نجلاء العبروقي : 6 أو 13 أو 20 أكتوبر المواعيد المحتملة للانتخابات الرئاسية المقبلة    وزير الشؤون الخارجية يؤكد على ضرورة التنسيق بين كافة المتدخلين لتحسين الخدمات المسداة للتونسيين بالخارج(ندوة صحفية)    انتخاب التونسية ليلى بلخيرية نائبة لرئيسة منظمة "كوميسا للنساء صاحبات المؤسسات"    تونس: تبخر قرابة 650 ألف متر مكعب من مياه السدود يوميا    تونس تشارك في المنتدى الافريقي للطاقة المنعقد ببرشلونة من 25 الى 28 جوان 2024    رشيد بطيطة مدير عام جديد للشركة التونسية للبنك    خبراء في الإعلام والعلوم السياسية: الإعلام الغربي انحاز للرواية الإسرائيلية والمقاومة الفلسطينية استطاعت تحقيق المعادلة الإعلامية في الحرب    كوبا امريكا - فنزويلا تهزم المكسيك وتصعد لدور الثمانية    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: الاتحاد المنستيري يفوز بالبطولة التاسعة في تاريخه والسادسة على التوالي    الرابطة 2- رضا الشويحي حكما لمباراة شبيبة العمران والترجي الجرجيسي    توقيت العمل الصيفي بالإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية    توزر: حادث مرور بالطريق الوطنية رقم 3 يودي بحياة شخصين ويتسبب في اصابة شخصين اخرين    قابس: مطار قابس-مطماطة الدولي يستقبل رحلة حجيج الجهة القادمة من المدينة المنورة    سمير الوافي ... الموجع والمقرف أنه حفل محسوب على غز ة...وبإسم مأساة غز ة...ورفعت فيه أعلام فلسطين وشعارات التضامن مع غز ة...    مدير مهرجان الحمامات الدولي: " لم نرفض مسرحية الجعايبي، بل مؤسسة المسرح الوطني تقدمت بعملين واخترنا "رقصة سماء" تكريما للفنانة منى نورالدين بمناسبة ستينية المسرح والمهرجان"    افتتاح الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون: تكريم نخبة من الإعلاميين ونجوم الدراما وراغب علامة يغني أمام جمهور غفير    المناولة والعقود المحدودة في الزمن محور لقاء رئيس الجمهورية بوزير الشؤون الاجتماعية    ينتظرها الملايين.. مناظرة رئاسية حاسمة بين بايدن وترامب    تقرير دولي يحذّر من حدوث مجاعة في 14 منطقة سودانية    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة .. لإيجاد الحلول لمصالح الناس...لم يغلق الإسلام باب الاجتهاد    منبر الجمعة .. الرذيلة عكس الفضيلة !    في اتفاقية مع ديوان السياحة «ترانسافيا» تدعم السياحة التونسية.. وقريبا خط جديد فرنسا طبرقة    فون دير لاين رئيسة للمفوضية الأوروبية لولاية ثانية    تحرير الاستثمار    بلاغ هام للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية..    تحذير أميركي وروسي من السفر إلى لبنان.. كندا تتأهب لإجلاء 20 ألف مواطن    الإمارات: خطبة وصلاة الجمعة 10 دقائق صيفاً    حادثة أليمة: آلة لربط الأعلاف تُنهي حياة عامل فلاحي    الكاف: لماذا لم يتم إدراج شعبة الموسيقى بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح في دليل التوجيه الجامعي؟    تقرير: تباطؤ نسق تحويلات العمل في العام الماضي    بالفيديو: شاهد...هيفاء وهبي تدخل في نوبة بكاء على مسرح موازين    هذا ما طلبته "سوزان" صاحبة الرقصة الشهيرة مع راغب علامة    قرطاج القبض على نفر مصنف خطير محل 12 منشور تفتيش…    دراسة أمريكية: لا علاقة لمكملات الفيتامينات اليومية بطول العمر    فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة    تأجيل إعادة فتح معبر الجدير للمرة الثالثة..ماذا يحصل؟..    نهائي كأس تونس: تحديد الفريق المستضيف وتوقيت المباراة    عاجل: الإحتفاظ بسليم شيبوب    النادي الصفاقسي: أليسكندر سانتوس مدربا جديدا للفريق .. وهذا موعد وصله إلى تونس    Titre    المهدية: تفاصيل جديدة في قضية مقتل طفل على يد شقيقه الأصغر    الصوناد تضع هذا الرقم الأخضر على ذمة التونسيين    أولمبياد باريس 2024: التفاصيل الكاملة لقرعة مسابقة كرة الطائرة    الصوناد: محطة تحلية المياه في صفاقس ستساهم في حل جزئي للمشاكل في الساحل.    الترجي: محمد بن علي يقترب من التجديد    ما هو'' التوقيت صيفي '' وكيف بدأ في العالم؟    مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوري بشار الأسد    ظهور بؤر لمرض الجلد العقدي: اتحاد الفلاحة يُحذّر ويدعو إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة..#خبر_عاجل    طقس الخميس: الحرارة تتجاوز المعدلات العادية وتصل الى 47 درجة    بوليفيا: اعتقال قائد الجيش بعد محاولة انقلابية فاشلة    الناصر التومي شاهد على عصره .. «هدفي من الكتابة الهمّ الإنساني والمجتمع التونسي ... أنا من مدرسة الكتاب الواقعيين ومتأثر بنص البشير خريف»    يورو 2024.. عادل الشادلي يكتب التاريخ مع جورجيا    بهدوء.. ثلاثون سنة غيّرت طعم الفرح    بمنتدى الفكر التنويري التونسي.. احتفاء مهيب بالشّاعرة جميلة الماجري    هام/ مرض معدي خطير يصيب الأبقار في الجزائر ودعوات لمنع وصوله الى تونس    غدا بداية موجة حر في تونس : كيف تحمي نفسك من الأضرار ؟    طرق تبريد المنزل صيفاً من دون مكيف في 9 خطوات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القنديل الثاني: الأديب الليبي إبراهيم الكوني يزيح لثام الطوارق ليكشف عن كنوز أمه الصحراء
نشر في الشروق يوم 23 - 02 - 2010

عشقت قراءة الرواية في أدب إبراهيم الكوني، لم يكن ذلك سهلا، وجدت فيها صورته الصحراوية القديمة بزيه الطوارقي وبلثامه على صفحات كتبه والتي لا تكشف سوى القليل عن ظاهره الذي يزداد غموضا كلما غصت في حكايات حكاياته. كتاباته كمتاهات الصحراء تخرج منها لاهثا عطشان تائها.
منذ خروجه الأول من صحرائه الليبية التي تعددت في رحلاته الجغرافية وأصبحت واحات معرفية متنوعة. بدأ إبراهيم الكوني الرحلة المعاكسة إلى ذلك المجهول الغامض والأبدي , تجلّت في ستين كتابا رواية وقصة موضوعه واحد لكنه شاسع وأبدي: الصحراء بمعناها الوجودي والإنساني والأسطوري، ستون صحراء، ستون رؤية، ستون حكاية، حكاية الحكايات اللامتناهية التي توالت تيها وشجنا ولحنا سماويا. يحض على المضيّ في العبور الكبير نحو الحقيقة، وهكذا كان يفيض الكوني كتابة منذ عام 1974. وبنفَس واحد متواصل يجري خلف شخصياته في عرائها الكامل ومتاهاتها. «يؤسطر» اليومي البعيد. ويحاكي الأسطورة الأولى بخروجه من الهامش الحياتي الأرضي إلى متن التأمّل، وعبر هذه المسافات الأرضية والروحية مرّ بأقوام وبشر ورؤى دوّن لبعضها في ملاحمه في رباعية الخسوف مثلا. أو الطوفان والمجوس والسحرة والناموس. لكأنه يسرّ لخلانه بأمره. ويسرّ للقارئ ما فعلته به صحراؤه الكبرى التي حملته لسنوات عشر، لكي يحملها مدى الزمان منفذا وصاياها في متاهاته الروحية.
هل وصل هذا الصحراوي إلى حقيقة ما؟
الشيء الوحيد الذي نستطيع أن نضحي فيه بالحياة دون أن نندم هو الحقيقة، لم أندم لأني سفحت من عمري عشرين عاما أو ربع قرن اعتزالا، ولم أزل.
خلال تلك التجربة انقطعت عن كل ملذات الحياة؟
يقينا.
حتى عن المرأة؟
يقينا..
وماذا كان التعويض عن كل ذلك..؟
لذّة الحكيم في اللاّ لذّة، لذّة الباحث عن الحقيقة في نفي اللذّة.
هل هذا ما يسمونه الوجد ؟
نعم هو شعور بالنشوة.
هل ما وصلت إليه سرّا؟
دائما سرّ.. ما نقوله ليس هو ما نريد أن نقوله حتى لو حدّثتك فلن أستطيع أن أعبر لك عنه،
لعجز اللغة؟
لعجز اللغة أو لاستعصاء الرمز. وككل الأشياء العظيمة. النص الجميل هو الذي نلتذّ به ولا نستطيع أن نعبّر عن لذّتنا به، جمالية «تغميض» النص المقروء.
لا بد من أسباب دنيوية دفعتك للقيام بتلك الرحلة داخل النفس وربما داخل الكون وداخل العقل؟
كل إنسان في هذا الوجود يحن لأن يعتزل، يحن لأن يقابل نفسه في محراب نفسه، تجربة معرفة النفس هي الخطوة الأولى نحو الحقيقة .
الحقيقة تتجلى في الكتابة؟
ليست الكتابة متجردة عن أشياء أعمق من التعبير. لا بد أن تتحول الكتابة أيضا لهوا.
هل أسس هذا اللهو لشيء بتقديرك؟
التجربة الدنيوية امتحان في غاية الأهمية لكل باحث عن الحقيقة، لكل صاحب رسالة مهما كانت في نظرنا صغيرة، لذا هو الجحيم الذي لا بد منه..
يعني ليس من نجاة حتى عند الوصول إلى الحقيقة؟
ربما بالعكس. الحقيقة قصاص أقسى من التنصل للحقيقة أحيانا.
هل يمكن أن نقول إنك طبّقت شيئا من قول النفري: إذا ضاقت بك الدنيا سرّ..
سر.. نعم، سر للرحيل، مدلول الرحيل لا يكمن في أعمالي فقط ولكن في حياتي أيضا، يجب أن ننتقل لا بالروح فقط ولكن بالجسد أيضا.
إحساسك بتلك الغربة عن العالم هو الذي دفعك إلى إعادة كتابة الصحراء إلى ما لا نهاية؟
الحنين إلى الحقيقة هو حنين إلى الزمن الأسطوري دائما، الصحراء مسكونة بروح التكوين، نص ليس مسكونا بروح التكوين لا هوية له ولا جذور. لا بد أن تختار لغة القداسة لتعبر هذه الرحلة إلى الوراء.
هل هذا يعني أنه إذا أردت أن تساهم في تغيير العالم عليك أن تتبرأ منه أو تبرأ منه؟
كل شيء لا تستطيع أن تتحرر منه هو في الواقع عبء كبير. لأن غايتك الحرية بالمعنى المطلق. لا تستطيع أن تبلغها إلا عندما تتحرر من كل الأصفاد، من كل القيود ومن ذلك الجسد.
هذه البذرة و هذه الجينات ورثتها عن الوالد الذي كان رجلا زاهدا..؟
نعم والدي كان رجلا مهاجرا بالسليقة. وزاهدا في متاع الدنيا، وأول من علمني الأسرار. كان يأخذني وأنا طفل صغير ويسافر بي عبر الصحارى، إلى واحات أخرى إلى نجوع أخرى.
هل كان يروي لك حكايات ؟
إطلاقا كان رجلا صموتا، رجل تأمل بكل معنى الكلمة.
هل توصلت اليوم إلى قراءة صمته والاستماع إليه..
اليوم أستطيع أن أفك رموز صمته.
ذكرت في كتاباتك أنك لم تر والدك يبكي أبدا؟
إطلاقا. كان يتحمل الوجود بصبر الأبطال.
أنت تبكي أحيانا من فرط الوجد؟
من أجمل اللحظات أن يبكي الإنسان، لا يجب أن يثق في إنسان يستحي من أن يراه الناس باكيا، هذا أحد مبادئي، ليس لأن في البكاء راحة ولكن لأن في البكاء محاسبة صارمة للنفس، هذا امتحان آخر لا يعلمه إلا الأخيار ولذا يجب أن نتعلمه، الاستكبار عن البكاء خطيئة.
هل ساعدك النواح في معرفة محنتك ؟
لا أعرف إذا كنت عبّرت عن محنتي، عن حنيني لذلك العالم رغم كل ما كتبت عن صحرائي، عن تلك المجسدة لمبدإ التكوين، لا أعرف حقيقة إذا أفلحت، فذلك اللحن البعيد الذي سمعته من تلك المرأة كان لحنا غريبا.. لحنا لا ينطلق من حنجرة إنسان ولا يتردد على لسان إنس، لحن يغنيه مجهول وحده الذي دبر الألحان والذي بث فيها سره وحنينه وجنونه.
قد نتساءل كيف يتسنى لمبدع ينتقل بين مدن أوروبا أكثر من ربع قرن يواظب على الكتابة حول الضد. كأنه ينفذ وصايا عهد قديم؟
يقال إن النقيضين يلتقيان، فالنقيضان يتشابهان، جدل الأشياء، مبدأ الزوال، يشتركان في البعد المفقود، كمبدأ ميتافيزيقي.. وليس كظاهرة.
هل يكتب المبدع عن المكان المرئي، أم يكتب عن مكان آخر خفي استعاري ؟
- للإجابة يجب أن نتأمل العملية الإبداعية نفسها. يجب أن نفهم كيف يمارس المبدع عمله. فنكتشف أن هذا «الساحر» لا يتناول إطلاقا الموجودات في المدى المرئي، بل يفعل الضد تماما. يكتب عما لا يراه. عن العالم الذي يتخيل وجوده رغم علمه بعدم وجوده. يكون قد أنجز المبدأ الذي تعلمناه من ارسطو عن إقناع الآخرين بما لا يُعقل، أصوب من الفشل في إقناع الآخرين بما هو واقعي.
السر الأول إذن هو نفي المرئي في اللامرئي، إعدام الواقع بوسيلة الحلم ؟
لإنجاز هذه الغاية يضطر المبدع الى أن يتصرف في قوانين المنطق، ليخلق منطقا آخر يتجاوب مع عالم جديد انكسرت فيه نواميس المكان، ونواميس الزمان، الرقعة النبيلة المسماة في معجم الديانات : الأبدية.
لو فكرت أن تتناول موضوعا آخر غير الصحراء هل سيكون بنفس التجلي؟
وما هو الموضوع الذي نستطيع أن نكتبه في المدينة ولا نستطيع أن نكتبه في الصحراء ؟ ما دامت الأفكار هي الحياة وهي العالم. أعتقد أني عبّرت عن كل ما يحدث في المدن من خلال الصحراء.
منذ «نزيف الحجر» يحس القارئ أن هناك نوعا من التآخي بين الإنسان وعناصر الكون وعناصر الطبيعة بكل ما عليها، من أين يأتي هذا الإحساس بالحنين وبالرحمة بالأشياء الأخرى من كائنات مختلفة؟
من الإحساس الحميم بالوجود، من الإحساس الحميم بالآخر، الاغتراب عن الدنيا عكس ما يعتقده الكثيرون أنه تنصل من الدنيا، هو رحمة بالدنيا و بأهلها، لا يرحم الناس كما يرحمهم معتزلهم، ذلك الذي خرج عن مسارهم فعل ذلك رحمةً بهم.
في روايتك « البئر» ذكرت أن الرموز هي أشياء الدنيا الموازية لوجود الإنسان ؟
الأكيد أن العنصر الأساسي في هذه الرواية هو « الودان» حامل للمبدإ الميتافيزيقي لهذا البطل، الذي يحاول أن يصطاده ويغتاله ويأكله، هذا نسميه مبدأ الطوطمية. أن يرى أنه حامل لمبدإ السلالة في بعدها التكويني. وفي النهاية الحيوان هو الذي ينقذ الإنسان. يعني الضحية تنقذ قاتلها، أردت أن أعبر عن وحدة الكائنات.
هل تلك الرحمة مكتسب تجربة بالفطرة أم موروث قبلي ؟
علمني أهلي في الصحراء أن كسر بيضة إثم كبير.
في رواياتك غالبا ما نجد الجدة هي التي تروي لحفيدها، هل كان لديك جدة؟
لم أعرف في حياتي جدة على الإطلاق، جدتي هي الصحراء الكبرى، لم يروِ لي مخلوق شيئا باستثناء أمي العظمى الصحراء الكبرى،
يزيح السرد في رواياتك اللثام عن مجموعة بشرية احتجبت دائما وراء اللثام، وهي «الطوارق» لكشف طبيعة الصراع المستحكم بين مجموعة منتخبة لا يخفى امتدادها العرقي والديني؟
السرد يخلق سلسلة من الأساطير التخيلية الخاصة بالطوارق، أساطير تومض ثم تنطفئ، لكنها دائما تنبض بالحيوية والتألق، ومحورها العلاقة الملتبسة والمرتبكة بين الانسان والانسان او بين الانسان المتوحد والحيوان، ولو رتبت تلك الاساطير على وفق أنساق محددة، لشكّلت بمجموعها ما يمكن الاصطلاح عليه ب «ميثولوجيا الطوارق». لكني لم أقصد تقديم تاريخ موضوعي للطوارق. قصدت واستنادا الى منظور ذاتي ابداعي أن ألج عالما جديدا، فض بكارته بعنف وقسوة.
عبر رحلة الكتابة هناك ملحمة اسمها «بيان في لغة اللاهوت» بأي هاجس حققت هذا العمل الذي فيه شيء من الرواية وشيء من البحث في الأديان والميثولوجيا ؟
هي رواية التكوين في واقع الأمر، ففي هذا البيان حقائق مذهلة، لو استطاع أولو الألباب أن يصبروا ويقرؤوا فقط بتمعن وهدوء، صدرت منها ستة أجزاء وهي صعبة قليلا، لذا كتبتها للأجيال، لا أطمع في أن أرى نتائجها في هذا الزمان لأن الناس لا يقرؤون بالذات اللغة العربية. وهذه مأساة بطبيعة الحال. ولكني لا بد أن أنجز هذا العمل لأنه يحمل حقيقة التكوين.
هل هذا جوهر مشروعك المستقبلي ؟
بشكل أو بآخر عملي يأتي في مرتبة أكثر أهمية نسبة للمقاييس الدنيوية لأنها حقيقة الإنسان، علاقة الحضارات القديمة التي انطلقت من مبدإ واحد ومن لغة واحدة ومن مكان واحد،
المحطة الأولى بعد الصحراء كانت كما تسميها الواحة، حيث تعلمت اللغة الأولى بعد لغة الطوارق وهي العربية، وتابعت تعلم اللغات فأنت تجيد تسع لغات. وأيضا ذهبت برحلات في الأديان وتاريخ الحضارات. ماذا كنت تريد أن تعزّز في وعيك ؟
عما يبحث عنه الجميع، عن الحقيقة، ليس هناك رحلة أنبل من رحلة البحث عن الحقيقة.
أنت ترى العالم شبه صحراء حتى لو كان يتألّق بأشكال أخرى مختلفة، أهذا نتيجة إحساسك بالعدمية المطلقة لهذا العالم ؟
يقينا باطل أباطيل وقبض الريح، كما يقول القديس بولس : نحن غير ناظرين للأشياء التي تُرى ولكن الأشياء التي لا تُرى، لأن الأشياء التي تُرى وقتية، أما الأشياء التي لا تُرى فأبدية، الصحراء هي الرديف أو القرين للأبدية دائما، ومحنة التعبير عن الأبدية هي محنة التعبير عن الصحراء، لذا صعبة الكتابة عن الصحراء لأنها العدم الذي يبدع الظاهرة وليس العدم الذي ينفي الوجود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.