عبثا حاول الرئيس اللبناني ميشيل سليمان إقناع الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال لقائهما الأخير بواشنطن بضرورة لجم الانتهاكات الصّهيونية للقرار 1701 وبأنّ السياسة العسكريّة الإسرائيلية في الجنوب اللبناني تمثّل خرقا لكافّة المعاهدات الدولية والمواثيق القانونيّة... سليمان الذي دخل البيت الأبيض مزّودا بالتقارير الأمميّة والشهادات الموثقة والقرائن الدامغة على ضرب تل أبيب القرار 1701 عرض الحائط وجد أمامه رئيسا أمريكيا يرى في الادعاءات والاتهامات الإسرائيلية الجزافية ل»حزب الله» بتكديس الأسلحة وتطوير منظومته الصاروخيّة تحديا أمنيا صارخا يستدعي استنفار كلّ الجيوش المحيطة بمعاقل المقاومة اللبنانيّة قصد ضمان أمن إسرائيل وتشكيل خطوط دفاع عنها في قلب الجنوب اللبنانيّ. خيبة أمل الرئيس اللبناني لم تقف عند تصريحات ساكن البيت الأبيض, فجيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية في شؤون الشرق الأوسط دعّم موقف إدارته بالقول «أنّ هناك اقتناعا دوليا بأنّ سلاح حزب الله غير الخاضع لسلطات الدولة اللبنانية يمثّّل خطرا على لبنان وانتهاكا للقرارات الدوليّة»... هكذا إذن وبتصريحين مقتضبين أغلقت واشنطن الباب أمام سليمان للتطرّق إلى احتلال قرية الغجر أو تغلغل شبكات التجسس الصهيونية في لبنان أو تهديدات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشنّ عدوان وحشيّ على الجنوب... لم ينتظر أوباما الكثير من الوقت لكي يستمع من سليمان قائمة من التحديات التي تفرضها إسرائيل على أمن المنطقة.. لم يستمع بأنّ رفض إسرائيل لتنفيذ حقّ عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين يعدّون بمئات الالاف في لبنان يفرض على بيروت تحديات أمنيّة ومالية واجتماعية وتربويّة كبرى. كما لم ينصت بأنّ بسط إسرائيل نفوذها على مصادر المياه في منطقة الشرق الأوسط سيفرض مواجهة عسكريّة جديدة مدارها المحافظة على مقدّرات الحياة... كما لم ينتظر ليعرف أنّ مواصلة إسرائيل اعتقال الأسرى العرب و«رهن» جثث الشهداء منهم , يزرع في كلّ بيت شهيدا جديدا وفي كلّ ذاكرة إنسانية معاني استرداد الحقّ المسلوب... بيد أنّ الأهمّ من كلّ ما سبق أنّ أوباما الذي استغلّ اللقاء لتسجيل موقف إدارته المتعجرفة فحسب, لم يدرك أنّه أمام رئيس دولة استطاعت أن توائم بين المقاومة والتفاوض وتجانس بين واجب المجابهة وبين استحقاق التسوية، وأن تحتضن أحزابا متباينة إيديولوجيا وطائفيا من دون إقصاء أو إلغاء... من الممكن أن يكون الرئيس اللبناني قد خاب أمله من زيارته لواشنطن، ولكنّ الأكيد أنّ سليمان لم يعد بخفي حنين باعتباره عاد بيقين أنّ لبنان لا يمكنه التعويل على إدارة أوباما ,ولا على الذين يراهنون عليها, لاسترداد حقّه... وأنّ ما أخذ بالقوّة لا يستردّ بالخطابات التاريخية لرجل دخل السياسة بلون بشرته وبأوهام التغيير...