رئيس الحكومة : نحو تنقيح مجلّة الصرف و تضمين أحكام في قانون المالية لفائدة الشباب المبدع    البنك التونسي للتضامن يضاعف تمويلات منتجي التمور إلى 12 مليون دينار    هلاك كهل وانقاذ اخر جرفت المياه سيارتهما..    ابرام اتفاقيات بين جامعات تونسية وجامعة وايومنغ الأمريكية    مبادرة لتنقيح القانون الأساسي لمؤسسة الاصدار.. قراءة اولية    الرابطة الثانية: البرنامج الكامل لمواجهات اليوم من الجولة الإفتتاحية    اليوم تلعب مباريات الجولة السابعة من البطولة الوطنية لكرة السلة    الاطاحة بمروج مواد مخدرة وحجز كمية من مخدر الكوكايين بجهة برج الوزير..    أعلاها 147 مم بهذه الجهة: كميات الأمطار المسجلة خلال 24 ساعة..    اكتشفوا رفاهية العيش في إقامة اللؤلؤة بسهلول 4 – سوسة خلال أيام الأبواب المفتوحة    كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الأخيرة    وحدَه كان كتيبة إسناد    اليوم الذكرى 197 لإنشاء العلم الوطني التونسي    حاجب العيون وفاة كهف جرفت الأمطار سيارته    يا يحي .. خذ القضية بقوة..    وزارة الأسرة: تسجيل 25057 إشعار يتعلق بالاعتداء على الأطفال سنة 2023    عاجل/ مسيرة تستهدف منزل نتنياهو وسماع دوي انفجارات..    تنبيه/ انقطاع التيار الكهربائي غدا بهذه المناطق..    كاتبة الدولة المكلّفة بالشركات الأهلية: الحكومة ماضية قُدما في مأسسة هذا الخيار الاقتصادي    دوري نجوم قطر: فرجاني ساسي هداف مع نادي الغرافة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    اطلاق سراح 12 تونسيا موقوفا في السجون الليبية    بطولة كالغاري الكندية للتنس: عزيز دوقاز يصعد الى الدور قبل النهائي    خامنئي: "السنوار وجه صفعة قوية للاحتلال والمقاومة ستبقى حية"    أزمات "بوينغ" تنعكس على موردة مكونات الطائرات "سبيريت"    "رينو" تكشف عن سيارة كهربائية فرنسية مزودة بتقنية "تشات جي بي تي    أسعار النفط تسجل أكبر انخفاض أسبوعي منذ أكثر من سنة    «لارتيستو» الممثلة آمال سفطة في حوار خاص ب«الشروق» أنا مستعدة للتمثيل حتى في دور شرفي !    كيف سيكون طقس السّبت 19 أكتوبر 2024؟    سوسة: معرض "تحف زخرفية ولوحات فنية'' يحتضن إبداعات 100 شاب وشابة من منظوري المؤسسات الاجتماعية    شنيع بقصر هلال .. استدرج زميله ثم قتله ذبحا بسكين!    عائدات بقيمة 1196 مليون دينار لصادرات المنتوجات الفلاحية البيولوجية    البنك المركزي يتوقّع تحسن النمو الاقتصادي هذا العام    القسط الرابع من القرض الرقاعي الوطني: القيمة والموعد    وزيرة الشؤون الثقافية تستقبل السفير التركي بتونس    الدورة ال28 من المهرجان الدولي للأغنية الريفية والشعر البدوي بالمزونة من 1 الى 3 نوفمبر القادم    عدد جديد من مجلة "تيتيس": كاتب ياسين ... في الذاكرة    تونس : القضاء بنسبة 90% على الباعوض الناقل لحمى غرب النيل    بطولة افريقيا للأندية البطلة لكرة اليد للسيدات: الجمعية النسائية بالساحل في الدور النهائي    بالفيديو: لطفي بوشناق يكشف تفاصيل صدمته وفقدانه النطق    بوتين يدعو عباس للمشاركة في قمة "بريكس"    حركات المقاومة تنعى السنوار وتؤكد استمرار النضال ضد إسرائيل    نقلته اسرائيل الى مكان سري.. ما مصير جثمان السنوار؟    11795 قطعة أثرية قرطاجية في أمريكا ... المعهد الوطني للتراث يكشف    مفتي الجمهورية في زيارة لشركة مختصّة في انتاج زيت الزيتون البكر وتعليبه    وزارة الصحة: تلقيح ''القريب '' يحميك من المرض بنسبة تصل الى 90%    وزير الصحة يبرز ضرورة تعزيز جاهزية المستشفيات العمومية لمواجهة الأمراض الفيروسية    تكريم المطرب الراحل محمد الجموسي في أولى سهرات "طربيات النجمة الزهراء"    سوسة : وفاة امرأة صدمها القطار بمحطة سيدي بوعلي    الرابطة 1: كلاسيكو النادي الافريقي والنادي الصفاقسي يتصدر قمة مباريات الجولة الخامسة    أسعار جديدة للقهوة في تونس: ما الذي سيتغير بداية اليوم؟    نادي الشمال القطري يضم المهاجم التونسي نعيم السليتي    القصرين: حجز 600 كلغ من البطاطا تعمّد أحد التجار بيعها بأسعار غير قانونية    وزارة الصحة توجه نداء هام لهؤلاء..#خبر_عاجل    منبر الجمعة .. الصدق روح الأعمال !    خطبة الجمعة.. الجليس الصالح والجليس السوء    يتزعمها الفحاش والبذيء وسيء الخلق...ما حكم الإسلام في ظاهرة السب على وسائل التواصل الإجتماعي ؟    متوفّر بداية من اليوم: هذه أسعار التلقيح ضدّ النزلة الموسمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكرات سياسي في «الشروق»: الأستاذ أحمد بن صالح وأسرار وخفايا تكشف لأوّل مرّة (94): رغم معارضتي تسميته رئيسا للحكومة، بورقيبة يقول لي كلاما «يوغرُ الصّدور»!
نشر في الشروق يوم 18 - 10 - 2009


حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي
بعد أن نقلت ملاحظة الأستاذ أحمد بن صالح حول ضرورة أن يبقى رئيس الحزب وهو رئيس المجلس التأسيسي، على رأس الجهاز التشريعي يراقب الحكومة، وقد أمضت حكومة الطاهر بن عمار وثيقة الاستقلال، نُقلت بطريقة غير التي أراده منها صاحب المذكرات، بحيث تناهى إلى مسامع بورقيبة، أن بن صالح قد يكون ضدّ أن يتولى «الزعيم» رئاسة الحكومة..
يقول «سي أحمد» بن صالح مواصلا سرد هذه الحادثة، التي سبقت بأشهر، خروجه أو إقالته من الاتحاد في غيابه: «في ذهني، وفي اعتقادي فإن الزعيم بورقيبة، يكون أفضل، إذا بقي على رأس السلطة التشريعية، ومنها يمكنه أن يراقب عمل الحكومة.. ولكن ما حصل من نقاش أو جدل بيني وبين الباهي الأدغم في الاجتماع المذكور الذي حضره عدد من المناضلين في الحزب.. وكان الجدال بيني وبينه فقط، بحيث لم يتدخل أحد من الحاضرين، لتأييد أو لنقد اقتراحي.. وكنت قد أخذت الكلمة عندما طلب مني الأدغم رأيي في الموضوع.. المهم أنه ومن الغد دعيت إلى اجتماع في بيت بورقيبة بالبلفدير، تحت يافطة: الديوان السياسي الموسّع، أي أنه إضافة إلى أعضاء الديوان السياسي للحزب الحرّ الدستوري، والذي لم أكن عضوا فيه، يحضر في «الموسّع» رؤساء المنظمات الوطنية: الاتحاد العام التونسي للشغل والذي كنت على رأس كتابته العامة، واتحاد الصناعة والتجارة.. اما اتحاد الفلاحين فقد أقصي في أزمة الخلاف بين بورقيبة وبن يوسف، على اعتبار أنه محسوب على اليوسفية.
دخلت القاعة، وكان الجميع جلوسا، توسّط بورقيبة الجلسة، وكان يجلس وحده على الأريكة الوسطى والجميع جلسوا حوله على المقاعد الأخرى.. وما إن رآني قال بورقيبة: ها أن «سي أحمد» جاء، وناداني فأجلسني إلى جانبه.. وأتذكّر أن بورقيبة وحين أخذ الكلمة، بدأ يتحدث بطريقة فيها الكثير من التلميح إلى ما وصله عن تدخلي السابق في الجلسة التي ترأسها الباهي الأدغم فقال: يقولون لي سوف تترأس الحكومة (الديوان السياسي عينه) أقول: أنا لست رجل لباس «الجاكيتات» أي «اللباس الرسمي» ولكن إذا ما ناداني الواجب فإني سأقوم بذلك.. وواصل بورقيبة دون انقطاع أو إشارة إلى أنه مضى قدما في الموضوع، موضوع رئاسة الحكومة، وواصل كلامه بالفرنسية من خلال الربط التالي:
et vous allez voir Bourguiba d‘un côté, Ben Salah de l‘autre.. et ça va être formidable
وهنا شعرت بصدمة، لأن كلّ الحاضرين هم أكبر منّي سنّا وأقدم منّي نضالا..
كان «سي أحمد» وهو يورد هذه القصّة بشخوصها وبمواقف المتدخلين فيها، يسردها لأكثر من مرّة بلا تنقيح.. وأضاف: بعد أن انفضّ الاجتماع المذكور، وقد اتخذ القرار طبعا، قبل هذه الجلسة لكي يرأس بورقيبة الحكومة، رجعت إلى المنزل ولكن قبل أن أدخل بيتي، قصدت منزل محمد الرّي (جامعة الشحن والترصيف)، وطلبت منه أن يسمعني، وقد اتخذنا من حديقة منزله مكانا للحديث.. قلت له، اسمعني ولا تقاطعني وقل لي ما هي الفكرة التي تسكنك بعد أن أكفّ عن الحديث، فكان لي ذلك، حيث قصصت عليه كلّ ما حدث معي، من بداية الاجتماع في بيت بورقيبة إلى حدّ انتهاء الجلسة، وقد ركزت على كلام بورقيبة الذي لم أكن في الحقيقة أفهم مقصده الأصلي.. قلت له عندما أكمل كلامي مسترسلا، قل لي ما هو المعنى الذي يسكنك تلقائيا.. وفعلا، ما إن أتممت كلامي حتى انبرى يقول، وبكل صدق: يا أحمد ويعني بذلك، إن كلام بورقيبة وتحديدا الجملة بالفرنسية فيها تمييز لبن صالح على بقية الحضور وجلهم أقدم منه وأكبر منه سنّا ونضالا. إنه كلام يُوغر الصدور!
عندها فقط أحسست أن شيئا ثقيلا رُفع عن صدري.. كان محمد الرّي رجلا ذكيا وفطنا.. وقد فهم أن هذا «ركن يغفر لي»..
وفعلا، بمجرّد ربط الأحداث ببعضها، يمكن اعتبار موقف بن صالح من تسمية بورقيبة على رأس الحكومة، حلقة أخرى من ضمن الحلقات التي قد تكون اعتمدت لتنحيته بتلك الطريقة وفي غيابه من الكتابة العامة للاتحاد العام التونسي للشغل، المهم، سألت صاحب هذه المذكرات، عن الذي حدث بعد الجلسة، وكيف تطوّرت الأحداث، فقال: «.. من الغد، جاءت مكالمة هاتفية من القصر الملكي (قصر الباي) في باردو، وأعلموني، بأن سيارة الباي، سوف تأتي في الوقت الفلاني، لتأخذني أنا وبورقيبة إلى قصر الباي.. وكان البروتوكول، يقتضي، عند امتطاء السيارة، أن أكون أنا على اليمين، لأني النائب الأول لرئيس المجلس التأسيسي، ويكون بورقيبة على اليسار، وهو المترشح لرئاسة الحكومة. وكنت أنا، بصفتي تلك، من سيطلب من الباي، تسمية الحبيب بورقيبة في هذا المنصب.. وصلنا إلى القصر، وجاءنا الأمين باي في خطوات يستقبل الزعيم (بورقيبة) ورئيس المجلس (بن صالح) ثم أخذنا أماكننا، لأطلب أنا من الباي بالقول: إن المجلس التأسيسي يطلب من (سيدنا) ترشيح بورقيبة إلى منصب رئيس للحكومة.. وقبل أن يصل الباي إلى مكانه، توقف وقال لبورقيبة «سي الحبيب»، وقبل الرسميات، «هذاي لازم تحطّه معاك في القُصعة»..
وكان الباي يضع سبّابته اليمنى في وسط كفّ يده اليسرى، وهو يتكلّم عنّي ويخاطب بورقيبة.. وقال له بورقيبة: نعم، نعم وهو كذلك..
فإلى الحلقة القادمة إن شاء اللّه..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.