المنعطف قبل الأخير من مشوار النجم الساحلي في بطولة كأس الكؤوس الافريقية كان صعبا وعسير الهضم لا لشيء سوى أن الوداد البيضاوي المغربي تمسّك أول أمس بكل ما يملك من امكانات للخروج من هذه المواجهة بأقل التكاليف الممكنة، ولم يكتف بالدفاع والمرابطة خلف أسواره مثل ما تعودنا بل أظهر حقيقة نواياه من خلال نسج عدة عمليات هجومية خطيرة وهو أمر طبيعي وبديهي ولكن بداهته جعلتنا نستخلص معادلة طالما تأكدنا من صحتها، هي أن الفرق التي تحافظ على تواجدها حتى الدور نصف النهائي من الكؤوس الافريقية لا يمكن أبدا الاستهانة بها فضلا على كون الوداد البيضاوي حامل اللقب في الموسم الماضي وعلى رأسه مدربا يملك كل كبيرة وصغيرة عن النجم الساحلي. وقفنا على هذا الأمر في مباراة مساء أول أمس حيث شاهدنا فيها الوداد البيضاوي يفسد جانبا من حسابات النجم ويعيد الى أذهان جماهيره السؤال حول كيفية القبض على أسبقية الذهاب دون انتظار حصاد الإياب، وإلا كيف نفسّر ضياع ما لا يقلّ عن أربع فرص تهديف واضحة وضوح الشمس في كبد السماء وكيف نفسر اكتفاء النجم بثنائية قد لا تبعد عنا نهائيا شبح الخشية من مباراة الإياب بالدارالبيضاء. منافس خطير مثلما كان منتظرا لاح فريق الوداد البيضاوي صعب المراس بل مكتمل الخطوط وصلبا في الدفاع ومتماسكا في الوسط وخطيرا في الهجوم.. في الدفاع يعرف كيف يحد من خطورة مهاجمي النجم مع انتهاج فخ التسلل والمراقبة الفردية لأبرز العناصر مع الاعتماد على الهجومات المعاكسة السريعة منهجا لإعادة النجم الى مناطقه الخلفية فضلا عن تكثيف التواجد في القطاع الأوسط مما أجبر عمار السويح على استنباط حلول بديلة خاصة منها الفردية جاءت لتؤمن النتيجة المطلوبة وهي الوصول الى شباك المنافس دون قبول أهداف. تعقيدات بحث النجم الساحلي كما هو معلوم في لقاء مساء الأحد الماضي عن فارق مطمئن ليكون له بمثابة صمام أمان قبل وأثناء لقاء العودة بعد أسبوعين في المغرب دفع بزملاء ابراهيما كوني إلى الافراط في التسرّع والتعامل مع الكرة بشكل فيه من التعقيد الشيء الكثير وهو ما مكّن الوداد البيضاوي بنتيجة كادت تكون أثقل وهو الهدف الذي رسمه النجم لنفسه منذ البداية لولا اهدار فرص لا تحتاج إلا لمن يتعامل معها بأسلوب السهل الممتنع. حقيقة ثابتة النجم الساحلي تعب كثيرا في هذه المقابلة قبل أن يجد الثغرة وبحث كثيرا عن الحلول ولكنه اصطدم بدفاع مغربي أشبه ما يكون بالديناميت وبحارس تفنن في تكسير نسق اللعب.. النجم عمل بلا هوادة حتى بعد ضياع عديد الفرص السهلة التجسيم وتشنج أعصاب جانب من أحبائه إلا أن قوة شخصية اللاعبين وحضورهم الذهني والبدني والتكتيكي ساعدهم على تجسيم تفوقهم الميداني نحو شباك الحارس نذير لمياغري، وكما ذكرنا من قبل حال التسرّع والتفنن في اهدار تمريرات زبير بية الثمينة في كسب النجم الساحلي لنتيجة أعرض لا تقل عن ثلاثية تكون كافية لحسم ورقة الترشح منذ جولة الذهاب. وهنا يكفي أن يعيد كل من أيمن بوشهيوة وصابر الطرابلسي ومجدي تراوي مشاهدة شريط المباراة ليندهشوا قبل غيرهم من الكيفية التي تمّ بموجبها التفريط في أهداف كم هي سهلة التجسيم. عزيمة استثنائية الانتصار على الوداد البيضاوي حتى وإن تمّ بصعوبة غير منتظرة فإنه يحسب لكامل المجموعة التي لعبت بروح قتالية وعزيمة لم نعهدها من الفريق في بداية هذا الموسم، لاعبو النجم كانوا في مستوى الحدث وقيمة الرهان، انطلاقا من الدفاع الذي استبسل كما يجب بقيادة الحارس أوستين مرورا بوسط الميدان وغزارة عطاء أحمد الخاص وابراهيما كوني وزبير بية وصولا الى الهجوم رغم أن عناصره أهدرت كما أسلفنا الذكر فرصا لا يجوز إهدارها أمام الوداد البيضاوي. شريط الدقائق الساخنة دق. 27 : أول عملية أحرجت خط دفاع الوداد من خلال مخالفة مباشرة نفذها زبير بية باتجاه رأس أيمن بوشهيوة والمدافع هشام اللويسي يبعد الكرة الى الركنية. دق. 33 : ركنية نفذها محمد الميلادي باتجاه أيمن بوشهيوة إلا أن تدخل الحارس المياغري وزميله المدافع خالد خاصة كان غير شرعي حسب الحكم الموريسي كيم لي شونغ الذي لم يتردد في الاعلان عن ضربة جزاء حولها محمد الميلادي الى هدف (1 0). دق. 45 : توزيعة مليمترية من محمد الميلادي باتجاه أيمن بوشهيوة تجاوزت مدافعي الفريق المغربي إلا أن مهاجم النجم أخطأ توقيت وصول الكرة لتضيع فرصة واضحة وسهلة لتضعيف النتيجة. دق. 49 : هجوم معاكس سريع للوداد البيضاوي من الجهة اليمنى عن طريق بوجمعة نصاب إلا أن تصويبته وجدت الحارس أوستين في طريقها قبل أن تخرج الكرة ضائعة. دق. 60 : إمداد رائع من زبير بية باتجاه مجدي تراوي وضع هذا الأخير في موقع ممتاز لتضعيف النتيجة إلا أن تصويبته لم تكن مؤطرة لتضيع فرصة هدف محقق. دق. 71 : هفوة دفاعية كادت أن تكلف خط دفاع النجم هدف التعادل لولا التدخل الرشيق للحارس أوستين الذي حوّل الكرة ببراعة الى الركنية اثر تصويبة دقيقة للمهاجم قصاب. دق. 72 : زبير بية يضع كرة على طبق أمام المهاجم صابر الطرابلسي الذي رغم موقعه المناسب صوّب خارج المرمى بقليل. دق. 75 : مخالفة مباشرة نفذها لاعب الوداد جون جاك غوسووا الحارس أوستين يبدع مرة أخرى في انقاذ مرماه من هدف التعادل وتحويل الكرة الى الركنية. دق. 78 : صابر الطرابلسي يجهض فخ التسلل وينطلق وجها لوجه مع حارس الوداد إلا أن رفعه للكرة باتجاه الشباك الخالية لم يكن موفقا مفوتا على فريقه هدفا محققا. دق. 90 : أحمد الحامي يضاعف النتيجة اثر تبادل كروي ممتاز فتح ممرا في دفاع الوداد مكن النجم من تسجيل هدف الاطمئنان (2 0). غضب على السويح!؟ أمام تماسك فريق الوداد البيضاوي في الدفاع وقيامه ببعض المحاولات الهجومية الخطيرة نسبيا واحتفاظه بالكرة ربحا للوقت صدرت من هنا وهناك أصوات تنادي المدرب عمار السويح بالتغيير.. تغيير من؟ تغيير ماذا ؟ هنا نقول أن مشكلة بعض الأحباء أنهم لا يفقهون الكثير في الكرة وشؤونها ومتطلباتها، وما نقوله ليس دفاعا عن السويح بل هو عين الحقيقة.. فعمّار السويح اختار ألا يجاري الوداد البيضاوي في أدائه لأسباب عديدة أهمها أن لاعبي النجم واقعيون.. همّهم الفوز بعيدا عن الحركة الفنية الزائدة أو الاكثار من تبادل الكرة الذي يترك للوداد الوقت اللازم للإلتفاف حول دفاعه وإبعاد الخطر عن مرماه. عمار السويح وحسب اعتقادنا اختار الطريق الصحيح وهو الأداء المباشر وليس ذنبه أن يضيع المهاجمون فرصا سهلة جدا. مهمة صعبة في "كازا" بقدر يقيننا أن النجم حقق نتيجة إيجابية ومطمئنة الى حدّ ما في أعقاب لقاء الذهاب هذا فإننا لا نشكّ قيد أنملة أن مقابلة أول أمس قد كشفت للجميع عن مدى قوة وصلابة الوداد البيضاوي وأكدت أيضا أن جولة الإياب ستكون صعبة وأن مهمة زملاء محمد الميلادي ستكون شاقة وهو ما يستوجب أخذ الاحتياطات اللازمة ولو أن النجم خبير في التعامل مع مثل هذه المواقف. لا خوف على النجم بالرغم من الاكتفاء بثنائية نظيفة في وقت كان بالامكان أحسن مما كان فإن المنطق قد يطمئن الجميع على ورقة الترشح الى الدور النهائي لأنه من الصعب جدا أن يقبل دفاع النجم ثلاثية خارج قواعده بل ان الهجوم قادر مع عودة أوبياكور من التهديف في الدارالبيضاء بالذات مثلما فعل النجم سنة 1999 ضد نفس الخصم وأكيد أن سيناريو مقابلة الإياب سيكون جاهزا في ذهن الاطار الفني. برافو للجمهور الاجتماع الاخباري الذي عقده رئيس الجمعية السيد عثمان جنيح يوم الجمعة الماضي مع الأحباء ورؤساء الخلايا فعل مفعوله واستجاب الجمهور لنداء رئيس ناديه وحضر بأعداد غفيرة.. هذا الجمهور يستحق ألف تحية لحضوره المتميز ومساهمته الفعالة في حصول هذا الانتصار.. لقد بان بالكاشف أن هذا الجمهور لو يواصل الحضور بمثل هذه الكثافة العددية سيمثل هذا الموسم نقطة قوة جديدة لصالح فريق جوهرة الساحل.