بامكانك أن ترقبه لمدة زمنية غير هينة... لكنك لن تعثر على آثار بسمة تعلو محياه.... دائم الغلظة... عبوس طوال كل الاوقات... وكأنه يريد أن يقول إنه ابن المؤسسة العسكرية... وأن تلك الغلظة هي عنوان الانضباط.... «دونالد رامسفيلد» وزير الدفاع الأمريكي في العهدين... عهد نهايات الحرب الباردة وعهد الأحادية القطبية.... «فريق التعذيب: مذكرة رامسفيلد وخيانة القيم الأمريكية» هو عنوان الكتاب الضجة الذي صدر السنة الماضية... ظهر رامسفيلد بقوة وهو يعاضد جورج بوش الابن في حربين متزامنتين شنتهما الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد العراق وأفغانستان... حربان افضتا الى احتلال عسكري أمريكي لكلا البلدين.... وفق تعلات وهمية فيها الكثير من الادعاء... وشابتهما الكثير من الجرائم... هل كان، وهو يمر الى المجال العسكري، يضمر في نفسه كل هذا الحقد الذي رأيناه يلبسه لبوسا، في أفغانستان وهو يشرف على عمليات التعذيب والاعتقال في «غوانتانامو» وفي العراق، وهو يشرف على عمليات التعذيب الوحشية في سجن «أبو غريب». لا تهمه السمعة... ولا الصيت... بعد فضائح «أبو غريب» و«غوانتانامو» والمعتقلات السرية في عدد من بلدان أوروبا الفتية.... التي ناصرها باسم أمريكا... أمام أوروبا التاريخية... هو عسكري، وليس له باع في مجال السياسة ولا الثقافة ولا الاعلام... سوف يطرد بقوة البوليس، صحافية أمريكية هاجمته في قاعة يقيم فيها ندوة صحفية... ليبرر فظاعات «أبو غريب»... بالنسبة لرامسفيلد، لا يهم ان سجل عليه التاريخ، توقيعه لمذكرة «أجاز فيها اللجوء الى اجراءات التحقيق المثيرة للجدل» من تلك التي تعتمد التعذيب الجسدي طريقة للحصول على معلومات... حسب ما جاء في كتاب فيليب ساندس.... ورامسفيلد، الذي لا يعرف عنه كيف يتعامل مع ابنائه الثلاثة وأحفاده الستة، لا يعير كثير اهتمام لانتهاكه مبادئ حقوق الانسان بأن يخرق بنود الاعلان العالمي لحقوق الانسان... المهم بالنسبة اليه أن يكون رأس حربة كوكبة من الجلادين «الصقور» المتنفذين في البنتاغون... أمثال «ريتشارد بيرل» و«ولفويتز» و«دوغلاس فايث».... وهم مجموعة تعمل على أن يكون القرن الذي مرت منه عشرية من الزمن قرنا أمريكيا... تكون فيها الولاياتالأمريكية أشد الامبرياليات ايلاما للشعوب وللدول ولحركات التحرر... وللمواطن الامريكي... لم لا؟ ولد سنة اثنين وثلاثين وتسعمائة وألف وتقلد عدة مناصب من ضمنها وزيرا للدفاع مع الرئيس جيرالدفورد منتصف السبعينات... انتخب في الكونغرس الامريكي عن ولاية «ألينوي» لمدة ست سنوات وعمل مع «ريغن» مبعوثا خاصا للشرق الاوسط.... لا يبالي ب«كاميرات» العالم، وهي تركز أضواءها عليه، وكان يبدي ابتسامة فاترة... وخبيثة... ولا يعنى كثيرا بالكلام ولا بالفكر ولا بالكتابة... لا يفكر في اعتذار ما عن كل الذين جلدهم وعذبهم من خلال قراراته وبأيدي أعوانه... لأنه يؤمن أن تأمين التفوق الأمريكي وتثبيت العصر الأمريكي، لا يمر الا على أجساد العراقيين والأفغان وكل المعترضين على سياسة المحافظين الجدد... يتعرض دونالد رامسفيلد، الآن الى ملاحقة قانونية، بعد أن رفع مواطنان أمريكيان تعرضا للتعذيب في قاعدة عسكرية بالعراق المحتل دعوى ضده.... وينظر القضاء الأمريكي في هذه الدعوى الآن... تقلد الوزارة وأدار شركة كبرى... وعمل صلب الكونغرس نائبا منتخبا، لكن رامسفيلد يبقى الجلاد المسؤول عن أصابع المواطن العراقي التي قطعت له في معتقل «أبو غريب»... ويبقى مسؤولا عن كل الشهداء الذين قضوا جراء السلاح المحرم الذي استعمله الجيش الأمريكي من العراق الى أفغانستان... جلاد... برتبة وزير... لا يتوانى رامسفيلد في اعادة ما فعله... ان هو عاد الى الوزارة ثانية...