أصبحت رواندا مركز اهتمام العالم خلال السنوات الماضية بفضل النقلة النوعية التي عرفتها الدولة، بانتقالها من الفقر والمجاعة وشبح الإبادة الجماعية الذي راح ضيحتها ما يقارب المليون نسمة، إلى مركز للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيثُ أصبح يطلق على رواندا في الآونة الأخيرة لقب “سنغافورة إفريقيا” نظراً لنموها الاقتصادي المتواصل، وسعيها لأن تصبح مركزا تجاريا إقليميًا في منطقة شرق إفريقيا. وقبل نحو25، كان الروانديون يعيشون أسوا كوابيسهم بعد حرب أهلية شرسة اشتعلت خلال الفترة ما بين 1990 و1994، بين قبيلتي “الهوتو” و”التوتسي”، أغرقت البلاد ودمرتها وأنهكت اقتصادها حتى بات متوسط دخل الفرد السنوي لا يتجاوز 30 دولارا،وهرب المستثمرون وأغنياء البلد وشبابها وكفاءاتها، فخسرت رواندا ثروتها البشرية، حتى باتت خالية من الكفاءات والطاقات والأموال، وتحتاج لمعجزة لتنفذي نقلة اقتصادية . من الإبادة إلى التنمية الاقتصادية سنة 2000 آمن لبول كاغامه الرئيس السادس والحالي لجمهورية رواندا بهذه المعجزة لحظة استلامه السلطة من الرئيس السابق بيزي مونجو، وحمل معه رهانين أساسيين، توحيد الشعب الراوندي الذي عاش انقسامات عديدة وانتزاع بلاده من الفقر فأقرّ دستورا يلغي الفوارق العرقية وشكّل حكومة أخذت فيها النساء نصيبا وافرا وقام بمجهودات جبارة في الجانب التعليمي عبر تثقيف الشباب، إضافة إلى الاهتمام بالجانب المعلوماتي والتكنولوجي ورقمنة الاقتصاد وذلك في إطار مشروع إصلاح اختار له اسم رؤية 2020. فهم بول كاغامي ومن خلاله الروانديون أن مسار التفرقة والعنصرية لن يؤدي بهم سوى إلى مزيد من الدماء والحروب والتراجعات، فاختار مسار الوحدة والتنمية والمعرفة. فوضعت الحكومة الرواندية خطة لتطوير الزراعة، وجلبت خبراء أجانب لأجل ذلك، وأنشأ شبكة هاتفية للمعلومات الزراعية ومكتباً للتصدير ونقل المحاصيل، ووفرت الأسمدة بأسعار رخيصة، ومعداتٍ زراعيةً للتأجير بأسعار مشجعة. كما أسست الدولة مجلسا استشاريا للاستثمار والتطوير، كان أعضاؤه من الروانديين ذوي الكفاءات العليا والمنتشرين في مختلف دول العالم. وألغت رواندا التأشيرة لجميع الأجانب، سواء أكانوا أفارقة أم أوروبيين أم غيرهم، وهذا ما جعل العاصمة كيغالي أكثر العواصم الأفريقية استقبالاً للسياح الأجانب حالياً، بالنظر إلى هذه التسهيلات وسلاسة الإجراءات في مطارها استطاعت رواندا تحقيق المعجزة واصبحت الدولة الّتي تضمّ 11.6 ملايين نسمة، قبلة للعديد من المستثمرين الكبار، فالبلد يقدم مناخا آمنا للاستثمار، حيث تخلق في رواندا أزيد من 10 آلاف شركة سنويا،و بات اقتصادها الأسرع نمواً في أفريقيا خلال السنوات الأخيرة، وتضاعف نصيب دخل الفرد من ناتجها المحلي إلى 30 ضعفاً، وأصبحت واحدة من أهم وجهات المستثمرين والسياح بالعالم، إضافة إلى كونها الأولى فيما يخص سياسات محاربة الفساد والريع إفريقيا، ما جعلها تتربع على رأس دول القارة السمراء من حيث أقل نسبة فساد. وبحسب تقرير حديث لمنظمة دول تجمُّع السوق الأفريقية المشتركة (الكوميسا)، فإن رواندا واحدة من الدول الأفريقية الرائدة في مجال النمو الاقتصادي، وقد شهدت التطور الاقتصادي الأكبر على مستوى العالم منذ 2005. وخلال الفترة بين عامي 2000 و2015، حقق اقتصاد رواندا نمواً في ناتجه المحلي بمعدل 9% سنوياً. رواندا ..تصنع اول هاتف افريقي أول أمس الاثنين، استطاعت رواندت اطلاق أول هاتفين ذكيين يصنعان بشكل كامل في افريقيا، لتحقّق انجازا رونديّا جديدا بعد أن أطلقت مجموعة مارا MARA التكنولوجية من رواندا، هاتفين ذكيين ووصفتهما بأنهما أول طرازين يصنعان بشكل كامل في أفريقيا “صنع في أفريقيا”: وقال أشيش ثكار الرئيس التنفيذي لمجموعة مارا إن الشركة تستهدف العملاء المستعدين لدفع المزيد مقابل الجودة. وأضاف: الشركات تقوم بتجميع الهواتف الذكية في مصر وإثيوبيا والجزائر وجنوب إفريقيا ولكنها تستورد المكونات “نحن في الواقع أول من يقوم بالتصنيع. نصنع اللوحات الأم واللوحات الفرعية خلال العملية برمتها. هناك أكثر من ألف قطعة في الهاتف”. وقال ثكار إن المصنع تكلف 24 مليون دولار ويمكن أن يصنع 1200 هاتف يوميا. عاصمة متطورة تحصلت عاصمة رواندا كيجالي على مجموعة من الألقاب من بينها الأكثر أمنا في إفريقيا والأنظف بين عواصم إفريقيا، وأيقونة التنمية الإفريقية الحديثة إضافة إلى احتضان المدينة لمجموعة من الملتقيات الاقتصادية وقمم الاتحاد الإفريقي، وهذه مؤشرات تدل على أنها مدينة متطورة، وتحقق السياحة وحدها 43 في المئة من الدخل الإجمالي للبلاد.