في نهاية أسبوع مليء بالأحداث السياسية السّاخنة، أعلن مكتب مجلس الشّعب أنّه سيتمّ عرض التحوير الوزاري على الجلسة العامة يوم الاثنين 12 نوفمبر 2018. وذلك بعد مسار من المشاحنات والنّدوات الصحفيّة والتّصريحات والبيانات. وتبدو الخارطة الجيوسياسيّة ما بعد المصادقة على الحكومة الجديدة، واضحة نوعا ما، بعد أن أعلنت الأحزاب مواقفها من التحوير الحكومي وقرارها بشأن وجهة التصويت في جلسة منح الثقة تحت قبّة البرلمان. وقد أظهرت الأشهر الأخيرة أنّ رئيس الحكومة يوسف الشّاهد شكّل حزاما سياسيا حوله، ليضمن عدم إعادة سيناريو الحبيب الصيد، رئيس الحكومة السابق، معه. وكانت نواة هذا الحزام كتلة الائتلاف الوطني التي تضمّ المستقيلين من كتل النّداء وآفاق تونس ومشروع تونس ونواب مستقلين، اضافة إلى تحالفه مع محسن مرزوق رئيس حركة مشروع تونس الذي أعلن دعم كتلة الحرّة للحكومة والتزم بمنح الثّقة للشاهد. حركة النّهضة، بدورها رفضت إعادة سيناريو الحبيب الصيد، خاصّة وأنّ بلادنا تمرّ بظرف صعب، ولا مجال للمغامرة السياسيّة فيه. حيث أعلن رئيس الحركة، راشد الغنوشي رفض “المغامرة” بإسقاط الحكومة الحاليّة واعادة بناء حكومة كاملة قبل انتخابات 2019 بأشهر قليلة. نداء تونس، حزب رئيس الحكومة والممثّل ب14 عضوا في حكومة الشّاهد بين وزراء وكتّاب دولة، أعلن رفضه التّام لأي حكومة يكون رئيسها يوسف الشّاهد، وأصدر نداء تونس بيانا يوم 08 نوفمبر طالب فيه وزراءه بالانسحاب فورا والاستقالة من حكومة الشّاهد. وأوضحت أنس الحطّاب النّاطقة الرسمية باسم النّداء، أنّ كتلتهم البرلمانيّة لن تمنح الثقة للشاهد وستعمل على تجميع أكبر عدد ممكن من النواب لإسقاط الحكومة. وفي السياق ذاته، اعتبر المكتب السياسي لحزب آفاق تونس في بيانه الصادر يوم 08 نوفمبر، أنّ التحوير الحكومي الأخير فشل في بعث مؤشرات ايجابية لمعالجة الأزمة الاقتصادية الحادة. وأضاف أنّه لم يلبّ الحدّ الأدنى من التقييم الموضوعي على مستوى معيار الكفاءة خاصة أنّ التحوير لم يشمل الوزارات المعنية بالشأن الاقتصادي رغم ضعف أدائها. واتّسمت مواقف المعارضة تزامنا مع الفترة الصّعبة التي تمرّ بها بلادنا، بالسلبيّة المطلقة، حيث لم تقدّم موقفا من التّحالفات الجديدة ولا موقفا من الصّراعات النّاشئة بين السّبسي الابن ورئيس الحكومة يوسف الشّاهد. وقد صرّح أحمد الصديق، رئيس كتلة الجبهة الشعبية في البرلمان، خلال استضافته في احدى البرامج التلفزية، أنّ ما يحدث اليوم من تجاذبات سياسيّة أمر لا يعنيهم وأنّ نواب الجبهة لن يمنحوا الثقة لحكومة الشّاهد. التيّار الديمقراطي أيضا، لم يبد موقفا استثنائيا يخصّ المرحلة الحاليّة، وتشارك مع الجبهة الشّعبيّة في غياب الحلول والمبادرات لحلحة الأزمة. وبالرّغم من الظّرف الصّعب الذي تمرّ به البلاد، بدت أحزاب المعارضة وفي مقدّمتها الجبهة الشعبية غير قادرة على التخلّص من أعبائها الأيديولوجية، فرهنت نفسها وخياراتها في مربّع ضيّق لا هدف له سوى مخاصمة حركة النهضة دون الغوص في المشاكل العميقة للبلاد، وهو ما جعلها غير قادرة على تقديم تصوّر عملي يجعل الناس يتجنّدون حولها أو يدافعون عن مشاريعها. ويجدر بالذّكر، أنّه رغم اتّفاق الجبهة الشعبية ونداء تونس على عدم منح الثّقة لحكومة الشّاهد، إلا أنّه حسابيا، وحسب تصريح وليد الجلاد، النائب عن الائتلاف الوطني، يوجد ما لا يقلّ عن 125 نائبا سيمنحون الثّقة للشّاهد، وأنّ الحكومة ستمرّ بأغلبية مريحة في نهاية الأمر.