله كان يوحي بأن المكان مهجور». «ليلى ولدت هنا؟» سألت مرافقتنا فأجابت: «كل أبناء السيد محمد الطرابلسي، والد ليلى، ولدوا بهذا المنزل» ثم عادت أدراجها الى منزلها (وهي مشكورة على مساعدتها لنا) لأعود صحبة مرافقي الى «باب بنات» لنتوجه بالسيارة الى نهج الجرابة. «حالة مزرية» عند وصولنا الى «نهج الجرابة» أو «حومة الجرابة» كما يقول مرافقي، خاطبني السيد فتحي الشواشي قائلا: «هذه هي الشقة التي انتقلت اليها ليلى الطرابلسي وعائلتها، بعد منزلهم في «زنقة المهراس» وهي تلك الموجودة في الطابق الأول على يمين العمارة» شقة بها نافذتان ( Porte - fenêtre)، وبجانب العمارة التي توجد بها الشقة كان هناك محل قديم به بابان، قال عنه مرافقنا انه كان مخبزة، وهي المخبزة التي كان يعمل بها عادل الطرابلسي شقيق ليلى، ليلا بعد ان ينهي عمله كمعلّم بالنهار، كان طليق ابنة خالة ليلى الطرابلسي يحدّثني وبجانبنا شابان يقيمان بنهج الجرابة، وقد أكدا ما جاء على لسان السيد فتحي الشواشي وفي تلك الأثناء مرّت السيدة «مبروكة» (امرأة يبدو انها في السبعين من العمر) وعندما سمعت أطراف الحديث تدخّلت «عرفتكم انتم صحافة» ثم أردفت: «أنا أعرف عائلة الطرابلسي جيّدا لما كانت تقيم بحومة الجرابة وبالنسبة الى عادل فإنه كان يدرّس في المدرسة الموجودة بنهج مسمار القصعة بنت علي عزوز، وكان في الليل يعمل بالمخبزة وقد مرض بسبب حمله ل «شكارة» في هذه المخبزة..». لكن السيدة «مبروكة»، رفضت تصويرها وواصلت سيرها ليتدخل الشاب أمير شعباني قائلا: «الحاجة مبروكة تعرفهم جيّدا وكلامها صحيح، ونحن كشبّان لا نتذكّر شيئا، عنهم (عائلة الطرابلسي) لكن آباءنا وامهاتنا حدّثونا عنهم وقالوا لنا إنهم خرجوا من هذه الشقة قبل سنة 1987 وكانوا في حالة مزرية... نعم كانوا فقراء...». دكان «الفاكية» ومن «نهج الجرابة» تحوّلنا الى باب بحر، في اتجاه نهج جامع الزيتونة في العطارين هناك لازال محل السيد محمد الطرابلسي والد ليلى موجودا لكن على ملكية شخص آخر، في ذلك المحل المغلق يوم الأحد والذي طلي بابه، كبقية أبواب المحلات المجاورة باللون الأخضر، كان والد ليلى الطرابلسي يبيع «الفاكية» كما جاء على لسان السيد فتحي الشواشي. وغير بعيد عن هذا المحل، أخذني مرافقي الى نهج السرايرية ليطلعني على كتبيّة السيد عبد القادر الطرابلسي عمّ ليلى. السيد فتحي الشواشي، رغم مضي قرابة الخمس ساعات من الزمن فإنه لم يأبه للوقت وأبى الا ان يطلعنا على منزل السيد عبد القادر الطرابلسي الكائن بنهج سوق البلاط. هنا أصبحت ليلى بن علي وما إن غادرنا المدينة العتيقة تفطن السيد فتحي الشواشي الى ضيق الوقت، فقال: «لم يبق كثير من الوقت لذلك سنتجه الى سكرة، هناك حيث أصبحت ليلى الطرابلسي، ليلى بن علي». وما إن وصلنا علّق ضاحكا: «هذا هو المنزل»، المنزل لا يمكن رؤيته من الخارج لانه كان محصّنا بسور كبير على مستوى الطول والارتفاع، وبحكم كثافة الاشجار الملتصقة تقريبا بالسور وبحكم تواجد أصحاب المنزل الجدد فإنه تعذّر تصوير المنزل من الداخل لكن بالعين المجرّدة، رأينا فيلا فخمة غلب عليها اللون البني الفاتح، ومحاطة بأرضية معشّبة وتمكنّا من تصوير مدخلها والمتمثل في باب أبيض اللون. «مازال منزلهم (الرئيس المخلوع وزوجته) الموجود بقرطاج قبل ان يتحوّلوا الى القصر وهذا يمكن أن نزوره مرة أخرى لأنه لديّ التزامات». هكذا أنهى السيد فتحي الشواشي جولتنا ليوم الأحد ولأن الرجل لديه زخم من المعلومات عن عائلة الطرابلسي كان في كل مرة ونحن في السيارة يحدثنا باقتضاب شديد عن تفاصيل أخرى وقبل افتراقنا بقليل سألته عن موضوع «البخت» الذي أشار اليه في سياق حديثه المتواصل، فأجاب: «بن علي كان لديه اعتقاد راسخ، بأن ليلى «جرّتها باهية» وجلبت له الحظ، فقد عرفها قبل ان يصبح وزيرا، وعندما تزوّجا أصبح وزيرا للداخلية، وعندما أصبحت ليلى حاملا أصبح هو وزيرا أول وعندما انجبت ابنتها الأولى اصبح رئيس دولة وعندما أنجبت ابنهما الصغير استحوذت على كل شيء..» سكت محدثنا قليلا، ثم ختم: «نواصي وعتب والبعض مالذرية». هناك، في برطال حيدر وأمام المنزل الذي كانت تقطنه ليلى، في بداية الثمانينات، وجدنا زوجة المالك الحالي لهذا المنزل، حاولنا التحدث إليها، لكنها اعتذرت عن الحديث، ولم تمانع في تصوير المنزل. في تلك الأثناء سمعت صوتا ينادي مرافقي: «أهلا بسي فتحي، شنيّة أحوالك» كان شاب من منطقة برطال حيدر، يقطن بجوار المنزل الذي كانت تقطنه، ليلى الطرابلسي، وبعد تبادل القبلات بين هذا الشاب والسيد فتحي الشواشي، سألت الشاب: «هل تعرف من كان يقطن بهذا المنزل، وهل لديك تفاصيل معيّنة تخصّه؟» أجاب ضاحكا: «في هذا المنزل كانت تعيش زوجة الرئيس المخلوع، لكن هناك تغييرات حصلت على المظهر الخارجي للمنزل مثل «البلكون» وأضاف: «أذكر أن الجيران كانوا يتحدثون عن الزيارات الدائمة والمتواصلة، والتي غالبا ما تكون بالليل للرئيس المخلوع الى ليلى الطرابلسي في منزلها هذا..». كنّا نتحدث الى هذا الشاب وأنا أشاهد المنزل المتحدث عنه، رفع محدثنا رأسه الى المنزل الذي يوجد خلفي، وقال لي: «ها هو السيد محمد الوسلاتي، يعرف أكثر منّي عائلة الطرابلسي، ويمكن أن يفيدكم في موضوعكم..». لعنة ليلى توجّهنا معا ناحية منزل السيد محمد الوسلاتي كان الرجل واقفا في مدخل منزله، أمام باب حديدي، متكئا على عكّاز طبّي، وبدا وجهه شاحبا من كثرة الأوجاع والألم، وبمجرد أن أعلمه مرافقنا السيد فتحي الشواشي أنني من جريدة «الشروق» وأن موضوع العمل.، ليلى الطرابلسي، رحّب بنا السيد محمد الوسلاتي، وطلب مني الدخول معه الى منزله ليحدثنا عن جيرانه في بداية الثمانينات، لأنه لا يقدر على الوقوف. واحتراما للرجل سألته: «هل تعرّضت الى حادث مرور؟!» أجاب: «لا يا أخي، وإنما أصبت برصاصة في ساقي اليسرى كما ترى يوم 13 جانفي الماضي، في شارع ليون حين كنت مارا من هناك.. وقد دخلت الرصاصة من يسار فخذي، في العضلة تحديدا وخرجت من يمينه والحمد للّه على كل حال». كان السيد محمد الوسلاتي يحدّثني، والى جانبنا كانت تتواجد زوجته، التي ما فتئت تؤكد ما جاء على لسان زوجها. يقول محمد الوسلاتي: «أعرف عائلة الطرابلسي جيدا، أنا أقمت قبلهم ببرطال حيدر، وهم انتقلوا الى منزلهم هنا، سنة 1983، وتحديدا لما كان زين العابدين بن علي مديرا للأمن، وكان يزورهم دائما في الليل، عندما كان مدير أمن، وحتى عندما أصبح وزيرا...» قاطعتنا زوجته مؤكدة ما قاله محدثنا ومضيفة: «حتى بعد أن انتقلوا من منزلهم ببرطال حيدر، كانت والدة ليلى، كثيرا ما تزور المنطقة في المناسبات». انتظرنا الزوجة حتى تنهي حديثها وتوجهت بالسؤال الى السيد محمد الوسلاتي وماذا تعرف عن عائلة الطرابلسي؟ فأجاب: «أقاموا في «حومة الجرابة» وقد علمت ذلك، لما زارني صديق في احدى المرات فاجأني، لما سلم على «السيدة» والدة ليلى الطرابلسي، ولما لاحظ استغرابي، قال لي انهم (أي عائلة الطرابلسي) كانوا جيرانه في حومة الجرابة». وبعد نقاش قصير أضاف محدثنا: «منزلهم ببرطال حيدر، باعه الناصر الطرابلسي شقيق ليلى، عندما وصل زين العابدين بن علي الى الحكم». كان هذا آخر ما أفادنا به السيد محمد الوسلاتي، وقبل مغادرتنا منزله خاطبتنا زوجته قائلة: «عندما كانوا يقطنون في برطال حيدر، كانوا بسطاء، ولم نر منهم شرا، لكن المال والجاه والسلطة جعلتهم طغاة...» كلمات، لها أكثر من معنى انتقلنا بعد سماعها صحبة مرافقي، السيد فتحي الشواشي، الى المدينة العتيقة بالعاصمة. بداية الحكاية تركنا السيارة بشارع باب بنات، وقمنا بجولة في أنهج المدينة العتيقة، الى أن وجدنا أنفسنا، أمام زنقة، تفرعت عنها زنقتان، الأمر، أصبح صعبا، لأنه لا يوجد أحد بالمكان ولا توجد لافتات ومرافقي بدوره نسي المنزل لكنه أكد أننا في «زنقة المهراس» أو بجانبها، وعندما تعذر عليه معرفة المنزل طرقت باب أحد المنازل هناك، فخرجت سيدة تلبس جلبابا أسود سألتها عن زنقة المهراس، فابتسمت وقالت: «أنتم صحافة، أليس كذلك؟! تبحثون عن المنزل الذي ولدت فيه ليلى الطرابلسي؟! (قلنا نعم) انه على يمينكما، انتظرا سأصطحبكما...» في الأثناء وهي تحدثنا، خرج ابنها من المنزل وبمجرد أن علم بأن والدته صحبة صحفي، تطاير الغضب من عينيه وطلب منها العودة الى المنزل... كلمته بلطف: «والدتك ستصطحبنا الى «زنقة المهراس»... لن نصورها ولن نذكر اسمها»، عندها طلب منها أن تسرع وتعود الى المنزل لكنه كان غير مقتنع بذلك رافقتنا والدته الى زنقة المهراس وقالت: «هذا منزلهم»، منزل ذو طابقين، بابه أزرق اللون، فاتح يوجد على يمينك وأنت تدخل زنقة المهراس. لم يكن هناك أحد بالمنزل، فالصمت الذي كان يخيم على المكان كله كان يوحي بأن المكان مهجور». «ليلى ولدت هنا؟» سألت مرافقتنا فأجابت: «كل أبناء السيد محمد الطرابلسي، والد ليلى، ولدوا بهذا المنزل» ثم عادت أدراجها الى منزلها (وهي مشكورة على مساعدتها لنا) لأعود صحبة مرافقي الى «باب بنات» لنتوجه بالسيارة الى نهج الجرابة. «حالة مزرية» عند وصولنا الى «نهج الجرابة» أو «حومة الجرابة» كما يقول مرافقي، خاطبني السيد فتحي الشواشي قائلا: «هذه هي الشقة التي انتقلت اليها ليلى الطرابلسي وعائلتها، بعد منزلهم في «زنقة المهراس» وهي تلك الموجودة في الطابق الأول على يمين العمارة» شقة بها نافذتان ( Porte - fenêtre)، وبجانب العمارة التي توجد بها الشقة كان هناك محل قديم به بابان، قال عنه مرافقنا انه كان مخبزة، وهي المخبزة التي كان يعمل بها عادل الطرابلسي شقيق ليلى، ليلا بعد ان ينهي عمله كمعلّم بالنهار، كان طليق ابنة خالة ليلى الطرابلسي يحدّثني وبجانبنا شابان يقيمان بنهج الجرابة، وقد أكدا ما جاء على لسان السيد فتحي الشواشي وفي تلك الأثناء مرّت السيدة «مبروكة» (امرأة يبدو انها في السبعين من العمر) وعندما سمعت أطراف الحديث تدخّلت «عرفتكم انتم صحافة» ثم أردفت: «أنا أعرف عائلة الطرابلسي جيّدا لما كانت تقيم بحومة الجرابة وبالنسبة الى عادل فإنه كان يدرّس في المدرسة الموجودة بنهج مسمار القصعة بنت علي عزوز، وكان في الليل يعمل بالمخبزة وقد مرض بسبب حمله ل «شكارة» في هذه المخبزة..». لكن السيدة «مبروكة»، رفضت تصويرها وواصلت سيرها ليتدخل الشاب أمير شعباني قائلا: «الحاجة مبروكة تعرفهم جيّدا وكلامها صحيح، ونحن كشبّان لا نتذكّر شيئا، عنهم (عائلة الطرابلسي) لكن آباءنا وامهاتنا حدّثونا عنهم وقالوا لنا إنهم خرجوا من هذه الشقة قبل سنة 1987 وكانوا في حالة مزرية... نعم كانوا فقراء...». دكان «الفاكية» ومن «نهج الجرابة» تحوّلنا الى باب بحر، في اتجاه نهج جامع الزيتونة في العطارين هناك لازال محل السيد محمد الطرابلسي والد ليلى موجودا لكن على ملكية شخص آخر، في ذلك المحل المغلق يوم الأحد والذي طلي بابه، كبقية أبواب المحلات المجاورة باللون الأخضر، كان والد ليلى الطرابلسي يبيع «الفاكية» كما جاء على لسان السيد فتحي الشواشي. وغير بعيد عن هذا المحل، أخذني مرافقي الى نهج السرايرية ليطلعني على كتبيّة السيد عبد القادر الطرابلسي عمّ ليلى. السيد فتحي الشواشي، رغم مضي قرابة الخمس ساعات من الزمن فإنه لم يأبه للوقت وأبى الا ان يطلعنا على منزل السيد عبد القادر الطرابلسي الكائن بنهج سوق البلاط. هنا أصبحت ليلى بن علي وما إن غادرنا المدينة العتيقة تفطن السيد فتحي الشواشي الى ضيق الوقت، فقال: «لم يبق كثير من الوقت لذلك سنتجه الى سكرة، هناك حيث أصبحت ليلى الطرابلسي، ليلى بن علي». وما إن وصلنا علّق ضاحكا: «هذا هو المنزل»، المنزل لا يمكن رؤيته من الخارج لانه كان محصّنا بسور كبير على مستوى الطول والارتفاع، وبحكم كثافة الاشجار الملتصقة تقريبا بالسور وبحكم تواجد أصحاب المنزل الجدد فإنه تعذّر تصوير المنزل من الداخل لكن بالعين المجرّدة، رأينا فيلا فخمة غلب عليها اللون البني الفاتح، ومحاطة بأرضية معشّبة وتمكنّا من تصوير مدخلها والمتمثل في باب أبيض اللون. «مازال منزلهم (الرئيس المخلوع وزوجته) الموجود بقرطاج قبل ان يتحوّلوا الى القصر وهذا يمكن أن نزوره مرة أخرى لأنه لديّ التزامات». هكذا أنهى السيد فتحي الشواشي جولتنا ليوم الأحد ولأن الرجل لديه زخم من المعلومات عن عائلة الطرابلسي كان في كل مرة ونحن في السيارة يحدثنا باقتضاب شديد عن تفاصيل أخرى وقبل افتراقنا بقليل سألته عن موضوع «البخت» الذي أشار اليه في سياق حديثه المتواصل، فأجاب: «بن علي كان لديه اعتقاد راسخ، بأن ليلى «جرّتها باهية» وجلبت له الحظ، فقد عرفها قبل ان يصبح وزيرا، وعندما تزوّجا أصبح وزيرا للداخلية، وعندما أصبحت ليلى حاملا أصبح هو وزيرا أول وعندما انجبت ابنتها الأولى اصبح رئيس دولة وعندما أنجبت ابنهما الصغير استحوذت على كل شيء..» سكت محدثنا قليلا، ثم ختم: «نواصي وعتب والبعض مالذرية».