عاجل/ ايقاف هذا الاعلامي واصدار بطاقة ايداع بالسجن في حقه..    تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية : هذا ما أكده قيس سعيد    حجز مخدّرات بمنزل سليم شيبوب    عاجل: الزيادة في ''الشهرية'' تنطلق من جويلية...وتخصّ هؤلاء فقط    وزير التشغيل يشدد على ضرورة متابعة تقدم انجاز مشاريع التعاون الدولي لتصويب تدخلاتها    عاجل/ تحذير من اعصار كارثي سيضرب شرق هذه المنطقة..    بعد استئناف نشاطه: هل عادت المبادلات التجارية على مستوى معبر رأس الجدير..؟!    زلزال بقوة 5 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    يبلغ من العمر 17 عاما.. وفاة لاعب صيني داخل الملعب    ميسي على رأس قائمة مباراة كل نجوم البطولة الأمريكية    تطوّر جديد يحسم مصير حنبعل المجبري مع مانشستر يونايتد    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    انطلاق التسجيل في خدمة الsms للحصول على نتائج مناظرة السيزيام..    بشرى سارة بخصوص حالة الطقس ودرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة..    انطلاق التسجيل في خدمة الsms بداية من العاشرة صباحا للحصول على نتائج مناظرة السيزيام    عدم عرض مسرحيّة ''آخر البحر'' في مهرجان الحمّامات : فاضل الجعايبي يصدر عهذا البيان    اليوم: انخفاض في درجات الحرارة    وزير السياحة يدعو الى توفير أفضل الخدمات للسائح التونسي    ماي 2024 ارتفاع العجز التجاري الشهري    حدث غير حياتي .. علي بلهوشات ..إدماجي صلب شركة فسفاط قفصة جعل حياتي تسير نحو الافضل    أخبار النادي الإفريقي .. تأجيل الانتخابات والكوكي لتعويض البنزرتي    أخبار الترجي الرياضي .. جدل حول الانتدابات    ألف مبروك .. قبلي...أحمد قدورة في سن 75 سنة يتحصل على الدكتوراه    على باب المسؤول...الى المكلف بتسيير بلدية قرمبالية    من قصص الجوسسة...التردد 109 (حلقة 2) 5 ماي 1973... !    تونس الجميلة .. كسرى.. سحرها لا يقاوم... ومعمارها معجون في الصخر !    واشنطن.. حادثة طعن في إحدى محطات المترو    ألف مبروك .. اسراء السوداني...شغفي بالرياضيات قدَح نجاحي وتفوقي    مظلمة وقهر... حبة الملوك بمكثر...مشاكل عديدة... وحلول منعدمة    قيس سعيد: ركح مسرح قرطاج وركح مسرح الحمامات لم يكونا مفتوحين إلا للأعمال الثقافية الراقية    مهرجان الجم الدولي للموسيقى السمفونية في نسخته ال 37.. 9 عروض أجنبيّة وتونسيّة.. وانفتاح على موسيقى «الجاز» و«البلوز»    حكايات تونسية .. الموروث الشعبي المنسي.. دمّه يقطر بين الوديان (1)    عاجل/ أول تعليق لرئيس الجمهورية على فضيحة ما حصل في حفل راغب علامة بقرطاج..    حفل بهيج للدكتور عبد الحميد بوعتور الأب الروحي لكرّة السلة الصفاقسية بمناسبة إختياره الإحالة على شرف المهنة    القيروان .. نفوق 45 رأس ماعز بسبب دواء فتاك    وزيرة التربية بصدد دراسة رقمنة الامتحانات الوطنية    وزير السياحة يدعو إلى ضرورة تقديم عروض خاصة للسائح التونسي وبأسعار مناسبة    تزامنا مع ارتفاع الحرارة: انقطاع الكهرباء بهذه الولايات    في العدد الثاني من أصوات ثقافية.. بورقيبة يتصدر الغلاف والطاهر الحداد شاعرا    اعادة فتح معبر رأس الجدير رسميا    الكاف: تراجع ملحوظ في المساحات المخصصة للزراعات الصيفية    إنتخاب نور الدين بن عياد رئيسا لمجلس إدارة المجمع المهني المشترك لمنتوجات الصيد البحري    الشركة التونسية للكهرباء والغاز تفتح قباضاتها خلال الصيف من السابعة الى منتصف النهار    كوبا أمريكا 2024: المنتخب البرازيلي يبحث عن نقطة التأهل للدور ربع النهائي أمام منتخب كولومبيا بعد غد    توقّعات جديدة من ليلى عبد اللطيف لشيرين    دراسة تكشف عن وجود علاقة بين فقدان الأسنان وزيادة خطر الإصابة بالسمنة..    فرنسا: مظاهرات ضدّ اليمين المتطرّف    إنجلترا إلى ربع نهائي كأس أمم أوروبا بفوز مثير على سلوفاكيا "فيديو"    الالعاب البارلمبية باريس 2024 – تونس ستكون ممثلة لاول مرة باربعة اختصاصات بوفد يضم 30 رياضيا (محمد المزوغي)    اختتام الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون: تونس تحصد ستّ جوائز    أولا وأخيرا...«دور بغافل»    جربة _جرجيس : 28 ألف سائح يقيمون حاليا بالمنطقة السياحية    عاجل : سحب هذا المشروب.. والسبب مادة خطيرة    1 % من التونسيين مصابون بمرض الأبطن    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الإمارات: خطبة وصلاة الجمعة 10 دقائق صيفاً    ما هو'' التوقيت صيفي '' وكيف بدأ في العالم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول دعم بيت الشعر... مرّة أخرى: البيت يتطلب دعما حقيقيا يستجيب لحيوية مديره.. ولأحلام الشعراء
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005


(1)
في ذاك اليوم من شهر أكتوبر من سنة 1993 كان هناك جمع كبير من المبدعين والمثقفين والشعراء أساسا، الذين اقتحموا الفضاء بأعناق مشرئبة تجوب المكان بأبصارها واعتمالات أحلامها وغبطتها الفائقة.. في ذاك اليوم (13 أكتوبر تحديدا) حلّ الشعراء بفضاء بنهج التريبونال بالحفصية عرف سابقا بدار الجزيري.. طبعا.. هو الآن ومنذ ذلك التاريخ صار اسمه بيت الشعر التونسي.. تعانق الشعراء وتصافحوا كثيرا وتبادلوا التهاني بالميلاد السعيد.
لقد كان بعث بيت للشعر في مدينة تونس العتيقة تحديدا حدثا بارزا لا على صعيد وطني ثقافي فحسب بل على الصعيد العربي يث كانت البادرة تونسية ضمن حرص رئاسي خاص وهكذا تتالت عملية التأسيس عربيا فظهرت بيوت الشعر في الأردن والمغرب والامارات وفلسطين.. وهكذا..(2)
كانت هناك أحلام جمّة، منها جمع شمل الشعراء في فضاء يصلح للنشاط والجدل والحوار الشعري وكان الحلم مشروعا عبر سلسلة من المنجزات المفترضة منها بعث مجلة شعرية وتأسيس خلية للترجمة تعنى بتسويق الابداع الشعري التونسي إلى جغرافيا لغات أخرى وكذلك تنظيم الندوات واللقاءات ودعم الشعراء التونسيين عبر الاهتمام بنصوصهم وحسن تمثيلهم في فعاليات ثقافية شعرية وغيرها خارج حدود تونس سواء من خلال الأسابيع الثقافية المقامة بالخارج مع بلدان أخرى شقيقة وصديقة أو عبر تسهيل مهمات حضور الشعراء التونسيين كلما كانت لديهم دعوات خاصة أو عامة.. إلى غير ذلك من الأحلام التي حلّقت في صحن فضاء بيت الشعر في ذلك اليوم من ذلك العام.
(3)
والآن.. ماذا حصل..
لقد بقيت المبادرة التونسية رغم عنصر الأسبقية، على حالها بالنظر إلى حيوية وحركية وأنشطة بيوت الشعر الأخرى التي ولدت في البلدان العربية التي سبق ذكرها.
صحيح، ان بيوت الشعر الأخرى مرتبطة بمؤسسات ولها موارد مالية وبشرية وإمكانيات هائلة تتيح لها العمل باستمرار ونحن نتابع أنشطتها في الصحف العربية والدولية وعلى شبكات الأنترنات وفي الصفحات الالكترونية والافتراضية.
هذا صحيح.. ولكنه لن يمنعنا من التساؤل عن أحوال بيت الشعر في تونس بعد حوالي 11 سنة من التأسيس.
(4)
إن حالة الفراغ التي أحدثها الفقر الثقافي والتنشيطي باتحاد الكتاب التونسيين جعلت الشعراء يعوّلون أكثر على بيتهم بيت الشعر لذلك كثرت الانتقادات في فترة ما وتعالت الأصوات المنادية بتفعيل «بيت الشعر» في مستوى الأنشطة والاصدارات وجمع شمل الشعراء الذين صارت تحتضنهم مقاهي شارع بورقيبة وخصوصا بعد فشل دار الكاتب في بعث تقاليد ثقافية وتحولت إلى مجرّد مكان للجلوس لكل من هب ودب، وابحث عمّن شئت فستجد الجميع بدار الكاتب إلا الشعراء.. والكتّاب.
(5)
في هذا الوضع المتشرذم الذي عاشته فضاءات مختلفة، كان الأمر مشروعا لكي لا ييأس الشعراء ويواصلوا أحلامهم ببيت للشعر ينسجم مع تطلعاتهم.
لقد كانت تراودني أفكار كثيرة شأني شن نظرائي من الشعراء خصوصا المهذبين والفاعلين الباحثين عن فضاءات للتناقد والتجادل والتواصل وبعيدا عن اضاعة الوقت وافتعال الأوهام، نشدانا للتأسيس والفعل الثقافي العميق وبعيدا أيضا عن التهريج والتفاهة مثلما هو الشأن مع مؤسسة اتحاد الكتاب التي بلغت مرحلة ما بعد الشيخوخة وتحولت إلى العفن بعينه.
هذه الأفكار التي تعانق الطموح والتي عشّشت كثيرا في رؤوس الشعراء، هي قابلة للتصريف في مستوى الانجاز ولكنها بالنظرة الموضوعية سريعا ما تصطدم بصخرة الواقع المؤلم.
(6)
في الحقيقة لم نكن على اطلاع على خفايا هذا «الواقع المؤلم» وكنّا في عدة مرات وعبر ملفات أو محاور تخصّ بيت الشعر في الصحف والمجلات الوطنية، ندلي بدلونا ونهجم على فراغات هذا البيت والاستراتيجيا التي أدت إلى إعاقته وأعدمت فيه النشاط.. أين المجلة.. أين الأنشطة.. أين الترجمة.. أين اللقاءات وأين الحضور العربي والعالمي للبيت.
وكان ينظر إلى تلك الآراء على أساس آخر مجانب للصواب ولكن مع مرور الأيام تأكدت حاجة بيت الشعر لنقد هو ذلك الموجه من قبل مجموعة نبيلة من الشعراء لا تأخذهم الأهواء ولا يتسلّل إلى قلوبهم الحسد والكراهية.
(7)
في الحقيقة، الأمر على غاية من البساطة، فبيت الشعر مؤسسة بإمكانها بعث أندية للترجمة والنقد وتسويق الشعر التونسي خارج تونس وبعث جائزة سنوية وتنظيم الملتقى التونسي للشعراء العرب أو المتوسطين أو الأفارقة أو العالميين، وكذلك بالامكان دعم أواصر الشراكة والتواصل مع بيوت الشعر العربية والعالمية و... و... و... فضلا عن تنظيم اللقاءات الشعرية وتنظيم الأمسيات الدورية والاحتفاء بذاكرة الأحياء والأموات من الشعراء التونسيين والعرب... إلخ.
(8)
بالإمكان فعل كل ذلك وبالتالي يتحول بيت الشعر التونسي إلى منارة من الحياة الثقافية والأدبية ولكن.
لقد كانت فترة بيت الشعر «الأولاد أحمدية» مدمّرة باعتبارها أضاعت في زحمتها الأساس وهو احياء هذا الفضاء وبعث تقاليد في أنشطته بما يقرّب الشعراء من البيت.. ولكن الشعراء هجروه.
لقد صارت التركة ثقيلة وازدادت مقاطعة الشعراء لبيتهم إلى أن جاءت السنوات الأخيرة من فترة الشاعر المنصف المزغني.
(9)
المنصف جاء بتصورات وبمشاريع هي ذاتها تقريبا التي تمّ ذكرها وتفصيلها (في الفقرة السابعة من هذا المقال) وقد سعى إلى تكريسها وبلورتها وفق مناهج علمية، فمن لا يذكر ملتقى الشعراء والنقاد وجها لوجه بالقلعة الكبرى ومختلف الندوات والأمسيات وبعض الكتب التي تخص شعراء تونسيين وعرب؟
كان ذلك عبر سنوات ممتدة خصوصا في الفترة الأخيرة حيث اتضح هذا المجهود..
ولكن..
هذا المجهود الصادر عن نوايا وأحلام وتطلعات ورغبات ومشاريع محفوظة في أدراج الصدر والرأس.. ظلّ منقوصا ومبتورا ولأسباب، تأكد الشعراء فيما بعد.. والآن تحديدا، أنها خارجة عن نطاق الإدارة والمدير.
أعود هنا إلى لكن التي تكررت كثيرا في هذه الكلمات لأبيّن أمرا مهما وهو التالي:
المنصف المزغني معروف بسعة حيويته وخياله وجانبه العملي إلى حدّ الارهاق فهو يعمل بلا كلل ولا ملل ولديه كل تلك الأحلام التي ينقلها إليه بأمانة ونقد الشعراء باعتباره مديرا لبيتهم الأول في تونس وبالتالي فإن المسألة في خلاصة الأمر مسألة امكانيات وامكانيات فقط.
فبيت الشعر يتطلب أموالا لكي يحلّق بأجنحة غير منكسرة ويعانق سماء الشعراء والشعراء في هذا الأفق التونسي والعالمي وهو يتطلب إمكانيات لوجيستيكية لا تقل قيمته عن المال من ذلك حافلة صغيرة للتنقل وإقامة الأنشطة في الجهات وغير ذلك.
وللحقيقة فالمطّلع على واقع امكانيات بيت الشعر، يصاب بالصمت وبالخيبة بل ويستحي لاحقا من الحديث والكلام كلّما تعلّق الأمر بهذا البيت.
(10)
شخصيا.. والآن، أقول للمنصف المزغني أعانك اللّه.. (ويعطيك الصحة) بل وسيظل عملك الشاق هذا، ضربا من التعب الجميل بل وضربا من ضروب التعنّت المنهجي في إدارة هذا البيت في مشهد شعري يشهد حيوية في مستوى قضاياه وأسئلته واشكالاته.
المطلوب من وزارة الثقافة، دراسة هذا الأمر ورصد دعم ملائم للبيت وللساحة الشعرية ولطموحات شعراء تونس وبالتالي مصالحة الشعراء مع فضائهم الذي بعث لأجلهم ولأجلهم تحديدا.
(11)
بعد نقدنا المتواصل لبيت الشعر وبرامجه المتواضعة، سابقا، نرى أنه لابد من دعم حقيقي لهذه المؤسسة الأولى عربيا وكذلك تناسقا مع فكرة التأسيس التي يعلم الجميع أنها رئاسية.. فهل يعقل ان تكون ميزانية بيت الشعر لا ترقى إلى ميزانية دار ثقافة في حين كان لابد من النظر إلى هذه المؤسسة الشعرية بعين كبيرة باعتبارها حاضنة للشعر وللشعراء ولابد من معادلة النظر إليها ثقافيا وماليا واعتباريا على غرار بيت الحكمة أو غيرها من مؤسسات وزارة الثقافة.
(12)
لا نريد للشعراء أن ترهقهم أحلامهم فمرادهم كبير وما دامت مؤسستهم الأولى على هذا التواضع من الامكانيات فسيظلون على هذا الجفاء معها.. نحن لا نريد هذا الأمر.. فقط، مدير البيت على دراية بالأمر ويعرف المتطلبات الحقيقية وعلى الوزارة أن تتفاعل وهذه أبسط أحلام الشعراء.. وبيتهم..؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.