بقلم: فاطمة بن عبد الله الكرّاي في العراق المحتل 15 ألف حادث قتل تعرض لها مدنيون على أيدي قوات الاحتلال الأمريكي... 109 آلاف مواطن عراقي قتلوا ما بين 2004 و2009 أكثر من 66 ألفا منهم، مدنيون! 1300 حالة وفاة جرّاء التعذيب في سجون الشرطة العراقية عميلة الاحتلال.. 229 غارة عسكرية أمريكية على العراق سنة 2006 . 1447 غارة قاتلة عام 2007! كلها أرقام تختزل الجريمة... جريمة العصر... جريمة الحرب على العراق.. ما قدّمناه هو نزر قليل من محتوى الأربعمائة ألف وثيقة سرية التي نشرها موقع «ويكيليكس» منذ ثلاثة أيام... فظاعات وجرائم، تعرض لها أبناء العراق على يد الاحتلال الأمريكي.. نعرف، كعرب جلها لأن ما كشفه العراقيون من عائلات الضحايا والشهداء يبعث على الغيض.. والحنق لم يفاجئنا شيء مما كشفته الوثائق السرية، التي تلخص عذابات العراقيين تحت نيّر الاحتلال العسكري الأمريكي... ولكن المفاجأة تصيبنا جرّاء صمت الحقوقيين وحاملي ألوية حقوق الانسان ... الاحتلال الأمريكي، مثله مثل كل استعمار واحتلال في الدنيا، سيبقى موصوفا بوصمة عار ضد الانسانية مهما موّل وساند كنظام ليبرالي، منظمات حقوق الانسان... ما يأتيه جيش الاحتلال الأمريكي في العراق منذ 2003 الى اليوم يختزل كل فظاعات الاستعمار والامبريالية.. من قتل للمدنيين... واعتماد سياسة الارض المحروقة... ودوس اتفاقيات جنيف الاربع الصادرة سنة 1949.. لم يجانب «روبرت فيسك» الحقيقة حين فضح الغرب والولايات المتحدة بالذات، وكشف جرائمها وعلّق عليها بما علّق ناعتا إياها بجرائم العار... نعم، إنه «عار أمريكا» كما قال فيسك، ذاك الذي تضمّنته الوثائق السرية المنشورة على موقع «ويكيليكس» ... وهو كذلك «عار الاستعمار» في فلسطين... وفي أفغانستان ومن قبلها في الجزائر وفي تونس وفي سوريا... لم يفاجئنا أمر الوثائق، نحن الشعوب التي عرفت الاستعمار والاحتلال فقتل المدنيين ليس بدعة خصّ بها الأمريكيون أبناء العراق.. بل رأينا ذلك، عبر تصفّح ورقات التاريخ في مجازر «سطيف»بالجزائر... وتازركة في تونس، وجنين في فلسطين... والفلوجة في العراق... مع مراعاة فارق وحيد: هو الزمن... الجلاد واحد... والضحية متعددة... الاستعمار واحد... والأزمنة متفرقة... كم شاهدنا بأم العين، أوصالا مقطعة... ورؤوسا مفصولة عن أجسادها... وأطفالا في عمر الزهور ملطخة أجسادهم الغضّة بالدماء... والأتربة...؟ رأينا ذلك في ملجإ العامرية... وشهدنا ذلك في جنين.. وبكينا ما رأينا في غزة... الجريمة واضحة وبأركانها كاملة وموصوفة.. لكن العقاب لا يأتي.. فأمريكا تقتل... وتعذّب... وتشرّد أبناء العراق من المدنيين... ولها من الصلف مثلها مثل الكيان الصهيوني، لتقول وتدّعي إنها أغارت على موكب زواج في قرية من قرى العراق، لأن قواتها اعتقدت انها تلاحق الارهابيين.. وكذا تقول «إسرائيل» عن فلسطين.. ومجازر الحقد التي تقترفها... «عار أمريكا».. نعم... ولكن ماذا بعد هذا «الافراج» عن الوثائق السرية التي تدين الارهاب المنظم... ارهاب الدولة... في واشنطن؟ عار الاستعمار.. وعار الامبريالية، ما عساه يصلح ذاك الطوفان او «تسونامي» الوثائق... وثائق الجريمة الاستعمارية؟ لاشيء... فقد تبيّن بعد 72 ساعة من صدور هذه الوثائق «الخطيرة».. أن الخصم... مازال الحكم... قوى الاستعمار... وقوى الهيمنة في العالم... مازالت هي الخصم... وهي الحكم في آن واحد..