(1) لم ألتق ميلاد رمضان منذ سنوات ولم أهاتفه ولم تصلني أخباره كغيره من عشرات الوجوه التي كانت تملأ الملتقيات والصفحات الأدبية الشبابية ولكنها تفرّقت وخفتت أصواتها لأسباب عديدة أهمها أنها لم تجد الرأفة والتشجيع وصدّتها الأبواب... عهدي به رجلا يعشق الشعر ويتفنن فيه... ويسعى مع الأصدقاء هناك الى اثراء المشهد الأدبي بقفصة في أروقة ابن منظور... حين عثرت على مجموعته البكر فرحت قبل قراءتها لأني على يقين أن وجوه ذلك الجيل تستحق أن تتبوأ مكانها وتصدر وتنشر وتتسلم المشعل... تذكرت ميلاد رمضان... كان مناضلا أدبيا من زمن بعيد... ويعدّل ساعته على الأنشطة الأدبية... تذكرت أنه واحد منا... واحد من تلك الوجوه التي تقاسمت الحلم... نعم تقاسمنا الحلم وحلمنا... وتقاسمنا الغرف الرديئة التي تضعها بعض الملتقيات الأدبية على ذمة ضيوفها... شعرت ان تمكن ميلاد من اصدار عمله الاول أمر يبعث على الفرح... (2) ها هو يصدر «البحث عن رأسي» ويقتحم دون سابق اعلام دنيا القصّ والسّرد ليقدّم قصصا مختلفة باللغة والفن... كتابة لا تصل الى القمّة ولكنها كتابة خفيفة الظلّ والروح... بديعة الحبكات القصصية ومليئة بالنقد واليأس والسخرية من الواقع... (3) مال ميلاد رمضان في هذه المجموعة الى قصص باحثة عن الهزل والضحك ولكنها ساخرة من الشخوص والواقع... في قصة «حنين» يحن عبد ا& المقيم في باريس الى الوطن ويأخذه الحلم الى النخلة والى رسائل صديقه موسى وهي رسائل «حبلى بنبض الحياة وحيرة السؤال المرافق» هذه الرسائل بدا محتواها ساخرا من الواقع من مختلف زواياه ومحتفيا بالهوامش. «يحكي لي عن الشرشارة وروّادها وما تحمله قلوبهم من وجع وولع... عن حمار خالتك زينة...» قصة «منتصف النهار» تتحدث عن شاب يريد مقابلة مسؤول ويدخل في دوامة المواعيد حتى نقل ولم يقابله... «حلم نات» قصة تتوجع لبغداد وما حل بها في هذه الأزمة. «هيكل عظمي» : قصة فتاة تبحث عن رجل للزواج تلتجئ الى أحد الشيوخ فيحيلها على احدى المقابر... هذه خلاصة بعض قصص المجموعة التي تخوض في الواقع وتختار منه شخصيات متأزمة وحالمة حد الغرق في الوهم... فجل هذه الشخصيات تبحث عن أمل (العودة الى الوطن الزواج تسوية المشاكل الادارية... الخ) لكنها تكتشف زيف أحلامها وتفشل في تحقيق أهدافها... إننا أمام نصوص سردية فيها جوانب من الجرأة كيف لا وقد تراصّ في صدورها السياسي والاجتماعي والجنسي ونجح صاحبها في التقاطها من الواقع اليومي. البحث عن رأسي : باكورة أعمال ميلاد رمضان صدرت عن مطبعة قطيف قفصة في حوالي 90 صفحة